الثـقــافــة

لماذا غضب الشيخ من كتاب العبقريات؟

بين الإمام الشعراوي والأديب العقاد

يعتبر الشيخ العلامة الراحل محمد متولي الشعراوي الداعية الإسلامي الذي استطاع بتحيزه الملفت للانتباه في لباسه وحركاته وحواراته وكتاباته وحلقاته والذي رحل عن هذا العالم في 17 جوان 1998 شخصية بارزة في عالم التدريس والإرشاد الديني والتفسير لكتابه الله عزو جل والتوضيح لسنة الرسول صلة الله عليه وسلم.

كما هو معلوم إن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته النورانية الإسلامية حركت الأقلام المؤمنة وحتى الملحدة على السواء في عالم التأليف والكتابة وضع الأديب الراحل والباحث والشاعر عباس محمود العقاد سلسلة من العبقريات لتحليل الشخصيات الإسلامية الكبيرة والبارزة تحليلا نفسيا وأدبيا وعلميا، وعليه تعرض إلى عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وإلى غيرها من العبقريات حيث فرض العقاد حضوره في هذا الإطار الخاص بالشخصيات الإسلامية بشكل بلغت الانتباه وأقبل على ذلك أهل الاختصاص من جهة وعشاق المطالعة من جهة أخرى، لأنها مكتوبة بأسلوب السهل الممتنع تارة والمركز المقعد تارة أخرى، لكن لماذا غضب الشعراوي من كتاب العقاد؟

يقول فضيلة الإمام الشعراوي حينما كتب الأستاذ عباس محمود العقاد سلسلة العبقريات يعلم الله أنني ذهبت إليه وقلت له: إن جاز ان تقوزل عن صحابي عبقرية الصديق، وعبقرية عمر فلا يجوز أن تطلق على رسول الله صلة الله عليه وسلم عبقرية محمد، ذلك لأن محمد عليه الصلاة والسلام ليس له شيء في هذه العظمة، ومن هنا فقد أكد الله على أمته وتأكيده على  ذلك رفعة لشأنه، لان غير الأمي أن يأخذ من ثقافات البشر وإنما من السماء يعني هو يعلى ويرتقى شأن مصدره الثقافي أليس كذلك؟ والناس يظنون أنني حين أقول أمي فإنني لا نتقص، إنها أمية بالنسبة له تعاني كمالا، فكل ما عنده جاء به من عند ربه، إنني هنا ارتفعت بقيمة المصدر.

وبعد ذلك قال له العقاد إن هناك أمة أمية لأن الأمة هي التي تحمل الرسالة وتحمل نظام الحكم ثم تنساخ الدنيا، وبعد ذلك تدهش العالم وبالتالي هذه ليست قفزة حضارية لأن الأمة الأمية ليس عندها شيء فحينما تسأل من أين جاءت بكل هذا؟ تقول لك: من السماء؟ إنما لو كانت مسألة حضارية ولو كان حدث ذلك في بلاد الفرس أو الروم كنا نقول إنها قفزة حضارية مثل القفزات التي تحدث ولكنها حدثت في بلاد العرب في أمة أمية، ولذلك قال الله عزوجل قل لو شاء الله ما تلوثه عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون إضافة إلى ذلك من الذي يؤجل عبقريته حتى ين الأربعين ونحن نعلم أن العبقريات تأتي في أواخر العقد الثاني والعقد الثالث؟ هل هناك إنسان تكون له عبقرية ولا تظهر إلا في سن الأربعين؟ يقولون: لا كانت عنده العبقرية وانتظر حتى يفجرها بعده النضج نقول لهم: ومن كان يدريني أنه كان سيعيش إلى أن يفجرها والناس يتساقطون من حوله، هذا يموت في سن كذا، وهكذا من الذي يضمن له أنه سيبقى حتى سن الأربعين ثم يفجر عبقريته؟ إذن فكل عبقرية بالنسبة للبشر جائزة؟ لماذا؟ لأن معناها سيظل يؤثر بمن حوله من البشر إذن نقول للعقاد صحيح عن الصحابة ولكن عن الرسول صلى الله عليه وسلم غير صحيح، لأن ثقافته ليست من البشر وإنما ثقافته علوية من السماء.

هكذا يرى محمد متولي الشعراوي مسار عبقرية محمد عليه الصلاة والسلام وكاتبها العقاد إن مثل هذه المؤلفات المشهورة تحتاج إلى قراءة متأنية لعصر ما لها وما عليها وخاصة من أهل الاختصاص وسلسلة العبقريات متوفرة بالمكتبات الخاصة والعامة من المحيط إلى الخليج، ومثل رأي الشيخ الشعراوي عن عبقرية الرسول الكريم من اللائق أن ينشر في المناب الإعلامية ليكون من الحوافز التي تدفع القارئ العادي والباحث المختص لممارسة ثلاثية الكشف والمكاشفة والاكتشاف لأن تعددية القراءة وتعددية المناهج النقدية لها فوائدها المختلفة التي تحقق فاعلين الإقامة والاستفادة بلا قيود ولا حدود وحتى روايات الأديب الصحفي جريحي زيدان تبقى بحاجة إلى إعادة تقييم لأنها تمس التاريخ العربي الإسلامي وفق رؤية الروائي المذكور لكمن المادة التاريخية الموظفة تبقى ذات تأثير بحاجة إلى نقد وغربلة الروايات المرتبطة بالشخصيات العربية الإسلامية.

بقلم: رامـي الـحـاج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى