تكنولوجيا

“ما أبرز الفوائد والمخاطر على حياة البشر؟”

الذكاء الاصطناعي:

في وقت يشهد فيه النقاش العالمي تصاعداً حول فوائد ومخاطر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أقر مشرعون في الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء 14 يونيو تعديلات على مسودة لقواعد الذكاء الاصطناعي، تضمنت حظراً على استخدامه في رصد القياسات الحيوية، وفرضاً على مستخدمي أنظمته التوليدية مثل “تشات جي بي تي” الكشف عن المحتوى الناتج عنها.

تنص التعديلات على إمكانية تغريم الشركات التي تنتهك قواعدها بمبالغ تصل إلى أكثر من 30 مليون يورو أو 6٪ من حجم المبيعات السنوي العالمي،وتشير وكالة رويترز للأنباء إلى أن هذه التعديلات على مشروع القانون، الذي اقترحته المفوضية الأوروبية بهدف حماية المواطنين من مخاطر هذه التكنولوجيا، قد تؤدي إلى توتر مع دول الاتحاد الأوروبي التي تعارض فرض حظر كامل على استخدام الذكاء الاصطناعي في جمع وتحليل بيانات القياسات الحيوية للأشخاص،ووفقاً للوكالة ذاتها، فإن تبني تطبيق “تشات جي بي تي” بسرعة، الذي طورته شركة “أوبن إيه آي” بدعم من مايكروسوفت وغيرها من برامج الذكاء الاصطناعي، دفع كبار علماء ورؤساء شركات تنفيذيين إلى التحذير من المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها المجتمع جراء هذا التطبيق،ومن بين التعديلات الأخرى، يريد المشرعون في الاتحاد الأوروبي من الشركات أن تكشف عن أي مواد محمية بحقوق الملكية الفكرية تستخدمها في تدريب أنظمتها للذكاء الاصطناعي، وأن تقدم الشركات التي تعمل على “تطبيق عالي الخطورة” تقييماً لتأثيره على الحقوق الأساسية والبيئة،ومن المتوقع أن يتعين على مستخدمي أنظمة مثل “تشات جي بي تي” الكشف عن أن المحتوى ابتكره الذكاء الاصطناعي، والمساعدة في التمييز بين الصور المزيفة والحقيقية، وضمان الحماية من المحتوى غير القانوني،ويطمح الاتحاد الأوروبي إلى إنجاز أول قواعد في العالم، تهدف إلى تنظيم وحماية الابتكار في هذه التقنيات الحاسمة، قبل نهاية العام الجاري، في خطوة تهدف إلى زيادة الوعي بالتحديات والفرص المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وتوفير بيئة تشجيعية للابتكار والتطوير في هذا المجال المتقدم.

ماهية الذكاء الاصطناعي

تعتبر التكنولوجيا المتقدمة للذكاء الاصطناعي واحدة من أكثر التطورات إثارة للجدل والاهتمام في عصرنا الحالي. وبينما يتناول البعض الفوائد الكبيرة التي يمكن أن يجلبها الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الطب والتكنولوجيا والتسويق، يُثير الآخرون قلقًا بشأن المخاطر المحتملة والتحديات التي قد تنتج عنها،في هذا السياق، أقر البرلمان الأوروبي تعديلات على مسودة لقواعد الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى تشديد الضوابط والتنظيمات المتعلقة بهذه التقنية الحيوية. ويهدف هذا التعديل إلى حظر استخدام الذكاء الاصطناعي في تجميع وتحليل بيانات القياسات الحيوية للأشخاص، بالإضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة على الشركات التي تنتهك هذه القواعد،من بين الشركات التي تقف وراء تقنيات الذكاء الاصطناعي المثيرة للجدل هي شركة “أوبن إيه آي”، التي طورت تقنية “تشات جي بي تي” في مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة. يعتبر هذا البرنامج واحدًا من أول النماذج في استخدام الذكاء الاصطناعي لإجراء محادثات مع المستخدمين والرد على استفساراتهم بشكل دقيق ومفصل، مع القدرة على التعلم والتطور باستمرار من خلال التفاعل مع البيانات الجديدة،تم تدريب “تشات جي بي تي” على كميات ضخمة من البيانات المتاحة على الإنترنت وغيرها من المصادر، مما يسمح له بإنتاج نصوص شبيهة بالنصوص البشرية وتحليل البيانات بطريقة تشبه الدماغ البشري. وقد وصل عدد المستخدمين الشهريين لهذا التطبيق إلى أكثر من 100 مليون مستخدم، مما يجعله أحد أسرع التطبيقات نموًا على الإطلاق،تطورت هذه التقنية أيضًا في تطبيق سناب شات، الذي أضاف بوت السناب، وهو روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعي ويعرف باسم “بوت السناب”، والذي أثار اهتمامًا كبيرًا من قبل المستخدمين، خاصة في المملكة العربية السعودية،بينما يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانيات هائلة للتحسين والابتكار في العديد من المجالات، فإن الخبراء يحذرون من أن هذه التكنولوجيا قد تحمل أيضًا تحديات ومخاطر محتملة، مما يجعل التوازن بين الاستفادة من الفوائد الكبيرة للذكاء الاصطناعي ومواجهة التحديات والمخاطر المرتبطة به أمرًا حيويًا.

مخاطر الذكاء الاصطناعي: التحذيرات والتحديات الكبيرة

مع تطور التكنولوجيا واستخدام الذكاء الاصطناعي في مجموعة متنوعة من التطبيقات، ينبغي علينا النظر بعناية إلى المخاطر والتحديات التي قد تنجم عن هذا التقدم السريع. حذر الخبراء من أن تطور الذكاء الاصطناعي بسرعة قد يكون له تأثيرات خطيرة، وحتى دعوا إلى وقف أبحاث الذكاء الاصطناعي،في ماي من العام الماضي، أعلن جيفري هينتون، الذي يُعتبر أبًا روحيًا للذكاء الاصطناعي، استقالته من شركة غوغل، محذرًا من أن روبوتات الدردشة الذكية قد تصبح قريبًا أكثر ذكاءً من البشر. كما أصدر مركز أمان الذكاء الاصطناعي، بيانًا أيد فيه العديد من المتخصصين التكنولوجيين البارزين، محذرًا من أن استخدام الذكاء الاصطناعي قد يولد معلومات خاطئة قد تزعزع استقرار المجتمع،وفي الاتحاد الأوروبي، أعربت رئيسة قطاع التكنولوجيا مارغريت فيستاجر عن قلقها من قدرة الذكاء الاصطناعي على تضخيم التحيز أو التمييز، محذرة من خطر استخدامه للتأثير على الانتخابات وطلبات القروض، ومؤكدة أن هناك “خطرًا بالتأكيد” من تداول الذكاء الاصطناعي لتأثير على حياة الأفراد،من ناحية أخرى، تقول رائدة التكنولوجيا مارثا لين فوكس إنه لا ينبغي للمجتمع أن يندفع بنوع من “الهستيريا والهلع” بشأن الذكاء الاصطناعي، وتدعو إلى إجراء نقاشات أكثر منطقية حول قدراته ومخاطره المحتملة،ومع تزايد استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، يصبح من الضروري التفكير بعمق في كيفية تنظيم واستخدام هذه التقنيات بطريقة تحافظ على السلامة والأمان والعدالة في المجتمع.

البلدان النامية وايجابيات الذكاء الاصطناعي

البلدان النامية بدأت تستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجموعة متنوعة من المجالات لتحسين الخدمات وتعزيز التنمية الاقتصادية. إليك بعض الأمثلة على استخدامات الذكاء الاصطناعي في البلدان النامية،الرعاية الصحية: تستخدم البلدان النامية التطبيقات والأنظمة المبنية على الذكاء الاصطناعي لتحسين خدمات الرعاية الصحية، مثل تشخيص الأمراض، وتحليل الصور الطبية، وتوفير الرعاية الصحية عن بعد،الزراعة الذكية: تعتمد بعض البلدان النامية على تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير الزراعة الذكية، مما يساعد في زيادة إنتاجية المزارعين وتحسين إدارة الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي،التعليم: تستخدم بعض البلدان النامية تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير منصات التعليم عبر الإنترنت، وتقديم التعليم المخصص وفقًا لاحتياجات كل طالب،المراقبة الأمنية: تعتمد بعض الحكومات في البلدان النامية على أنظمة مراقبة مدنية مبنية على الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمن والسلامة العامة،التنبؤ بالكوارث الطبيعية: يمكن استخدام التحليلات الضخمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتوقع الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل، مما يساعد في اتخاذ التدابير الوقائية المناسبة،هذه بعض الاستخدامات الشائعة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في البلدان النامية، وتظهر كيف يمكن أن تساهم هذه التقنيات في تعزيز التنمية وتحسين جودة الحياة في هذه البلدان.

السلبيات التي واجهتها تلك الدول

رغم فوائد تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أنها تواجه أيضًا بعض السلبيات والتحديات، وهنا بعضها،التهديد لفقدان الوظائف: قد يؤدي تطبيق التقنيات الذكاء الاصطناعي إلى فقدان الوظائف في بعض القطاعات، حيث يمكن أن تحل الروبوتات محل العمال في العديد من المجالات مثل التصنيع والخدمات اللوجستية،التحديات الأمنية والخصوصية: قد تواجه تطبيقات الذكاء الاصطناعي تحديات فيما يتعلق بأمن البيانات والخصوصية، حيث يمكن استغلال البيانات الشخصية في التطبيقات الذكاء الاصطناعي لأغراض غير مشروعة،تعزيز التحيز والظلم: قد تكون نماذج الذكاء الاصطناعي عرضة لتعزيز التحيز والظلم، حيث يمكن أن تكون البيانات المستخدمة في تدريب النماذج مجحفة أو غير متوازنة، مما ينتج عنه قرارات خاطئة أو ظالمة،تبعات اجتماعية واقتصادية: قد تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الفجوة بين الأثرياء والفقراء، حيث قد تكون البنية التحتية اللازمة للاستفادة من هذه التقنيات غير متوفرة في البلدان النامية، مما يؤدي إلى تفاقم العدالة الاجتماعية،التبعات الأخلاقية: قد تطرح تطبيقات الذكاء الاصطناعي تحديات أخلاقية معقدة، مثل قضايا الحكم الذاتي للروبوتات، ومسؤولية الأخطاء التي قد تحدث بسبب الأنظمة الذكاء الاصطناعي،هذه بعض السلبيات التي يواجهها استخدام الذكاء الاصطناعي، ويجب أن تتم معالجتها بعناية لضمان استفادة مستدامة وفعالة من هذه التقنيات.

كيف يمكن الموازنة بين فوائد ومخاطر الذكاء الاصطناعي؟

تحقيق التوازن بين فوائد ومخاطر التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي يتطلب مجموعة من الخطوات والتحديات التي يجب التعامل معها بعناية. إليك بعض الطرق لتحقيق هذا التوازن،التنظيم والمراقبة: يجب وضع إطار قانوني وتنظيمي فعّال يسمح بالاستفادة الأمثل من التكنولوجيا وفي نفس الوقت يحمي من المخاطر الأخلاقية والاجتماعية. يمكن تطبيق ذلك من خلال تطوير قوانين وسياسات تنظيمية تحد من سوء استخدام التقنيات الذكاء الاصطناعي وتضمن معالجة القضايا الأخلاقية والخصوصية،التوعية والتثقيف: يجب تعزيز التوعية بين الجمهور حول فوائد ومخاطر التقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التثقيف بشأن كيفية التعرف على الانحيازات والظلم المحتملة في النظم الذكاء الاصطناعي وكيفية التعامل معها،التعاون والشراكات: يمكن تعزيز التوازن من خلال التعاون بين الحكومات والشركات التقنية والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني لتطوير وتنفيذ إطارات عمل مشتركة تعزز الشفافية والمساءلة والاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي،البحث والتطوير: ينبغي دعم البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي بما يضمن تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي أكثر أمانًا وفعالية، بالإضافة إلى تطوير أدوات للكشف عن التحيزات والمساعدة في التعامل معها،المشاركة الاجتماعية والديمقراطية: ينبغي أن يكون للمجتمع المشاركة في صنع القرارات المتعلقة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تحديد الأولويات والسياسات العامة وتقديم الرأي في كيفية استخدام التكنولوجيا في المجتمع،من خلال اتباع هذه الخطوات، يمكن تحقيق التوازن بين الفوائد والمخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي وضمان استفادة المجتمع من التقنية بشكل آمن ومسؤول.

اعداد:جلال يياوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى