
التحكم في تشغيل الفيديوهات.. تُعد منصات التواصل الاجتماعي فضاءً مفتوحًا يمزج بين الأخبار والترفيه والمحتوى المرئي الذي يتدفق بلا توقف، إلا أن التشغيل التلقائي لمقاطع الفيديو والصور المتحركة قد يسبب إزعاجًا للكثيرين، سواء بسبب استهلاك بيانات الهاتف بشكل مفرط أو نتيجة للتعرض لمحتوى لا يرغب المستخدم في مشاهدته، ولهذا ظهرت الحاجة إلى التحكم اليدوي في هذه الخاصية، بحيث تمنح المستخدم قدرة أكبر على إدارة تجربته الرقمية.
التحكم في تشغيل الفيديوهات.. دوافع و الرغبة
يلجأ بعض الأفراد إلى تعطيل التشغيل التلقائي للمقاطع بدافع الحفاظ على باقات الإنترنت، التي تستهلك بسرعة مع ازدياد جودة الفيديوهات، بينما يفضّل آخرون التحكم في نوعية المحتوى الذي يشاهدونه منعًا للتعرض لمقاطع قد تثير القلق أو الانزعاج، وهناك من يتجه إلى هذه الخطوة من أجل تخفيف حدة الإدمان الرقمي، إذ أن تدفق الفيديوهات المتتابعة يدفع المستخدم لقضاء وقت أطول مما يرغب به، وبذلك يصبح تعطيل التشغيل التلقائي أداة لإدارة الوقت وتنظيم الاستهلاك الإعلامي بما يتناسب مع الأولويات الشخصية.
إضافة إلى ذلك، فإن بعض المهتمين بالصحة الذهنية يعتبرون أن وقف هذه الميزة يساعد على تقليل التشتت الذهني، حيث إن المقاطع المتتابعة تجذب الانتباه بشكل آلي، مما يضعف التركيز على مهام أخرى أكثر أهمية، وهكذا يتضح أن تعطيل التشغيل التلقائي لا يقتصر على كونه خيارا تقنيا بسيطا، بل هو خطوة لها انعكاسات مباشرة على راحة المستخدم وإحساسه بالسيطرة على بيئته الرقمية.
خطوات عملية لتعطيل المقاطع في أبرز المنصات
يتيح تطبيق فيسبوك لمستخدميه خيار التحكم في المقاطع عبر قائمة الإعدادات، حيث يمكن الوصول إلى التفضيلات الخاصة بالوسائط،تم اختيار إيقاف التشغيل الدائم للفيديوهات في الصفحة الرئيسية والقصص، وهي خطوة تمنح المرء حرية أكبر في تصفح المحتوى النصي والصوري دون تدخل المقاطع المرئية بشكل قسري، أما إنستغرام فقد أتاح إعدادًا مخصصًا لتقليل استخدام بيانات الهاتف، وهو لا يوقف التشغيل التلقائي بالكامل لكنه يبطئ من ظهوره ويجعل التجربة أقل استنزافًا للإنترنت، مما يساعد المستخدمين على تقليل الاستهلاك من جهة والتحكم في زمن التصفح من جهة أخرى.
أما منصة إكس، فهي تتيح عبر إعدادات الخصوصية والعرض إمكانية تعطيل تشغيل الفيديوهات بشكل مباشر، إضافة إلى إمكانية إيقاف معاينات الوسائط التي تظهر في الصفحات والرسائل، وبذلك يتمكن المستخدم من جعل تجربته أقرب إلى قراءة نصوص وصور ثابتة بدلًا من الانغماس في مقاطع متواصلة. وفي المقابل، يوفّر تطبيق بلو سكاي خيارًا واضحًا لتعطيل التشغيل التلقائي للفيديوهات والرسوم المتحركة عبر قسم المحتوى والوسائط، مما يجعل الأمر أكثر سلاسة بالنسبة لمستعمليه.
ورغم أن هذه الخطوات تبدو تقنية وبسيطة، إلا أن قيمتها تكمن في تمكين الأفراد من إعادة تشكيل علاقتهم بالتكنولوجيا، فالتحكم في تشغيل المقاطع ليس مجرد تعديل في الإعدادات، بل هو اختيار يرتبط بكيفية توجيه الانتباه وكيفية استثمار الوقت وتحديد الأولويات، وهنا يظهر البعدالأعمقلهذه الإجراءات التي تعكس مسؤولية المستخدم تجاه تجربته الرقمية.
التحكم في تشغيل الفيديوهات.. بين الحرية الرقمية وسباق المنصات
يدرك المراقبون أن منصات التواصل تسعى جاهدة لجذب انتباه المستعملين عبر تدفق متواصل من الفيديوهات القصيرة، فهي تراهن على سرعة التفاعل وقوة الصورة المتحركة في التأثير النفسي، غير أن تعطيل التشغيل التلقائي يُعيد للمستخدم زمام المبادرة، فيختار ما يشاهد ومتى يشاهده، بدلاً من أن يكون متلقيًا سلبيًا للمحتوى، ومن هنا يمكن النظر إلى هذه الخاصية باعتبارها جزء من معركة أوسع بين رغبة المنصات في إبقاء الناس أطول فترة ممكنة على شاشاتها، ورغبة الأفراد في استعادة السيطرة على وقتهم وأفكارهم.
وفي ظل تصاعد النقاش حول الإدمان الرقمي وتأثيراته على الصحة النفسية والاجتماعية، فإن التحكم في تشغيل المقاطع يصبح أداة وقائية تساعد على التقليل من التشتت، وتخفيف الضغوط الذهنية الناتجة عن الاستهلاك الإعلامي المتواصل، كما أنه يعزز الشعور بالحرية الرقمية، أي الحرية في اختيار المحتوى وتحديد زمن التصفح دون خضوع لإيقاع المنصات المصمم بعناية لجذب الانتباه، وهكذا يصبح المستخدم أكثر وعيًا بحدود تجربته وأكثر قدرة على الاستفادة من الشبكات الاجتماعية بقدر متوازن.
يمكن القول إن إيقاف التشغيل التلقائي للفيديوهات على المنصات الاجتماعية لا يمثل مجرد إجراء تقني عابر، بل هو تعبير عن وعي متزايد لدى الأفراد بضرورة ضبط العلاقة مع التكنولوجيا، فهو يمنحهم قدرة أكبر على التحكم في استهلاك البيانات، وحماية صحتهم الذهنية، وإدارة وقتهم بشكل أفضل، وفي النهاية فإن هذا الخيار يرسّخ مبدأ أن المستخدم هو من يملك زمام قراره الرقمي، لا الخوارزميات التي تحدد مسار نظره وانشغاله.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله