الثـقــافــة

عن ملحمة مسرحية تكريمية للشهيد “سي زغلول”

عابد بوخبزة يكشف لجريدة "البديل" 

في حديث خاص لجريدة “البديل”، صرّح الكاتب والمخرج المسرحي عابد بوخبزة عن تفاصيل مشروعه المسرحي الجديد الذي يجري الإعداد له بمناسبة الذكرى السبعين لثورة التحرير المجيدة. 

المشروع يتناول سيرة الشهيد البطل بن عدة بن عودة، المعروف بالرائد سي زغلول، أحد رموز جيش التحرير الوطني في الولاية الخامسة التاريخية. بوخبزة أكد أن هذا العمل الملحمي يحمل قيمة رمزية عميقة، مستندًا إلى حياة هذا البطل الذي كان مثالًا للتضحية والبطولة من أجل تحرير الجزائر.

 

من هو الشهيد سي زغلول؟

بن عدة بن عودة، أو كما يعرف بالرائد سي زغلول، وُلد سنة 1927 بدوار سيدي محمد بن عودة قرب غليزان. نشأ في حي الحمري بوهران، حيث عانى من اليتم والحرمان منذ صغره. فقد والدته في سن الخامسة، بعد أن أصيبت بمرض السل، لينتقل بعدها للعيش مع أحد أقربائه. في سن الشباب، انخرط سي زغلول في صفوف الحركة الوطنية، وكان من أوائل من لبوا نداء الوطن. في عام 1948، انضم إلى الجيش الفرنسي وشارك في حرب الفيتنام، ثم نُقل إلى الهند الصينية عام 1949 للمشاركة في الحرب هناك. عاد إلى الجزائر عام 1955 لقضاء عطلة قصيرة بين أهله في غليزان، حيث تعرف على الثورة الجزائرية عن قرب. في مارس 1956، فر من الخدمة العسكرية الفرنسية والتحق بصفوف جيش التحرير الوطني في ناحية تلمسان، ليبدأ مسيرته الثورية الحافلة. خاض عدة معارك حاسمة، منها معركة سيدي غالم الشهيرة قرب طفراوي. بعد مؤتمر الصومام، تمت ترقيته إلى ملازم ثاني وقائد عسكري للمنطقة الرابعة من الولاية الخامسة. اعتقلته القوات الفرنسية وتعرض للتعذيب، لكنه تمكن من الفرار في ديسمبر 1961، واستمر في قيادة المعارك حتى استشهاده في كمين نصبه له الاحتلال في 14 مارس 1962.

 

إلهام فنّي وملحمة تاريخية

تحدث بوخبزة عن الإلهام الكبير الذي استمده من شخصية الشهيد سي زغلول، حيث اعتبر أن حياة هذا البطل تحكي قصة ملحمية مليئة بالتحديات والنضال، وأنها تستحق أن تُجسد في عمل فني يُخلد تضحياته. يقول بوخبزة: “شخصية الرائد سي زغلول ليست مجرد شخصية وطنية، بل هي رمز للقوة والشجاعة، وهو بطل يجسد الروح الثورية الجزائرية بكل معانيها. هذه الشخصية ألهمتني منذ البداية، وكان لابد من تحويل سيرته إلى عمل فني يليق بمقامه”. العمل المسرحي الذي يحمل طابعًا ملحميًا سيشارك فيه أكثر من 28 ممثلًا، ويخرجه المسرحي المعروف سيد أحمد قارة. وأوضح بوخبزة أن المسرحية تسلط الضوء على مآثر الشهيد سي زغلول وتروي تفاصيل حياته منذ طفولته مرورًا بمشاركته في حرب الفيتنام والتحاقه بجيش التحرير الوطني، وصولًا إلى استشهاده. وأضاف: “هذا المشروع ليس مجرد عمل مسرحي، بل هو تكريم لبطولات شهدائنا، وفرصة للأجيال الجديدة للتعرف على هذه الشخصيات التاريخية التي ساهمت في صنع استقلال الجزائر”.

 

تحديات التمويل والدعم

أشار عابد بوخبزة إلى أن المشروع يتطلب ميزانية كبيرة بالنظر إلى حجم العمل وعدد المشاركين فيه. وقال: “لقد أعددت دراسة كاملة للمشروع وأودعت الملف لدى وزارة المجاهدين، آملًا أن يحظى بالدعم اللازم لتنفيذه”. وأضاف أن الأعمال الفنية التي تُخلد تاريخ الثورة تحتاج إلى تمويل كبير، خاصةً وأنها تتطلب إعدادات ضخمة لتجسيد المعارك والأحداث التاريخية بدقة. كما لفت إلى أن ولاية غليزان، مسقط رأس الشهيد سي زغلول، كانت لها دور بارز في الثورة التحريرية المباركة، وهي تزخر بالعديد من الشخصيات الوطنية التي تستحق أن تُبرز في الأعمال الفنية. وقال: “الشخصيات التاريخية مثل الرائد سي زغلول هي جزء من ذاكرة الوطن، ونحن كفنانين نتحمل مسؤولية نقل هذه القصص الملهمة للأجيال القادمة”.

 

الرسالة الفنية وأهمية العمل

ختم بوخبزة حديثه بتأكيد أهمية الأعمال الفنية التي تسلط الضوء على الشخصيات الثورية في الجزائر. وأوضح أن مسرحية “ملحمة الشهيد سي زغلول” ليست مجرد عمل ترفيهي، بل هي رسالة تحمل في طياتها قيم التضحية والنضال من أجل الحرية. وأضاف: “هذا العمل الفني هو بمثابة جسر بين الأجيال، يربط بين الماضي والحاضر، ويذكرنا ببطولات من ضحوا بحياتهم من أجل أن تنعم الجزائر بالحرية والاستقلال”. بوخبزة يتطلع إلى أن يرى هذا العمل النور قريبًا، ليكون ضمن الاحتفالات الرسمية بسبعينية الثورة التحريرية، مؤكدًا أن الجزائر تمتلك مخزونًا ثريًا من الشخصيات التاريخية التي يجب أن تكرمها الأعمال الفنية وتسلط عليها الضوء بشكل يليق بتضحياتها.

جيلالي. ب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى