
في عصر تتسارع فيه التحولات الرقمية بشكل غير مسبوق، أصبحت الشركات الكبرى في مختلف الصناعات تتسابق لتبني الحلول التكنولوجية التي تعزز من قدرتها التنافسية وتوفر تجربة أفضل للعملاء.
في هذا السياق، نجد أن شركة الوجبات السريعة الشهيرة “كي أف سي”، قد دخلت مرحلة جديدة من التطور الرقمي، حيث قامت بإعادة اكتشاف الدور الحيوي لبرنامج الولاء الخاص بها، فما هي التفاصيل وراء هذه الخطوة؟ وكيف أثرت الرقمنة على مبيعات الشركة؟ وهل تستطيع (كي أف سي)، أن تصبح الرائدة في مجال الولاء الرقمي في المستقبل؟ دعونا نغص في هذه التفاصيل المثيرة.
تعتبر (كي اف سي) واحدة من أكبر سلاسل الوجبات السريعة في العالم، ومع أكثر من 374 فرعا في مناطق متعددة، فإن الشركة دائما ما كانت سباقة في تبني أحدث الاتجاهات التكنولوجية لتلبية احتياجات عملائها. وفي السنوات الأخيرة بدأت الشركة في دمج تقنيات الرقمنة بشكل أكثر تكاملا في استراتيجياتها التجارية. ومن أبرز هذه الاستراتيجيات هو برنامج الولاء الرقمي الذي أصبح الآن يمثل 80 بالمائة من مبيعات الشركة.
التحول الرقمي في (كي أف سي) لا يقتصر فقط على توفير تطبيقات مريحة لطلب الطعام أو تقديم العروض الرقمية، بل يمتد ليشمل مراقبة سلوك العملاء في الوقت الفعلي وتحليل البيانات المستخلصة منهم، هذا النظام الرقمي المتطور يمكن (كي أف سي) من تحديد أنماط الاستهلاك وتقديم العروض والخصومات التي تتناسب مع احتياجات كل عميل بشكل شخصي، مما يعزز من التفاعل والتواصل المباشر مع الجمهور.
إذا كنت تعتقد أن برامج الولاء هي مجرد نقاط مكافآت أو خصومات على الوجبات، فأنت مخطئ تماما في حالة كي أف سي، فإن الأمر أعقد وأكثر تطورا قام الفريق المسؤول عن البرنامج بتطويره ليكون أكثر دقة وتفاعلا، حيث أصبح الآن يراقب سلوك العملاء في الوقت الفعلي، مما يتيح لهم الفرصة لتقديم عروض مخصصة لكل عميل بناء على تفضيلاته واحتياجاته.
بناء ملفات شخصية محدثة
المبدأ الأساسي لهذا النظام هو أن العملاء المخلصين أولئك الذين يشاركون في برنامج الولاء يستهلكون أكثر، (كي أف سي) استطاعت من خلال مراقبة البيانات أن تبني ملفات شخصية محدثة بشكل مستمر للعملاء، حيث يشمل ذلك أوقات وتواريخ الشراء، تفضيلات الطعام وتاريخ تفاعل العميل مع العروض الترويجية. كل هذه المعلومات يتم استخدامها لتقديم عروض مخصصة تجعل العميل يشعر بالتميز والولاء للعلامة التجارية.
ما يجعل هذا النظام الرقمي فعالا هو قدرته على التفاعل اللحظي مع سلوك العميل. فعلى سبيل المثال، إذا قرر أحد العملاء تناول وجبة مفضلة في وقت معين أو قام بزيارة أحد فروع (كي أف سي) بانتظام، فإن النظام الذكي المدمج في التطبيق يستطيع أن يقدم له عروضا مغرية على الوجبات التي يفضلها، بل ويمكن أن يحسن من تجربته بشكل مستمر عن طريق اقتراح وجبات جديدة تتماشى مع ذوقه.
تقديم مكافآت فورية
القدرة على تقديم العروض في الوقت الفعلي لا تقتصر على تقديم الخصومات فقط، بل تشمل أيضا تقديم مكافآت فورية كالعروض المجانية أو الوجبات المضافة مجانا على بعض الطلبات، وهو ما يساهم في زيادة معدلات الاستهلاك وبالتالي تعزيز العلاقة بين (كي أف سي) وعملائها. هذا التفاعل المباشر والمتكامل مع العميل يجعلهم يشعرون بالثقة في العلامة التجارية ويعزز من الولاء طويل الأمد.
التحول الرقمي في (كي أفى سي) لا يقتصر فقط على تحسين تجربة العملاء بل له تأثير كبير على زيادة المبيعات، وفقا للبيانات التي أعلنتها الشركة، أثبتت تكنولوجيا الولاء الرقمية فعاليتها في زيادة نسبة المبيعات بنسبة معتبرة، في الحقيقة الشركات التي تتبنى أنظمة الولاء الرقمي يمكنها أن تحقق معدلات نمو أعلى مقارنة بتلك التي لا تعتمد على هذه الأنظمة، فبفضل قدرة (كي أف سي) على مراقبة سلوك العميل في الوقت الفعلي تستطيع الشركة أن تقدم العروض التي تزيد من فرص البيع والتفاعل المستمر مع الجمهور.
إن الاستفادة من البيانات الرقمية لا تقتصر فقط على تخصيص العروض بل يمكن استخدامها أيضا لتحسين استراتيجيات التسويق، فبفضل المعلومات المستخلصة من تفاعل العملاء مع التطبيق، يمكن لـ(كي أف سي) أن تعرف ما هي أنواع الحملات التسويقية الأكثر نجاحا، ومن ثم تقوم بتوسيع نطاق هذه الحملات أو تعديلها لتناسب جمهورا أكبر الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة التي تعزز من القدرة على تحليل هذه البيانات بسرعة وكفاءة، تجعل كل خطوة تتخذها (كي أف سي) مدروسة ومبنية على أسس علمية.
الاستثمار في الابتكار التكنولوجي
بعيدا عن تقديم العروض والخصومات، فقد نجد أن (كي أف سي) تستثمر أيضا في الابتكار التكنولوجي لتحسين تجربة عملائها، فالتحول الرقمي الذي بدأته الشركة في برنامج الولاء يشمل أيضا استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحسين إدارة المخزون، وتقليل التكاليف وتقديم خدمات توصيل أسرع وأكثر كفاءة. من خلال هذه الخطوات المبتكرة أثبتت (كي أف سي)، أنها ليست مجرد شركة للوجبات السريعة، بل هي علامة تجارية تواكب التطورات التكنولوجية بشكل مستمر وتسعى دائما إلى تحسين تجربة العميل، ولهذا أصبحت واحدة من الشركات الرائدة في القطاع الذي يعتمد بشكل متزايد على التحول الرقمي لتحقيق النجاح والنمو المستدام.
من خلال استراتيجياتها المبتكرة، استطاعت (كي أف سي) أن تثبت أن الولاء الرقمي ليس مجرد فكرة عابرة، بل هو أساس لنجاح الشركات في المستقبل، فكلما كانت الشركات قادرة على التفاعل مع عملائها بشكل دقيق ومستمر، كلما زادت فرص نجاحها في هذا العصر الرقمي المتسارع، ما قامت به (كي أف سي) ليس مجرد تحول في طريقة بيع الوجبات السريعة، بل هو نقلة نوعية في كيفية بناء علاقات مستدامة مع العملاء.