تكنولوجيا

قلق مشروع وخوف متزايد وكل الاحتمالات واردة

حول مخاطر الذكاء الإصطناعي

هل يستطيع الذكاء الإصطناعي القيام في دقائق معدودة إنجاز تلك المهام بكفاءة؟  صحيح بمكنه القيام بذلك، وهذا هو الجانب الإيجابي للذكاء الإصطناعي لكن ماذا عن مخاطره؟ ولماذا كل هذا الجدل حوله خلال الفترات الأخيرة؟

في ظل التكنولوجيات الجديدة والعولمة والرقمنة نلاحظ بأنّ الذكاء الإصطناعي يتطوّر بوتيرة جد متسارعة وأصبح مع مرور الأيام يتوسّع في المجالات المختلفة للعمل التي يستحوذ عليها البشر، ولكن أصبح اليوم بمقدور أي شخص استخدام الذكاء الإصطناعي ويقوم بمهام قد تستغرق وقتا طويلا إذا قام بها البشر.  ربما المفاجأة الكبيرة جاءت من شركة (سامسونغ) التي إتخذت قرارا حاسما وصارما بمنع قسم من موظفيها، استخدام الذكاء الإصطناعي على أجهزتها وبررت ذلك القرار، بالقلق من أن المعلومات التي تقدم للذكاء الإصطناعي تخزن في خزائن خارجية لا يمكن إستردادها أو حتى حذفها، بالإضافة إلى مخاوف أمنية يشعر بها موظفوها من خطر الذكاء الإصطناعي. إن الأمر لم يعد شكليا بل أصبح واقعا مقلقا، فشركة بحجم (سامسونغ) تأخذ مثل هذه القرار، معناه أن الأمر خطير. وليس أخيرا، بل هناك أيضا ما هو أخطر من تحذير (سامسونغ) ألا وهو ما صرح به مؤخرا “جيفري هنتون” 76 عاما، المعروف بأنه الأب الروحي للذكاء الإصطناعي في شكله المتقدم وأشرف على تطويره في (غوغل) منذ عشر سنوات. هذا الأخير استقال من منصبه في (غوغل) وأوعز سبب الإستقالة إلى المخاوف من مخاطر الذكاء الإصطناعي وقدرته مستقبلا على تدمير البشرية.  لكن كيف يمكن للذكاء الإصطناعي القضاء على البشرية؟.

هل سنعيش مستقبلا الخيال العلمي؟

الشيء الذي يتفق عليه الخبراء والمختصين في مجال الذكاء الإصطناعي أنه ليس أذكى من البشر، بمعنى أخر، أنه بحاجة إلى البشر لتوظيفه وتكليفه بالمهام فلا يستطيع المبادرة بتنفيذ المهمات دون الإنسان. لكن “جيفري هنتون” يعتقد أنه في وقت قريب أي مستقبلا، سيستغني الذكاء الإصطناعي عن الإنسان في إنجاز المهمات، بل ويبدأ في التواصل وبناء الشبكات وحتى توظيف برامج الذكاء الإصطناعي الأخرى لخدمة نفسه وبالتالي يبرمج روبو أو حتى جيشا من الروبوتات ويحركها وبنفذ بها مهمات معينة، او قد يخترع الطائرات المسيرة وبوجه حركاتها. فأين الحقيقة من كل هذا أم اننا سنعيش مستقبلا الخيال العلمي التي تتحدث دائما عن حروب الفضائيين على أرض الواقع؟. إنّ الحديث عن هذا القلق المتزايد من مخاطر الذكاء الإصطناعي لا يتوقف ها هنا، بل هناك مخاوف أخرى جراء تطوره السريع وليست لها أي علاقة بالحروب ولكن تأخذ أبعادا متباينة وخطيرة جدا، ونخص بالذكر هنا (الإحتيال، اختراق الحسايات البنكية، تزييف الصور والفيديوهات، ممارسة الإقناع الشخصي، مثلا تقليد لشخص معين أو ضحية معينة، أو نشر معلومات مضللة). إذن، ما مدى المخاوف المتعلقة بالذكاء الإصطناعي وقدرته على السيطرة على العقل البشرية؟.

 الألة والعقل البشري.. الند للند

يعتبر الذكاء الاصطناعي من أهم ما جاءت به التكنولوجيا الرابعة، بحيث شهدنا حقيقة ونشهد حاليا وسنشهد مستقبلا العديد من التغيرات في المجالات المختلفة التي كانت نتيجة لمثل هذه التكنولوجيات الحديثة. وحين نتحدث الأن عن المخاوف والمخاطر الناتجة عن استخدام الذكاء الإصطناعي في مجالات متعددة، نجد الألة في يومنا هذا، لم تعد كما كانت عليه سابقا وأنّ الأليات التي كان معمولا بها في البرمجة أو غيرها لم تعد أيضا على ما كانت عليه من قبل. إننا بصدد الكلام عن قدرة الألة على محاكاة العقل البشري، لأننا نتحدث عن ألة ووسيلة ذات إمكانيات متطورة جدا، بحيث يمكن استخدامها قي مجالات كثيرة، على سبيل المثال المجال العسكري لكن من الجانب الخيري إذا أردنا تسيير ربوتات ذكية التشغيل والحركة لنزع الألغام، كما بمكن استعمالها في روبوتات قادرة على تنفيذ عمليات ذكية ونوعية. أيضا إذا ما تحدثنا عن علم البيانات بمكن استخدامها بطريقة غير مسبوقة باستخدام خوارزميات الذكاء الإصطناعي بهدف تشخيث العراض لدى المرضى وبهدف أكتشاف أمصال وعلاجات ولكن من الناحية الأخرى. كما اننا نتحدث اليوم عن الإختراقات السيبرالية والوصول إلى مراكز حساسة لم بكن من الممكن الوصول إليها. أننا نتكلم اليوم عن سلاح ذو حدين، إما في الخير أو في الشر.

 هل يمكن للروبوتات أن تبرمج بعضها البعض؟

إنّ الحديث عن السيطرة على مخاطر الذكاء الإصطناعي والعمل على الحد من وقوع إشكالات جديدة كنتيجة استخدام التقنيات سلبيا، أصبح أمرا لا جدال فيه بل يفرض وجوبا من إستحداث “شرعنة دولية” و”اتفاقيات” من شأنها التّحكُّم في مثل إستخدام هذه التقنيات للذكاء الإصطناعي، والعمل على جعلها في الجانب الذي يخدم البشرية وتقدم لها إضافات نوعية في المجالات المختلفة. هناك من يتساءل ضمن الممكنات حدوثها إذا تم استخدام الذكاء الإصطناعي سلبيا ولغايات ضارة ومُهلكة للبشرية، هل يمكن للروبوتات أن تبرمج بعضها البعض والسيطرة على مواضيع مُعيّنة؟. هذه النقطة أصبحت مثارا للجدل والبحث والإهتمام في نفس الوقت، فإلى أيّ مدى يُمكن للروبوتات الإستقلال بذاتها وتشغيل ذاتها ولربما تطوير مجال العمل الذي تقوم به؟، وهل يمكنها السيطرة على البشرية؟ يبقى التساؤل مطروحا على طاولة النقاش بين الخبراء والمختصين، وإنّ غدا لناظره قريب.

كل الإحتمالات واردة

ترصد هنا بعض من مخاطر الذكاء الإضطناعي في عجالة، ومنها:

– التأثيرات الإقتصادية والإجتماعية (ما ينجم عنها من تحولات هائلة في سوق العمل والاقتصاد)

– الأخطاء والتحيز (التحيزات بناءً على البيانات التي تم تدريبها عليها، قد تنجر عنها قرارات غير عادلة أو تعزيز التمييز في بعض الحالات)

– الخصوصية والأمان (حماية البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة لا تزال قضية حساسة. يجب توفير الإجراءات الأمنية المناسبة لحمايتها من الاختراقات والاستغلال غير المشروع للتقنية)

– تبعات التشغيل الذاتي (ضرورة وضع إطار قانوني وأخلاقي يوجه سلوك الذكاء الاصطناعي ويحدد المسؤولية عن أفعاله).

– تفاقم الفجوة التكنولوجية (زيادة الفجوة التكنولوجية بين الدول والمجتمعات. قد يكون الوصول إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطويرها محدودًا لبعض الجهات القوية اقتصادياً)

إعداد: محمد الأمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى