
في سابقة من نوعها منذ غرق البلد قبل 11 عامًا في الفوضى والانقسامات، ناقش قادة عسكريون كبار من غرب ليبيا وشرقها في اجتماع نادر في العاصمة طرابلس لمدة يومين تسمية رئيس أركان واحد لتوحيد المؤسسة العسكرية في البلاد.
وأكدت القيادات العسكرية في بيان مشترك، إنها ناقشت ضرورة تسمية رئيس أركان واحد للمؤسسة العسكرية، والشروع تحديدًا في الخطوات لتوحيد المؤسسة العسكرية.
وجرت المحادثات بين وفد يرأسه الفريق أول عبد الرزاق الناظوري، رئيس أركان قوات المشير خليفة حفتر، وآخر برئاسة الفريق أول محمد الحداد، رئيس أركان القوات العسكرية في غرب البلاد.
والزيارة النادرة التي قام بها الناظوري إلى طرابلس أتت تلبية لدعوة وجّهها إليه الحداد، والناطوري هو الذراع اليمنى للمشير حفتر وأحد أهمّ القادة العسكريين المقرّبين منه.
إشادة أممية
وأشاد البيان المشترك بجهود اللجنة العسكرية المشتركة المسمّاة “5+5″، مؤكدا على ضرورة خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من البلاد، وتضم اللجنة 5 أعضاء من المؤسسة العسكرية التابعة لحكومة الوحدة في غرب البلاد و5 من طرف قوات الشرق الليبي بقيادة خليفة حفتر، ويجرون حوارًا منذ عامين لتوحيد المؤسسة العسكرية تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا.
وبحسب المصدر نفسه، فقد تم أيضا إقرار تفعيل القوة المشتركة التي تم الاتفاق بشأنها في اتفاق وقف إطلاق النار الساري بين الطرفين.
كذلك اتفق الطرفان، وفق ذات المصدر، على وضع خطة لبدء تسيير دوريات حدودية لحماية الحدود الليبية ومنع الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة ومكافحة الإرهاب، وسارعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى الإشادة بالاجتماع، واصفة ما جرى خلاله بـ”الحوار المهم”.
وأكدت البعثة الأممية مواصلة دعهما لمحادثات المسار الأمني، لا سيما عبر اللجنة العسكرية المشتركة “5+5″، واللجنة المشتركة هي الجهة المولجة الإشراف على وقف إطلاق النار الدائم الذي توصّل إليه الطرفان في أكتوبر 2020.
وأنهى هذا الاتفاق هجومًا عسكريًا واسع النطاق شنّته قوات المشير حفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس واستمر لأكثر من عام -من أبريل 2019 ولغاية جوان 2020.
صعوبة كبيرة
وفي هذا الإطار، صرح الخبير العسكري عادل عبد الكافي إن البيان خرج بنحو “13 نقطة، جزء منها إنشائي وآخر لا يقبل التطبيق على أرض الواقع، وجزء “عفا عليه” الزمن تحديدًا فيما يتعلق بعمل لجنة 5+5، التي لم تقم بعملها بشأن إخراج المرتزقة ولا المقاتلين الأجانب من البلاد، وبعدم تسليم خارطة الألغام وتبادل جميع الأسرى.
وفي تصريح ذات المتحدث، رأى أن تسمية رئيس أركان موحد لقوات الجيش الذي كان من بنود اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، سيواجه صعوبة كبيرة جدًا، وتساءل ما إذا كانت قوة من المنطقة الغربية ستقبل برئيس أركان من المنطقة الشرقية قاد عمليات عسكرية حول العاصمة طرابلس والمنطقة الغربية، وارتكب جرائم لا تسقط بالقدم.
وبين أن الاستقرار الأمني والعسكري، يجلب الاستقرار السياسي ويوفر الأرض الخصبة لإجراء انتخابات سواء كانت برلمانية أو رئاسية، وأن هذا مطلب كل الليبيين.
ويتفاقم الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس انبثقت من اتفاق سياسي قبل عام ونصف يرأسها عبد الحميد الدبيبة الرافض تسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا عيّنها البرلمان في فبراير الماضي ومنحها ثقته في مارس، وتتخذ من سرت المتواجدة وسط البلاد مقرا موقتا لها بعدما مُنعت من دخول طرابلس رغم محاولتها ذلك.
مجلس النواب الليبي يضع شروطًا لرئيس الحكومة المقبلة
أقر مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق شرق البلاد، شروط الترشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة، من دون تحديد موعد تغيير الحكومة المؤقتة ومقرها طرابلس، بعدما احتدم الخلاف بين النواب حول هذه المسألة في إطار خارطة الطريق السياسية.
وصرح عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب في تصريح صحافي إن المجلس قام باستئناف جلسة اليوم بحضور 120 نائبًا، وأقر خلال الجلسة شروط الترشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة.
وبحسب أبرز الشروط الـ13، فإن المرشح لتولي رئاسة الحكومة، يجب عليه التعهد بعدم الترشح للانتخابات المقبلة، إلى جانب ضرورة حصوله على تزكية 25 نائبًا من مجلس النواب، وعدم حمله جنسية أجنبية، بحسب بليحق.
ولم يعلن مجلس النواب عن موعد الجلسة الخاصة بتغيير الحكومة المؤقتة التي يقودها عبد الحميد الدبيبة. وهي الحكومة التي ينقسم النواب بشأنها حتى الآن ولا يوجد موقف حاسم بشأن استمرارها لحين الوصول إلى الانتخابات الرئاسية من عدمها.
خلافات بين النواب
وخلال جلسة الثلاثاء أيد عدد من النواب استمرار الحكومة حتى الانتخابات، لعدم إطالة المرحلة الانتقالية، فيما طالب الرافضون لاستمرارها بتغييرها لاتهامها بالتورط في الفساد.. وتعزيز الانقسام السياسي.
وكان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح اعتبر الأسبوع الماضي، أن حكومة الدبيبة “منتهية الولاية” بتاريخ الـ24 من ديسمبر الماضي، مؤكدًا على وجوب إعادة تشكيلها، وشددت حكومة الدبيبة في مناسبات عدة على استمرارها في عملها، لحين التسليم إلى سلطة جديدة منتخبة.
كما صوت مجلس النواب، ضد إشراك المجلس الأعلى للدولة في تزكية رئيس الحكومة الجديدة والتشكيل الوزاري المرتقب.
دوامة سياسية جديدة
وأكد إبراهيم العبدلي، إن القرارات الأخيرة لمجلس النواب ربما تدخل البلاد في دوامة سياسي جديدة وجدل آخر ما بين المجلس من جهة والمجلس الأعلى للدولة من جهة أخرى، وأوضح أن مصادر تحدثت عن رد فعل سيصدر عن مجلس الدولة خلال الساعات المقبلة أو يوم غد الأربعاء.
وأشار ذات المتحدث، إلى أن المشهد في ليبيا يزداد تعقيدًا بعد فشل إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر، وكذلك الموعد الآخر الذي اقترحته مفوضية الانتخابات وهو 24 جانفي، وكان يفترض أن تكون الانتخابات الرئاسية التي لم تحصل تتمة لعملية سياسية انتقالية رعتها الأمم المتحدة على أمل أن تليها انتخابات تشريعية ترسي الديمقراطية في البلاد.
وتعذر إجراؤها في موعدها المقرر، بسبب عقبات أمنية وسياسية وقضائية، شكلت “قوة قاهرة” منعت من إقامتها، بحسب المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا.
وينتظر أن تقدم لجنة “خارطة الطريق” النيابية نهاية الشهر الجاري، بناء على طلب رئيس مجلس النواب، تقريرها حول المشهد السياسي الجديد الذي يتضمن تحديد موعد نهائي جديد للعملية الانتخابية.