
تحت شعار أدب المقاومة في الجزائر الثقافة في مواجهة الخطاب الكولونيالي، انطلقت فعاليات الملتقى الوطني المنظم من طرف وزارة الثقافة والفنون تحت إشراف المركز الوطني للكتاب في إطار برنامج الاحتفالات بسبعينية الثورة التحريرية المجيدة.
وعرف الملتقى الوطني الذي أشرف على افتتاحه مدير الكتاب والمطالعة العمومية، ممثلا لوزير الثقافة الجديد بمشاركة نخبة من الأدباء والأساتذة الباحثين الذين تناولوا في مختلف تدخلاتهم محاضرات تتناول بعضها النزعة ما بعد الكولونيالية في الخطاب الأدبي ودورها في تفكيك الخطاب الاستعماري، ومقاومة العولمة والهيمنة الثقافية الغربية، وغيرها من المحاور المرتبطة بموضوع الملتقى.
وأكد ممثل الوزارة أن الملتقى جاء ليبرز دور الثقافة في مواجهة وممانعة الخطاب الكولونيالي، وهذا نظرا لاتخاذه أشكالا جديدة في الطرح، مبرزا وضوح معالمه فيما يسمى بأمراض الحرب الجديدة على الشعوب ولاسيما المستعمرات القديمة منها، وذلك لقراءة الواقع وبحث الآليات المعرفية لتعزيز فكرة الممانعة والمقاومة وصون الذاكرة وتطرق المتحدث إلى محاولة الاستعمار غرس أفكار كولونيالية تحت مسميات ثقافية، إذ لم يكن جنوده العسكريين فقط بل رافقه جيش من العلماء من مختلف التخصصات وفي مقدمتهم علماء الاجتماع والجغرافيا والتاريخ والآثار، تحت غطاء الحملات الاستكشافية والعلمية، مضيفا أن هذا كان لدراسة طبيعة المجتمعات الواقعة تحت الاحتلال.
ويؤكد الباحثين أن الهدف من وراء هذا التجنيد هو محاولة السيطرة والتحكم في هذه الشعوب وقمع كل أشكال المقاومة الوطنية، ولذلك جعلت الثقافة الجسر الأكبر نحو ترسيخ التفوق الحضاري للغرب ليروج بأن الشعوب المستعمرة نموذج للبدائية والتخلف، موضحا أنه حسب تصنيفات الخطاب الكولونيالي تأتي في مراتب دنيا مقارنة بالجنس الأبيض، من خلال التركيز على الخلاف بين الأعراف والأجناس، مما كان سببا في توسع الفتن وموجة التوسع الاستعماري على حساب الشعوب.
وأكد “جمال يحياوي” مدير المركز الوطني للكتاب، أن تركيز قطاع الثقافة في السنوات السابقة كان دائما على المقاومة العسكرية وعلى ما يتعلق بالمواجهات العسكرية، وهذا بالرغم من أهمية البعد الآخر المتمثل في المقاومة الثقافية، معتبرا أننا بحاجة اليوم إلى أمن ثقافي مثلما الحاجة إلى أمن اقتصادي وأمن غذائي، مشيرا إلى دور الثقافة في مواجهة الخطاب الجديد. واجمع الباحثين والمتدخلين في الندوة الفكرية الثقافية التي جاءت لاستحضار سبعينية الثورة التحريرية، أن العقل الغربي عمل على تأسيس حملات استكشافية علمية وثقافية واقتصادية وتبشيرية وغيرها، أراد من خلالها دراسة مواطن القوة والضعف عند الشعوب الأخرى أطلق عليها الحملات الكولونيالية غرضها السيطرة والتمدد على حساب الآخر الذي يشكل خطرا على المنظومة الثقافية الغربية صاحبة الاعتقاد بتفوقها المعرفي والفكري والحضاري على العالم .
وهذه النظرة الغربية بالتفوق لم تأت بالصدفة بل استندت إلى آراء فلاسفة ومفكري الغرب الذين صنفوا الشعوب والحضارات إلى أعراق وأجناس وألوان وإلى أول وثانٍ وثالث وإلى مركز وهامش ومتحضر وبدائي، مما دعا الغرب إلى إعادة صياغة، كل ما هو خارج الحضارة الغربية من جديد في كافة المجالات، ولاسيما الثقافية على وفق منظومة معرفية أسس لها العقل الغربي ووضعها في قمة السلم الإنساني كنموذج يحتذى به. وبدأت هذه النظرة تطبق عملياً من خلال السيطرة العسكرية وإخضاع شعوب العالم التي تقع خارج حدود المركز الغربي وانسياقها إلى هيمنة صارمة بمختلف أشكالها ومنها الثقافية التي فرضت على الشعوب بديلاً عن ثقافات محلية. وجاء هذا الملتقى للعودة إلى المرحلة التاريخية للتركيز على ما بعد الاستقلال من خلال الترويج للأفكار في مختلف المجالات.
ع. جرفاوي