
أكدت نخبة من المتخصصات في أدب وثقافة الطفل، أن الأطفال اليوم يختلفون جذريا عن أطفال الأمس في اهتماماتهم، وعلى رأسها عادة القراءة. فبينما كانت كتب معينة تستهوي أطفال الأجيال الماضية، لم تعد تواكب طموحات أطفال اليوم الذين نشأوا في عالم تسوده الثورة الرقمية، والانفتاح الهائل عبر الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، والتطور المتسارع في مجالات الذكاء الاصطناعي.
جاءت هذه الرؤية خلال الندوة الثقافية بعنوان “اختيار الكتاب المناسب لطفلك الصغير”، والتي أقيمت ضمن فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل، بمشاركة الكاتبة الكندية “كولين نيلسن”، والكاتبة الهندية “سامينا ميشرا”، اللتين سلطتا الضوء على أهمية تكييف أساليب اختيار الكتب مع متغيرات العصر الحديث.
في بداية الجلسة، تحدثت “كولين نيلسن” انطلاقا من خبرتها العملية، مشيرة إلى أن اهتمامات القراءة لدى الأطفال تتغير بتغير أعمارهم وتطور خبراتهم. وأوضحت قائلة:
“من خلال عملي كأمينة مكتبة ومدرّسة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و14 عاما، لاحظت أن لكل مرحلة عمرية احتياجاتها القرائية الخاصة. ومن هنا تأتي أهمية توجيه الطفل نحو الكتب التي تلائم شغفه وميوله، مع مراعاة التغيرات الذهنية والنفسية التي يمر بها في كل سن.”
من جانبها، ركزت الأديبة الهندية “سامينا ميشرا” على ضرورة احترام حرية الطفل في اختيار ما يقرأ. وقالت:
“الأطفال يمرون بمراحل فكرية وعاطفية متعددة، ولكل مرحلة طبيعتها التي تنعكس على طريقة التفكير والتصرف. لذلك، من المهم أن نتيح لهم حرية اختيار الكتب التي تستهويهم. الطفل أذكى مما نتصور، وهو قادر على تحديد ما يناسب اهتماماته وطموحاته من خلال اختياراته الذاتية.”
وأضافت مشيرة أن تجربتها كمؤلفة قصص أطفال جعلتها تحرص على كتابة قصص تمنح الطفل مساحة للتفكير والتخيل، مؤكدة أن الإملاء المباشر على الطفل قد يفقده متعة القراءة الذاتية، بينما الثقة بقدراته تعزز من تطوره الفكري والعاطفي.
التحديات الحديثة وفرص التغيير
وأجمع المتحدثون على أن الطفرة الرقمية وتطور وسائل التكنولوجيا الحديثة يشكلان تحديا كبيرا، ولكنهما أيضا يفتحان آفاقا واسعة لابتكار أساليب جديدة لجذب الأطفال إلى القراءة. فكتب اليوم يجب أن تكون أكثر تفاعلا، وتشجع على الإبداع، وتواكب تطلعات الأطفال الذين باتوا أكثر وعيا وانفتاحا على العالم.
نصائح ذهبية لاختيار الكتاب المناسب لطفلك
(01)- راعِ ميول طفلك الشخصية: استمع إلى اهتماماته وهواياته، وقدم له كتباً تتماشى معها.
(02)-احترم حريته في الاختيار: دع لطفلك مساحة ليختار، فهذا يعزز ثقته بنفسه.
(03)- قدم له تنوعا غنيا: بين القصص المصورة، والكتب العلمية المبسطة، والروايات التفاعلية.
(03)- تواصل مع طفلك من خلال القراءة: اقرأ معه، وتناقش معه حول ما يقرأه لتعميق تجربته القرائية.
(04)- كن قدوة له: اجعل القراءة عادة جماعية تظهر فيها حبك للكتب، ليقلدك طفلك بشكل طبيعي.
في الختام، أكدت الندوة أن الكتاب لم يعد مجرد أوراق مطبوعة، بل أصبح بوابة لعوالم جديدة تواكب فضول الطفل الحديث، وتلبي احتياجاته الفكرية في عصر مليء بالتحديات والفرص.
إلهام. ط