
في ظل تزايد الهجمات الإلكترونية وتعقّد وسائل الاحتيال الرقمي، حذرت شركتا “غوغل” و”مايكروسوفت” من استمرار الاعتماد على كلمات المرور التقليدية لحماية الحسابات الشخصية والمعلومات الحساسة، مشيرتين إلى أن هذه الطريقة لم تعد آمنة في العصر الرقمي الحالي، حيث باتت عرضة للاختراق بسهولة متزايدة.
وقد دعت الشركتان المستخدمين إلى الانتقال نحو أساليب دخول حديثة أكثر أمانًا تُعرف باسم “مفاتيح الدخول الرقمية” والتي تعتمد على وسائل أكثر تطورًا لتأمين الحسابات، بعيدًا عن الطرق القديمة التي أصبحت ضعيفة وغير كافية لمواجهة التهديدات الإلكترونية المتصاعدة.
مفاتيح الدخول الرقمية تقلب موازين الأمان
تمثل مفاتيح الدخول الرقمية نقلة نوعية في أسلوب حماية الحسابات الرقمية، إذ تستبدل الطريقة التقليدية التي تعتمد على إدخال اسم المستخدم وكلمة المرور بتقنيات حديثة تعتمد على ما يُستخدم لفتح الهاتف أو الحاسوب، مثل بصمة الإصبع أو صورة الوجه أو رمز سري يتم إدخاله يدويًا على الجهاز نفسه.
وتتميز هذه المفاتيح الرقمية بأنها لا تُخزن بيانات يمكن سرقتها أو اعتراضها، مثلما يحدث مع كلمات المرور المخزنة في المتصفحات أو التطبيقات المختلفة، ما يجعلها منيعة في وجه محاولات التصيّد الاحتيالي والهجمات التي تستهدف سرقة بيانات الدخول.
كما أنها تُغني المستخدم عن الحاجة إلى وسائل التحقق المزدوج مثل الرسائل النصية التي يمكن اعتراضها أو تطبيقات المصادقة التي تحتاج إلى إعدادات معقدة وتحديثات مستمرة، والتي لم تعد كافية في ظل تطور أدوات القراصنة.
وتؤكد شركات التقنية أن مفاتيح الدخول الرقمية تمنح المستخدمين حماية أقوى، كما تسهّل عليهم عملية الدخول إلى حساباتهم دون الحاجة إلى تذكّر عشرات الرموز السرية المختلفة لكل موقع أو خدمة رقمية.
الذكاء الاصطناعي في خدمة المحتالين
من جهة أخرى، حذّرت شركات أمن المعلومات من أن القراصنة بدأوا يستغلون أدوات الذكاء الاصطناعي في تصميم صفحات تسجيل دخول مزيفة، تحاكي بدقة شكل المواقع الأصلية الخاصة بخدمات البريد الإلكتروني أو الحسابات المصرفية أو الشركات التقنية الكبرى، مما يجعل من الصعب التفريق بين الحقيقي والمزور حتى بالنسبة للمستخدمين أصحاب الخبرة.
وتكشف التقارير، أن هذه الصفحات التي يتم إنشاؤها عبر أدوات متخصصة أصبحت خالية من الأخطاء الإملائية والتصميمية التي كانت تفضح في السابق عمليات الاحتيال الإلكتروني، وتكشف زيفها ما يزيد من احتمال وقوع المستخدمين ضحية لهذه الهجمات.
وقد أكدت شركة “أوكتا” المختصة بأمن الهوية الرقمية أن جماعات التهديد باتت تعتمد على أدوات برمجية متقدمة لإنشاء مواقع شبيهة بشكل مذهل بالخدمات المعروفة، مثل منصات البريد الإلكتروني ومواقع العملات الرقمية، بل وتُستخدم أحيانا لاستهداف موظفين في مؤسسات حكومية أو شركات عملاقة للحصول على معلومات حساسة.
كل هذه التطورات تضع علامات استفهام كبيرة حول فاعلية الوسائل الأمنية التقليدية، وتدفع نحو تبني حلول أمنية جديدة تواكب حجم التهديدات وتطور أدوات الاختراق.
خطوات وقائية وتوصيات عاجلة
لمواجهة هذا التصاعد في الهجمات الإلكترونية، توصي الشركات الكبرى المتخصصة في أمن الشبكات باتخاذ إجراءات وقائية عاجلة تبدأ بتفعيل مفاتيح الدخول الرقمية على جميع الحسابات التي توفر هذه الخدمة، خاصة الحسابات المالية والبريدية والإدارية.
كما تنصح بالابتعاد قدر الإمكان عن استخدام كلمات المرور وإذا كان لا بد من استخدامها فينبغي أن تكون طويلة ومعقدة وفريدة لكل حساب، وأن تكون محمية بأساليب تحقق غير تقليدية تعتمد على التطبيقات الآمنة بدلا من الرسائل النصية القابلة للاختراق.
وتؤكد “غوغل” و”مايكروسوفت” أن المستقبل القريب سيشهد تحولا جذريا في طرق تسجيل الدخول إلى الخدمات الرقمية، حيث ستكون مفاتيح الدخول المعتمدة على القياسات الحيوية أو رموز الأجهزة الخاصة هي المعيار الجديد الذي يضمن أعلى مستويات الحماية والراحة في الاستخدام.
ومن هنا فإن المستخدم العادي أو المؤسسة على حد سواء، مطالبون بمواكبة هذه التغيرات والتخلي عن أساليب الحماية القديمة التي لم تعد تواكب تطور أدوات الهجوم الإلكتروني الحديثة، بل باتت تشكّل نقطة ضعف تستغلها العصابات الرقمية لسرقة البيانات وانتهاك الخصوصيات في عالم تزداد فيه التهديدات الرقمية يوما بعد يوم.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله