تكنولوجيا

عــصــر الــعــبــور الــرقــمــي

ثــقــافــة رقــمــيــة

لقد خلقت التكنولوجيا الحديثة ما يمكن اعتباره اقتصادًا رقميًّا موازيًا، ولم تكتفِ بذلك، بل سارعت إلى سحب البساط من تحت أركان الاقتصاد المادي، والذي يمثِّل السلع والخدمات التقليدية، فنظرة سريعة اليوم إلى قائمة أغلى العلامات التجارية نجد أن شركات التكنولوجيا لها نصيب الأسد من عدد تلك الشركات، مثل أمازون وآبل وغوغل ومايكروسوفت وفيسبوك، متفوِّقة بذلك على مؤسسات وشركات تقليدية كبرى أمثال جنرال موتورز الأمريكية وأرامكو السعودية، واليوم نرى لأول مرة تتغلَّب مبيعات الساعة الرقمية لشركة آبل على الساعات السويسرية المشهورة. كل تلك التغييرات الجذرية تنبِّئ عن تحوُّل رهيب في بنية الاقتصاد العالمي، لا سيما مع توسيع أنشطة التجارة الإلكترونية وزيادة محتوى الذكاء الاصطناعي للسلع، فأصبحنا اليوم نرى المنتجات والتطبيقات الذكية كالحاسوب والهاتف النقَّال وشبكات الاتصال وتقنيات الواقع الافتراضي، ومن المتوقع أن تلك الفجوة بين العالم المعلوماتي والتقليدي ستستمر في التوسُّع، وعلى أعمدة الاقتصاد التقليدي اليوم أن تحضر بزَّة النجاة بأن تستجيب للتغيرات التكنولوجية طوعًا أو كرهًا، وإلا فإن الطوفان الرقمي قادم لا محالة. فعلى سبيل المثال: تتعاظم اليوم مبيعات شركات تسلا للسيارات الكهربائية، ونتيجة لذلك وصلت القيمة السوقية للشركة إلى ما يربو على نصف تريليون دولار أمريكي، مسجِّلة بذلك إحدى أكبر الشركات قيمةً سوقيةً في التاريخ، ويطمح رواد المشروع إلى تحويل تلك السيارات إلى أن تصبح ذاتية القيادة، كما أن العالم في أعقاب انتظار الموجة الثانية من الثورة التقنية، والتي تتمثَّل في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الروبوت، وإنترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد وتكنولوجيا الواقع الافتراضي المعزز وشبكات الجيل الخامس من تكنولوجيا الاتصالات، فكل التكاليف التي تتكبَّدها الدول والشركات اليوم من أجل الاستثمار في تلك التقنيات، لن تُقارن بأيِّ حال مع الأرباح الفلكية التي ستجنيها تلك المؤسسات في المستقبل. لعلَّنا اليوم نعيش في عصر ما يمكن أن يُطلق عليه “عصر العبور الرقمي”، فإحدى قدمينا اليوم ما زالت في العصر التقليدي القديم والأخرى سبقتنا إلى العصر الرقمي القادم، وتأتي أهمية الكتاب الذي بين أيدينا في أنه يُطلِعك على المستقبل وفرصه وتحدياته، وأثر تلك التطورات في التجارة والأعمال والتعليم والحياة.

ق.ح/ وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى