تكنولوجيا

كيمي كيه 2: نموذج صيني جديد يعيد رسم مشهد الذكاء الاصطناعي

في خطوة اعتبرها كثيرون لحظة مفصلية في عالم التقنية، كشفت شركة ناشئة من العاصمة الصينية عن نموذج ذكاء اصطناعي جديد يدعى “كيمي كيه 2”. جاء ذلك في الـ11 من شهر يوليو الجاري. ليضع الصين مجددًا في واجهة السباق العالمي نحو التفوق في نماذج الذكاء المتقدمة.


 

النموذج الجديد حصد اهتمامًا واسعًا في الأوساط البحثية والتقنية. نظرًا لقدرته على تنفيذ مهام معقدة بكفاءة عالية. حيث أشارت تقارير متخصصة إلى تفوقه في مجالات مثل البرمجة الدقيقة والكتابة الإبداعية. وذلك في اختبارات ومعايير تقييم دقيقة. ما جعله يثير مقارنات مباشرة مع نماذج متقدمة سبق أن ظهرت في الغرب خلال السنوات الأخيرة.

 

انطلاقة قوية من الشرق: الصعود المتسارع للنماذج المفتوحة في الصين

ما يميز “كيمي كيه 2” عن كثير من النماذج السابقة. هو كونه متاحًا للجمهور ومفتوح المصدر. حيث يمكن للمطورين والباحثين استخدامه وتعديله بحرية.

وهو ما يضعه في مصاف الأدوات التشاركية التي تعزز من قوة المجتمعات التقنية. ويعيد ترتيب مراكز الثقل في عالم الذكاء الاصطناعي الذي ظل لسنوات محتكرًا من قبل عدد محدود من الشركات الكبرى.

المثير أن الإقبال على تحميل النموذج فاق التوقعات منذ اليوم الأول لإطلاقه. إذ سجل أعلى نسبة تنزيل بين جميع النماذج المتاحة على المنصات المتخصصة. ما يعكس تعطش الباحثين في أنحاء العالم لأدوات مرنة يمكنهم التحكم فيها بعيدًا عن القيود التجارية التي تفرضها بعض النماذج الأخرى.

ورغم أن النموذج ليس متخصصًا في تنفيذ الأوامر خطوة بخطوة كما هو الحال في بعض النماذج الغربية. إلا أنه يعتمد على تقنية تسمح له باختيار أجزاء محددة من بنيته الداخلية لمعالجة كل مهمة على حدة. وهو ما يقلل من استهلاك الموارد ويزيد من كفاءته، خصوصًا في البيئات التي تعاني من ضعف البنية التحتية الحاسوبية.

 

الكتابة والعاطفة: مجالات جديدة يتفوق فيها الذكاء الصيني

لم يقتصر تميّز “كيمي كيه 2” على المهام التقنية البحتة، بل امتد إلى مجالات تتطلب حسا لغويا عاليا مثل كتابة النصوص الإبداعية وتحليل المشاعر.

حيث أظهرت اختبارات مستقلة أن النموذج يتفوق على نماذج عالمية في تقييم جودة النصوص من حيث ابتكار الشخصيات وتجنب التكرار، إضافة إلى قدرته على التفاعل مع سيناريوهات عاطفية بدرجة قريبة من البشر.

هذه القدرات تجعل من “كيمي كيه 2” نموذجًا متعدد الاستخدامات. يصلح للاعتماد عليه في تطبيقات متنوعة تتراوح بين المساعدات الرقمية في الشركات، والتعليم التفاعلي، وحتى التعامل مع المستخدمين في مراكز الدعم والمشورة.

وهو ما يفسر اهتمام العديد من المؤسسات الصينية الكبرى، مثل شركات التقنية والاتصالات، بالاستثمار في هذه المنصة الواعدة.

ورغم تفوق النموذج في كثير من المهام، إلا أنه لم يحقق المركز الأول في جميع الاختبارات، إذ جاء في مرتبة متأخرة قليلاً في اختبارات تتعلق بتوقع المواضيع البحثية التي تهم العلماء. إلا أن هذا لا يقلل من أهمية التقدم الذي أحرزته الشركة المطورة، خاصة بالنظر إلى حداثة تأسيسها وعدم شهرتها خارج حدود الصين قبل إطلاق هذا النموذج.

 

سباق لا يهدأ: هل تنجح الصين في إعادة تشكيل خريطة الذكاء العالمي؟

بات من الواضح أن الصين لا تكتفي بمنافسة الغرب في مجالات التصنيع والتكنولوجيا التقليدية. بل تتجه الآن بقوة نحو قيادة مشهد الذكاء الاصطناعي. خاصة عبر استراتيجيتها في توفير أدوات متاحة للجميع. مما يحرج بعض الشركات الكبرى التي تحتفظ بتقنياتها خلف جدران مغلقة.

ويرى خبراء أن هذا التوجه يعزز من مكانة الصين في المجتمعات العلمية والأكاديمية. إذ تتيح للباحثين حول العالم تطوير أعمالهم استنادًا إلى نماذج مرنة وسهلة الوصول. وهو ما يشكل نوعًا من القوة الناعمة الرقمية التي قد تحدث تحولًا جذريًا في موازين القوى بين الدول.

ويشير البعض إلى أن الولايات المتحدة بدأت تشعر بخطورة هذا التقدم، حيث تزداد الأصوات المطالبة بتطوير نموذج وطني مفتوح قادر على منافسة “ديب سيك” و”كيمي كيه 2″. في وقت تتراجع فيه مشاركة النماذج الغربية في مجتمعات المصدر المفتوح.

يمكن القول إن “كيمي كيه 2” ليس مجرد نموذج جديد، بل هو إعلان صريح عن مرحلة جديدة في سباق الذكاء الاصطناعي، مرحلة تعتمد على التشارك والانفتاح وليس على الاحتكار، ويبدو أن الصين قررت أن تكون في طليعة من يقودون هذا التحول.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى