روبرتاج

معالم أثرية، مناظر طبيعية جذابة وقصور تستهوي الزائرين

السياحة بولاية النعامة

أشرف والي ولاية النعامة على انطلاق فعاليات إحياء اليوم الوطني للسياحة الذي جاء هذه السنة تحت شعار “إعلام هادف لسياحة رائدة”، شمل برنامج الاحتفال عدة محطات، حيث أكد والي النعامة ” لوناس بوزقزة” أن ترقية السياحة الداخلية تساهم في دفع عجلة التنمية، وتعد محركا للاقتصاد الوطني وتساهم في خلق فرص للعمل.

كما أن جنوب الولاية يتمتع بمؤهلات وثروات سياحية طبيعية وتراثية وتاريخية وثقافية تعد مكسبا يجب تطويره والدفع به، لجعل هذه الفضاءات قطبا سياحيا رائدا على المستوى الوطني والدولي وذالك بالترويج للمؤهلات.

اكتشاف متحجرات بقايا الديناصورات لأول مرة

تم اكتشاف متحجرات بقايا الديناصورات لأول مرة في الجزائر في أكتوبر 2001، حيث تم اكتشاف 20 موقعا بمنطقة رويس الجير التابعة لبلدية صفيصفة بالنعامة، وقد باشر الباحثون في تعداد وتصنيف هذه الاكتشافات مع تسجيل عملية إنجاز مشروع متحف للديناصورات التي انقرضت منذ أكثر من 175 مليون سنة، أما النقوش الصخرية فتوجد أكثر من 180 محطة بالنعامة وتستحوذ بلدية مغرار لوحدها على 100 محطة، بينما توجد 40 محطة بالعين الصفراء و25 بعسلة و15 بصفيصفة، إلا أن الملاحظة المسجلة خلال معاينتنا لهذه المحطات هو الإهمال واللامبالاة التي طالت هذه الكنوز.

يتنوع المنتوج السياحي بولاية النعامة من نقوش صخرية وقصور ومتحجرات ووعدات وحمام عين ورقة المعدني، بالإضافة إلى الصناعات التقليدية والأكلات الشعبية والتي يبقى عددا منها بحاجة إلى الاهتمام. هذا، ويعود تاريخ اكتشاف النقوش الصخرية والتي تعتبر من روائع الفن البدائي العالمي إلى 25 أفريل 1847 من طرف المستعمر الفرنسي، وكان أول هذه الاكتشافات هي جدارية منقوشة موجودة بتيوت، وفي نفس السنة اكتشفت النقوش الصخرية في الأطلس الصحراوي، ويقدر رصيد الولاية من نقوش التي تبقى بحاجة ماسة للاهتمام بها، حيث لاتزال تعرف المواقع الأثرية وضعا مزريا بسبب ما اقترفته يد الإنسان من تخريب وتحريف لبعض رسوماتها.

النقوش الحجرية بتيوت ذاكرة حية شاهدة على تاريخ المنطقة

هذا، وأصبحت ولاية النعامة في الآونة الأخيرة محل اهتمام السياح والتي تتميز بمناظر رائعة من جبال صخرية وكثبان رملية، لها عدة صبغات تتغير بالتغيرات القوية للضوء على امتداد طول النهار، كما تتزين السهول العليا بكثرة نقاط الماء من بحيرات وسبخات، وكذا بجبال صخرية ذات ألوان سحرية وفي أقصى جنوبها جبال القصور الشامخة التي ترتدي قممها ثوب ناصع البياض من الثلج، وهو ما أثار انتباه ذوي الاختصاص لجعلها قطب سياحي هام.

وفي هذا الشأن، أشار لنا المختصون أن المعالم الأثرية هي مهددة بالزوال، وهذا إن لم تسارع السلطات المعنية لأجل حمايتها، وعلى الرغم من أن الولاية تراهن على جعلها منطقة جذب سياحية، إلا أنها أظهرت عجزا في حماية تلك المعالم الأثرية التي بها رسومات حجرية، حيث أصبحت في الآونة الأخيرة عرضة للعديد من محاولات التخريب أتلفت بفعل الخدوش التي شوهت وحرفت المعاني الدالة على المكان والزمان، وما تبقى منها يعاني التآكل بفعل الحت الذي أتى على بعض تلك الآثار والنقوش التاريخية.

وقد أبدت العديد من الجمعيات أسفها مما يحدث، فيما استغرب السياح وقاصدو المكان صمت السلطات عن مثل هذه السلوكات، وعدم توفير الحماية اللازمة لها وأمام تزايد هذه الظاهرة وخشية أن تزداد وضعية هذه المعالم الأثرية تدهورا.
هذا وألقى بعض جمعيات المنطقة وأنصار البيئة على كاهلهم مسؤولية زيارة المواقع الأثرية وباستمرار، لمسح التشويهات التي يخلفها بعض الزوار، خاصة منها الكتابات وبواسطة الطبشور وأقلام الرصاص وذلك حفاظا على ماء الوجه، والشيء الذي يجر إلى التفكير الجدي في ضرورة إنقاذ هذه الكنوز التاريخية والثقافية وتعزيزها لحماية هوية وثقافة هذا المجتمع ومحاولة بعث ديناميكية سياحية جديدة وتجاوز الالتفاتات المناسباتية مع إعطاء فرص للاستثمار السياحي بالمنطقة لإخراج ساكنيها على الأقل من حالة الفقر والبؤس.

سكان قلعة الشيخ بوعمامة يطالبون بترميم الأبراج

تعتبر قلعة الشيخ بوعمامة بمغرار من بين مكنوزات المنطقة ومخزون تاريخي وسياحي والمدعمة بأبراجها الشهيرة التي بناها رمز المقاومة بالمنطقة الشيخ بوعمامة، وكان عددها يفوق 32 برجا تاريخيا ولم يبق منها بعد الاستقلال إلا 22 برجا ليتقلص عددها فيما بعد ليصبح 05 أبراج فقط، من بينها البرج الرئيسي وأربعة أبراج أخرى ثانوية.

وأمام هذا التقلص المستمر لثوابت هذه المنطقة الدالة على وجود وحاضر الجهة، طالب السكان الأصليون للقلعة بالتفاتة أهل القطاع ورعاية وصيانة وترميم هذه المعالم وإحيائها قبل زوالها بصفة نهائية.

مواقع أثرية وطبيعية بحاجة إلى استغلال

تعتبر النعامة نقطة عبور للعديد من السواح خلال رحلاتهم باتجاه منطقة الساورة وفورارة، حيث لاتزال المنطقة تحتفظ بمواقع جذابة جعلتها تظهر كمقصد ملائم للسواح الباحثين عن الراحة واكتشاف مواقع خلابة. فالقصور هي الذاكرة الحية للسكان، حيث يعود ظهورها بالمنطقة إلى القرن 15 وهي قرى تمتاز بأبراج دفاعية تتخللها واحات من النخيل ويتكون سكانها من العرب والبربر ولكل عاداته وتقاليده وصناعته، ولقد تبين من خلال الحفريات أن القصور كانت موجودة قبل ظهور الإسلام وشيدت من طرف السكان الأصليين وهم البربر ومن أهم هذه القصور: مغرار، قصر الشيخ بوعمامة، قصر تيوت، قصر عسلة وقصر صفيصفة.
و لعل من أهم المحطات الحموية نجد حمام الورقة الشهير الذي يقع بدائرة عسلة، هذه المحطة المعدنية معروفة بمياهها الاستشفائية إذ تصل طاقة الاستقبال إلى 220 زائرا، مما يجعلها نقطة انطلاق لتطوير السياحة ويوجد بحمام عين ورقة بيت للشباب وبنقالوهات، حيث يخضع الحمام للاستغلال من طرف السكان المحليين القائمين على خدمة الوافدين من أجل الراحة والاستجمام قصد الاستشفاء بالمياه المعدنية. كما يوجد بالحمام بحيرة بها نوع من الأسماك النادرة وجبل مشهور بطبقاته الجيولوجية ذات الشكل العمودي.
ومن أشهر الوعدات الموسمية في النعامة هي وعدة سيدي أحمد المجدوب، التي تعقد في آخر الأسبوع الثاني من كل سنة في شهر أكتوبر، وهي فرصة لتلاقي والاستمتاع بالفنتازيا، وكذلك هي بالنسبة لأحفاد سيد أحمد المجدوب بمثابة الموعد للإعلان عن الخطوبات والتزويج وحل الخلافات والنزاعات العالقة وكذلك مجلس لاتخاذ القرارات بخصوص أمور كل فرد ينتمي لعرش المجاذبة.

كما تعرف ولاية النعامة أيضا باحتفالات موسمية أخرى عديدة مثل وعدة سيدي عيسى بعين بن خليل ووعدة أولاد سيدي الحاج بقصر مغرار، وعدة سيدي بلال بالمشرية والمميز أكثر في هذه الأعياد المحلية هو الأكلات الشعبية الشهيرة والمتنوعة.
أما الأكلات الشعبية لدى أهل حميان والقصور بالنعامة، فهي متنوعة الأذواق والألوان نذكر منها 15 أكلة أشهرها المعكرة، الزريزري، الرفيس، البغرير، المبسس ومن التراث الثقافي فتمتاز الولاية في ميدان الرقص (بالعلاوي الحيدوس المعروف بالصف – رقصة الديوان).
تمتلك ولاية النعامة من الصناعات التقليدية والتراث الثقافي ما يجعلها رائدة في هذا المجال، ونذكر منها صناعة النسيج المتمثلة في الزرابي، الجلابة الصوفية والبرنوس (الهدون والسلهام) والأغطية الصوفية المختلفة الألوان والوسادات، أما خيم أهل المنطقة فتصنع من الشعر والصوف وحتى لا يبقى من السياحة إلا الإسم، خاصة وأن مفهوم السياحة أصبح يتلخص لدى العديد من المشرفين على هذا القطاع الحساس في عمليات “البريكولاج”.

وتناسينا الأثر الاجتماعي والاقتصادي لأن التطور والنهوض به يبعث إلى الأفق ويساهم في خلق مناصب شغل سياحية، وهذا في الوقت الذي لاتزال المعالم السياحية بمنطقة تيوت وصفيصفة بالنعامة عرضة للتآكل والزوال بفعل الإهمال واللامبالاة وأعمال التخريب التي طالت أجزاء هامة من ذاكرة تيوت ومعالمها السياحية والتاريخية المنقوشة على الصخور، وهي كلها مظاهر مغايرة تماما لإجراءات ترقية السياحة في بلادنا، وخاصة منطقة الجنوب الغربي المتواجدة بها ولاية النعامة والتي يعني زيارتها هو أيضا زيارة عين الصفراء، حيث دفنت الصحفية والكاتبة الشهيرة إزابيل ابيرهارت بمقبرة سيدي بوجمعة ليبقى في الأخير النهوض بالسياحة مرتبط بمدى تفعيل وسائل الصيانة والحفظ حتى يكون مستقبل سياحتنا واعدا.

روبوتاج: سلامي إبراهيم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى