
محادثات الذكاء الاصطناعي .. يلجأ الملايين حول العالم. إلى روبوتات المحادثة الذكية بحثا عن النصيحة أو المساندة النفسية أو حتى مجرد الفضفضة. لكن هذا السلوك البسيط يخفي وراءه مخاطر جمة تتعلق بالخصوصية. فهذه الأنظمة لا توفر خاصية التشفير من طرف إلى طرف كما هو معمول به في بعض تطبيقات المراسلة الآمنة. ما يعني أن المحادثات قد تكون عرضة للاطلاع أو التخزين أو حتى الاستخدام لأغراض لم يتوقعها أصحابها.
تصريحات مسؤولين بارزين في قطاع الذكاء الاصطناعي عززت من المخاوف القائمة. إذ أكد بعضهم أن المحادثات قد تصبح متاحة للجهات القضائية إذا طلب ذلك رسميا. وهو ما يضع خصوصية المستخدمين في موضع شك كبير. ويدفع للتساؤل حول جدوى الثقة في هذه المنصات التي تسوّق نفسها على أنها مساحة امنة للتفاعل الشخصي.
محادثات الذكاء الاصطناعي .. بيانات قابلة للاستغلال
تؤكد تقارير عدة أن منصات الذكاء الاصطناعي تجمع البيانات وتحللها بهدف تطوير النماذج وتحسين الأداء. غير أن هذه العملية تعني أيضا أن أسرار الأفراد وأفكارهم الخاصة قد تستخدم كوقود لتدريب أنظمة أوسع. وهذا يفتح الباب أمام التنقيب في البيانات أو حتى بيعها لشركاء آخرين. وهو أمر يثير قلق خبراء الأمن الرقمي الذين يحذرون من أن المستخدم قد يجد نفسه دون قصد جزء من عملية تجارية ضخمة.
الأمر لا يتوقف عند حدود الشركات المشغلة، بل يمتد إلى مخاطر القرصنة. حيث يمكن تنفيذ هجمات تستهدف هذه الأنظمة عبر إدخال أوامر خبيثة تؤدي إلى استخراج بيانات حساسة أو وثائق خاصة. كما أن بعض المنصات قد تتكامل مع تطبيقات أو خدمات خارجية. مما يزيد احتمالية تسرب البيانات أو اعتراضها من طرف ثالث. وهذه التهديدات تجعل الحديث عن سرية كاملة مجرد وهم.
محادثات الذكاء الاصطناعي .. كيف نحمي خصوصيتنا؟
يشدد خبراء القانون والأمن السيبراني على أن الخطوة الأولى لحماية الذات تكمن في الوعي. فلا ينبغي للمستخدم أن يشارك الروبوتات بأية معلومات حساسة مثل بيانات الهوية أو الحسابات المالية أو تفاصيل طبية. أو أسرار العمل، بل يوصى باعتبار كل محادثة على هذه المنصات غير آمنة بشكل افتراضي. واستخدامها فقط للأغراض العامة أو للاستفسارات البسيطة.
من جهة أخرى، يطالب المختصون الحكومات بوضع قوانين واضحة لحماية البيانات وضمان محاسبة الشركات عند أي تجاوز. فالمعركة ليست تقنية فقط بل تشريعية أيضا. إذ إن غياب الأطر القانونية يجعل المستخدم الحلقة الأضعف في سلسلة معقدة من الأطراف المستفيدة. ومع تزايد أعداد المقبلين على هذه الخدمات يصبح من الضروري إرساء قواعد تحمي الحقوق الفردية وتحد من تغوّل الشركات على الخصوصية.
تبقى روبوتات المحادثة أدوات نافعة في مجالات كثيرة لكنها ليست مكانا للبوح بالأسرار. فالمسافة بين ما هو خاص وما هو عام تذوب في العالم الرقمي. وأي كلمة قد تُكتب اليوم قد تُستخدم غدا في سياقات لم يتوقعها صاحبها. لذلك فإن الحذر والوعي يمثلان خط الدفاع الأول للمستخدمين أمام موجة الذكاء الاصطناعي المتسارعة.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله