الحدث

قانون الإجراءات الجزائية الجديد..

صلاحيات موسعة لوكلاء الجمهورية وتغيير جذري في منظومة العدالة

دخل قانون الإجراءات الجزائية الجديد حيز التنفيذ رسميا في المحاكم الابتدائية، وهو ما يمثل نقلة نوعية في عمل النيابة العامة. القانون، الذي صدر في الجريدة الرسمية بالعدد 54 تحت رقم 25-14 بتاريخ 3 أوت 2025، يحل محل النص القديم المعمول به منذ عام 1966. ويُعطي القانون الجديد وكلاء الجمهورية صلاحيات واسعة وغير مسبوقة، بما يمنحهم أدوات قانونية جديدة لإدارة الدعاوى العامة بمرونة وصرامة أكبر.

 

صلاحيات تقديرية وإجراءات سريعة

يمنح القانون الجديد وكلاء الجمهورية سلطة تقديرية واسعة لإنهاء المتابعات أو إدارتها عبر آليات بديلة، مثل الصلح والاعتراف بالذنب. كما يمكنهم الآن تقديم اتفاقات جزائية للمتهمين مقابل تخفيف العقوبة، وهو ما يعزز مبدأ العدالة التصالحية ويخفف من الضغط على المحاكم.

وفي حالات التلبس، أصبح بإمكان وكيل الجمهورية إصدار أوامر الإيداع المباشر، على أن يتم إحالة الملفات إلى المحكمة خلال مدة لا تتجاوز 5 أيام. كما يسمح القانون باللجوء إلى إجراءات المثول الفوري في قضايا الجنح التي تكون مهيأة للفصل، بالإضافة إلى اعتماد أوامر جزائية يصدرها القاضي دون مرافعة مسبقة. وفي قضايا الاعتراف، يستطيع وكيل الجمهورية اقتراح عقوبات محددة مباشرة، مما يسرع من وتيرة الفصل في القضايا ويحد من إطالة أمد المحاكمات.

 

بدائل للمتابعة التقليدية

وسع المشرع الجزائري نطاق الوساطة لتشمل أكثر من 20 جنحة، مانحًا وكيل الجمهورية صلاحية إقرارها قبل المتابعة القضائية. وفي المخالفات البسيطة أو الجنح قليلة الخطورة، أصبح بإمكان ممثل الحق العام الاكتفاء بتوجيه تنبيه للمخالف، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو عبر ضابط الشرطة القضائية. تهدف هذه الخطوة إلى تقليص الطابع الزجري في بعض القضايا وتعزيز الجانب التربوي والردعي.

 

تدابير صارمة لمكافحة الجريمة المنظمة

يأتي القانون الجديد ببعض التعديلات الصارمة لمواجهة الجرائم الخطيرة، حيث يسمح للنيابة العامة بنشر صور وهوية المشتبه فيهم في الجرائم الخطيرة أو المتلبس بها، خاصة قضايا المخدرات والتهريب. تهدف هذه الخطوة إلى حماية الأمن العام وتسريع عملية إلقاء القبض على المتهمين، وتعتبر من أشد التدابير صرامة في تاريخ التشريع الوطني.

كما يخول القانون النيابة العامة صلاحية تتبع الأموال المشبوهة داخل وخارج البلاد، مع إمكانية فرض حجز تحفظي ومنع السفر على المتهمين إلى حين استكمال التحقيقات أو صدور حكم نهائي، في مسعى جاد لتجفيف منابع الجريمة المنظمة.

 

إصلاح جذري لمنظومة العدالة

 

بما مجموعه 890 مادة، يمثل قانون الإجراءات الجزائية الجديد إصلاحا جذريا لمنظومة العدالة في الجزائر. يجمع القانون بين توسيع صلاحيات النيابة العامة، وتسريع وتيرة المحاكمات، وتوفير بدائل للمتابعات التقليدية، إلى جانب تشديد الرقابة على الجرائم الخطيرة. وتعتبر السلطات هذه الخطوة بمثابة نقطة تحول نحو تحقيق عدالة أكثر فعالية وصرامة، بما يعزز الأمن العام ويحافظ على الحقوق والحريات في آن واحد.

الهوصاوي لحسن 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى