تكنولوجيا

عبر تطوير تقنيات (الذكاء الاصطناعي الحسي)

تمكين الروبوتات من الشعور باللمس وفهم الإشارات الحسية

في ظل التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، قامت شركة (ميتا) بخطوة جريئة نحو المستقبل عبر تطوير تقنيات (الذكاء الاصطناعي الحسي)، تهدف هذه التقنيات إلى تمكين الروبوتات من الشعور باللمس وفهم الإشارات الحسية، مما يمثل تحولا نوعيا يمكن أن يعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والآلة. لكن هل سيكون هذا التطور بداية لعالم يتشارك فيه البشر والروبوتات حياة يومية أكثر تداخلًا؟

قدمت “ميتا” ضمن هذه المبادرة 3 أدوات رئيسية، الأداة الـ1 تُعرف باسم (سبارش)، وهي نظام ذكاء صناعي مصمم لفهم الإشارات الحسية والتفاعل معها في الوقت الفعلي، مما يمنح الروبوتات القدرة على التكيف السريع مع تغييرات البيئة المحيطة. الأداة الـ2، (ديجيت 360)، هي جهاز استشعار يشبه طرف الإصبع يتيح للروبوتات الإحساس بتفاصيل دقيقة مثل وخز الإبر أو ملمس الأسطح المختلفة. أما الأداة الـ3، (ديجيت بليكسوس)، فهي نظام متكامل يتيح توحيد أجهزة الاستشعار الحسية في الروبوتات بمختلف تصميماتها، مما يسهل جمع وتحليل البيانات الحسية لتحسين أدائها.

ورغم أن الهدف الرئيسي من هذه الأدوات يتمثل في استخدامها بمجالات عملية مثل الرعاية الصحية والصناعات الدقيقة، إلا أن لهذه الابتكارات أبعادًا أعمق تتعلق بتعزيز دمج الروبوتات في حياة البشر اليومية كجزء من التجربة الإنسانية.

إضافةً إلى هذه الأدوات، أطلقت ميتا معيارًا جديدًا يُعرف بـ(بارتنر)، وهو مقياس مبتكر لقياس مدى قدرة الروبوتات على التعاون مع البشر في إنجاز مهام معقدة تتطلب التخطيط والتنفيذ المتزامن. يعتمد هذا المعيار على تقنيات الذكاء الصناعي المتقدمة لتحسين التفاعل بين الإنسان والآلة، مما يمهد الطريق لروبوتات يمكن اعتبارها شركاء فعليين بدلاً من مجرد أدوات. ومع ذلك، يثير هذا التقدم تساؤلات حول مدى استعداد المجتمع للتعامل مع الروبوتات كرفقاء، وهل يمكن أن يؤدي هذا التطور إلى تعقيدات غير متوقعة؟

يرى “علي أحمد”، المؤسس المشارك لشركة روبومارت، أن هذه الروبوتات الحسية قد تحدث ثورة في كيفية تفاعل البشر مع الآلات، لكنه يشدد على أهمية مراجعة دور الروبوتات في المجتمع لضمان تحقيق التكامل بدلاً من التسبب في صراعات.

رغم الحماس الكبير حول هذه الإمكانيات، هناك انقسام واضح بين الخبراء بشأن تأثيراتها المستقبلية. يعتقد “أوغسطين هورتا”، نائب رئيس الابتكار الرقمي في شركة “غلوبانت”، أن منح الروبوتات إحساسًا شبيهًا بالبشر قد يكون مبالغًا فيه، مشيرًا إلى ضرورة التركيز على الفوائد العملية لهذه التقنية بدلاً من السعي لجعلها أكثر شبهًا بالإنسان. في المقابل، يرى مؤيدو هذه التقنية أنها ليست مجرد تحسين لقدرات الروبوتات، بل خطوة جوهرية نحو بناء بيئة مشتركة بين البشر والآلات. ويؤكد هؤلاء أن القدرة على الشعور ستُمكِّن الروبوتات من فهم العالم المادي بشكل أعمق، مما يمهد الطريق لتعاون أكبر في مجالات مثل الرعاية الصحية، والصناعات المتطورة، والخدمات اليومية.

ولضمان نجاح هذه الابتكارات، دخلت ميتا في شراكة مع شركتين رائدتين، الأولى هي شركة (جيلسايت) التي ستتولى إنتاج جهاز الاستشعار (ديجيت 360) والمتوقع طرحه في الأسواق العام المقبل، أما الشراكة الثانية فهي مع شركة (وونيك روبوتيكس) التي تعمل على تطوير الجيل الجديد من الأذرع الروبوتية الداعمة لنظام (ديجيت بليكسوس)، والتي تتيح تنفيذ مهام حساسة بدقة عالية.

مع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي الحسي، يبدو أن العلاقة بين البشر والآلات تتجه نحو آفاق جديدة، حيث قد يتجاوز دور الروبوتات كونها أدوات إلى أن تصبح شركاء فعليين في الحياة والعمل. ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: هل نحن قادرون على إدارة هذا التغيير وضمان أن يخدم البشرية؟ أم أننا قد نواجه تحديات اجتماعية وأخلاقية غير متوقعة في هذا المسار؟ الإجابة ستعتمد على كيفية تبني هذه التقنيات وقدرتنا على تحقيق توازن بين الاستفادة منها ومواجهة التحديات المرتبطة بها.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى