
في خطوة أثارت جدلا واسعا داخل أوساط التكنولوجيا، دعا مدير تنفيذي في شركة “مايكروسوفت” الموظفين الذين طالتهم موجة التسريحات الأخيرة إلى استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للحصول على الدعم العاطفي والمهني.
حيث نشر “مات تيرنبول”، المنتج التنفيذي في استوديو ألعاب إكس بوكس التابع لمايكروسوفت، منشورا على منصة مهنية حث فيه الموظفين المفصولين على اللجوء إلى أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل “شات جي بي تي” و”كوبايلوت” لمساعدتهم في تجاوز تداعيات فقدان وظائفهم.
ورغم أن “تيرنبول” حذف منشوره لاحقاً، إلا أنه قال إن هذه الأدوات يمكن أن تقدم دعماً حقيقياً في وقت يعاني فيه الكثيرون من الإرهاق النفسي والمعرفي، خصوصاً في ظروف قاسية كهذه، وأكد أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه أن يعوّض الصوت الإنساني والتجارب الشخصية، لكنه قد يوفّر مساعدة عملية تسهم في تسريع مراحل التعافي المهني والذهني، مشدداً على أن تقديمه لهذه النصيحة ينبع من شعور بالمسؤولية تجاه زملائه المتضررين.
وأشار “تيرنبول” في حديثه، إلى أهمية استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في إعداد السير الذاتية، وتخطيط المسار المهني، والتقديم على وظائف جديدة، معتبرا أن هذه الأدوات قد تكون عونا حقيقيا في التغلب على الضغوط النفسية المصاحبة لفقدان الوظيفة. وقال إن فترات التسريح لا تعني العزلة، داعيا من يواجه هذه التحديات إلى عدم تحملها بمفرده، بل الاستفادة من الموارد المتاحة حتى لو كانت رقمية.
ورغم الترحيب من البعض بهذه النصيحة، فإنها قوبلت أيضاً بانتقادات واسعة، خصوصاً من قبل خبراء يرون أن الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي في الدعم النفسي قد يكون مضللاً أو غير دقيق، إذ تنص قواعد استخدام هذه الأدوات على أن مخرجاتها قد لا تكون دقيقة دائماً، ولا ينبغي اعتبارها بديلاً عن المشورة المهنية أو النفسية المختصة.
ويأتي هذا الجدل في ظل تزايد اعتماد الأفراد على هذه الأدوات كوسائل منخفضة التكلفة للحصول على النصائح والإرشادات، في وقت تعاني فيه العديد من الشركات من موجات تسريح حادة.
وجاءت تصريحات “تيرنبول” في وقت يشهد فيه قطاع الألعاب في شركة “مايكروسوفت” أوسع عمليات تسريح للموظفين خلال العام الحالي، حيث أعلنت الشركة عن إنهاء خدمات نحو 9 آلاف و100 موظف، وهو ما يمثل نحو 4 في المئة من إجمالي قوتها العاملة.
وجاء هذا القرار بعد شهرين فقط من تسريح أكثر من ستة آلاف موظف آخرين، تبعه إلغاء أكثر من ثلاثمئة وظيفة في مطلع شهر يونيو الماضي. وكان قسم إكس بوكس هو الأكثر تضررا، إذ تم إغلاق عدة مشروعات لتطوير ألعاب جديدة، بالإضافة إلى إغلاق مكتب مايكروسوفت في باكستان بعد أكثر من خمسة وعشرين عاماً من العمل. وتُعزى هذه الإجراءات إلى محاولات مايكروسوفت لخفض التكاليف في ظل استثمارات ضخمة في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
حيث أعلنت الشركة عن خطط لضخ 80 مليار دولار هذا العام لتطوير البنية التحتية المرتبطة بهذه التقنيات. وبحسب بيانات صادرة عن موقع مختص برصد تسريحات العمال، فإن عدد الموظفين الذين فقدوا وظائفهم في قطاع التكنولوجيا هذا العام تجاوز 62 ألف موظف، ضمن موجة شملت شركات كبرى وصغرى على حد سواء. هذه التطورات تعكس تحولاً جذرياً في سوق العمل التقني، حيث بات الذكاء الاصطناعي عاملا رئيسياً في قرارات الاستغناء عن الوظائف من جهة، وفي محاولات العاملين للتكيف من جهة أخرى.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله