
تسببت خطوة جديدة اتخذتها شركة “غوغل” في إشعال مخاوف كبيرة في أوساط وسائل الإعلام العالمية، بعد أن بدأت بتفعيل ميزة تتيح تقديم ملخصات تلقائية للأخبار ضمن خدمة اكتشف، حيث يقوم نظام ذكي بتوليد محتوى مختصر للأخبار المنشورة من مصادر متعددة، ويعرضه مباشرة للمستخدمين دون الحاجة إلى الدخول للموقع الأصلي.
هذه الميزة، التي طُبقت فعلياً في الولايات المتحدة على أجهزة الهواتف المحمولة، جاءت لتُغير شكل التعامل مع الأخبار اليومية، لكنها في الوقت ذاته أثارت تساؤلات عميقة حول مستقبل المؤسسات الصحفية التي تعتمد في دخلها على حركة الزيارات من محركات البحث.
الغريب في هذا التحديث أن “غوغل” لم تقدمه كمرحلة تجريبية، بل كشفت أنه إطلاق رسمي يشمل مواضيع خفيفة نسبيا مثل الترفيه والرياضة والحياة العامة، مع عرض شعار الجهة الناشرة في الزاوية، وتنبيه واضح يشير إلى احتمال وجود أخطاء في المحتوى, نظرا لاعتماده على تقنيات التوليد التلقائي. لكن هذا لا يبدد القلق، بل يزيده، خصوصاً مع ملاحظة أن المستخدم يحصل على جوهر المعلومة مباشرة من واجهة التطبيق، مما يقلل من حاجته لزيارة المصدر، وبالتالي ينعكس سلباً على دخل تلك المؤسسات.
تحول في طريقة عرض الأخبار الرقمية
لا تقتصر التغييرات التي تنفذها غوغل على تقديم الملخصات، بل تشمل أيضاً اليات جديدة لتجميع الأخبار بطريقة أكثر اختصاراً وربطاً للأحداث “ملخصات تلقائية للأخبار”.
فعلى سبيل المثال، أصبحت بعض الأخبار تعرض مع نقاط مختصرة أسفل العنوان، أو تجمع في سلسلة مرتبطة بموضوع معين. وتزامن ذلك مع توجه عالمي نحو استخدام الذكاء الاصطناعي لتبسيط المحتوى وتلخيصه، كما تفعل مؤسسات إعلامية كبيرة مثل وول ستريت جورنال وغيرها.
لكن في ظل هذه التطورات، بدأت نتائجها تظهر بوضوح في بيانات التصفح، حيث أشارت تقارير حديثة إلى تراجع كبير في حركة البحث التي تؤدي إلى زيارات فعلية للمواقع. فعدد الاستفسارات التي لا يتبعها نقر على رابط ارتفع بشكل لافت.
كما أن الزيارات العضوية للمواقع الإخبارية انخفضت خلال العام الأخير بشكل ينذر بتغير عميق في سلوك المستخدمين وطريقة تفاعلهم مع الأخبار.
بدائل متأخرة وغضب متزايد من الناشرين
ردا على هذا القلق، تحاول غوغل تهدئة الأجواء عبر طرح أدوات جديدة تمكن الناشرين من تعويض خسائر الزيارات بوسائل أخرى، منها عرض اشتراكات صغيرة، أو تفعيل نماذج مدفوعة جزئياً، أو حتى عرض إعلانات بشكل موجه داخل المحتوى.
إلا أن هذه الحلول لا تلقى قبولاً واسعاً، خاصة وأنها جاءت بعد فترة طويلة من التراجع، وهو ما يراه بعض أصحاب المنصات الإعلامية بأنه تحرك جاء بعد فوات الأوان.
ويؤكد مراقبون أن العلاقة بين منصات البحث وشركات النشر تمر بمنعطف حساس، حيث أصبحت الخوارزميات هي من تحدد ما يقرأ وكيف يقرأ، بينما تتراجع أهمية البوابة الإخبارية الأصلية كمصدر رئيسي. ورغم محاولات التكيّف.
إلا أن العديد من الناشرين يرون في هذه التوجهات تهديداً مباشراً لاستمرارية مؤسساتهم، في وقت تزداد فيه المنافسة مع تطبيقات تعتمد بالكامل على الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة قراءة أسرع، لكنها قد تكون على حساب العمق والدقة.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله