صيفيات

مدينة تنس… المتعة الحقيقية

زرقة البحر وخضرة الجبل

تعرف مدينة تنس في هدوء رهيب وجمال مهيب، وتنس التقاء لونين زرقة باخضرار مع فسيفساء التاريخ وهمسات الأمم الغابرة.

يعود تأسيس المدينة إلى القرن الثّامن قبل الميلاد على يد الفنيقيين أجداد العرب الأوائل، الذين سيطرت أساطيلهم آنذاك على حوض المتوسط، وبعد اندحار سلطان الفنيقيين تعاقب على مدينة تنس الإحتلال الوندالي، الروماني ومن ثم الفتح العربي الإسلامي إلى غاية الإحتلال الإسباني عام 1510، لتحرر على يد المجاهد بابا عروج الذي طرد جيشه الإنكشاري الإسبان من كل سواحل الجزائر ومن تنس عام 1517، وظلت تنس تنعم بالأمن والنماء إلى غاية الإحتلال الفرنسي لها عام 1843، بعد قتال مرير بقيادة القائد بومعزة دفاعا عن تنس والظهرة.” اسم تنس في ذاته، يشهد على مدى عراقة وقدم المدينة لقد احتفظت المدينة بالإسم على امتداد القرون ومنذ الإحتلال القرطاجي لها إلى يومنا هذا، كلمة كارتينا كما يرى بعض المؤرخين هي الاسم الأصلي لتنس إبان الحكم الروماني، وهو دمج الكلمتين الفنيقيتين كارث بمعنى مدينة وتناي اسم المحل، غير أنّ مؤرخين آخرين يرون خلاف ذلك، ويقولون أنّ تنس أخذت تسميتها من قائد الفيلق الروماني تناس، الذي حرّر المدينة من الوجود التّسلط والهمج الوندالي الذي عاث في البلاد فسادا ولتكريم الجند الرّوماني، قرّرت قبائل وعشائر المنطقة تسمية مدينتهم باسم قائد الجند الرّوماني تيناس، وكان لهم ذلك ومنذ ذلك الوقت والمدينة تحمل هذا الاسم إلى يومنا هذا. تنس مدينة تطل على البحر، وتجمع بين الزرقة و الخضرة: زرقة البحر وخضرة الجبال التي تطوّقها. إنّها من أروع المناطق السّياحية في الجزائر.

معالم اثرية ومنارات عريقة

لازالت المنارة معلما تاريخيا قائما تنير درب السفن البحرية بالرغم من عمرها الممتد على 151 سنة و تعرضها لهزتين أرضيتين ضربتا المنطقة في 1954 و 1980. ويعود تاريخ بناء هذه المنارة إلى سنة 1861 في موقع صخري على الواجهة البحرية لمنطقة “سيدي مروان” الواقعة على بعد 15 كلم شرق المدينة الساحلية التنس لتكون بذلك أول منارة تبنى بالساحل الجزائري. وبهندسة معمارية نادرة بنيت منارة التنس بحجارة منحوتة لترشد السفن التجارية وغيرها إلى مسار الإبحار الذي توجد فيه ولتتفادي أيضا الاقتراب من هذه المنطقة التي تتميز بتضاريس بحرية و برية صخرية. وتوجد المنارة التي يبلغ مدى إنارتها 29 ميلا بحريا “حوالي 60 كلم” على علو 100 متر عن سطح البحر وطولها 35 مترا وهي معروفة جدا في أوساط قادة السفن البحرية التجارية بالنظر إلى قدمها والخدمات التي تقدمها في مجال السلامة البحرية. وبرأي البحارة اليوم فانه وبالرغم من وجود نظم التوجيه الحديثة عبر الأقمار الصناعية والتي تتميز بدقة عالية فلا يمكن الاستغناء عن مثل هذه المنارات التي تمثل الإشارات الرئيسية للسفن عند اقترابها من السواحل. وقد سمح الموقع الجغرافي لهذا المعلم الأثري بوصول أنواره إلى كل الجهة الغربية من ساحل ولاية الشلف. كما يشهد على ذلك سكان هذه المدينة من الذين عملوا في البحرية التجارية وباحتلال المنارة موقعا متميزا وهاما بين كل المنارات الموجودة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط. منارة سيدي مروان واحدة من جواهر مدينة التنس وللوصول إلى موقع المنارة يجب المرور عبر الطريق الساحلي المنعرج والذي يمر بالفندق السابق “كارتنا” ومن ثم الاتجاه نحو المنحدر المؤدي إلى “سيدي مروان” والمطل على منظر متعدد الألوان للميناء التجاري بالتنس أين تلتقي زرقة البحر بخضرة الغابة في ديكور يسحر مخيلة كل زائر مما يدفعه للتفكير في أن التحفة صنعت بدقة من قبل فنان .

إلــهــام. م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى