
شهدت المؤسسات التعليمية، في ولاية تيارت مع نهاية السنة الدراسية “احتفالات” غريبة، تتمثل في تمزيق التلاميذ للكراريس والكتب ورميها وسط الطرقات.
ويشعر المار بجوار المؤسسات التعليمية بالولاية، بالانزعاج من تلك المشاهد التي يراها أمام بوابات المدارس، وحسب تصريحات أولياء التلاميذ الذين كانوا ينتظرون أبناءهم أمام بعض المتوسطات، فقد أضحى تمزيق الكتب والكراريس، علامة مسجلة عند كل نهاية موسم دراسي بالنسبة للتلاميذ، الذين لم يجدوا إلا هذا الفعل للتعبير عن نشوة الفرح بنهاية عام دراسي كان شاقا بالنسبة إليهم، إذ تحولت ساحات المدارس والطرق المؤدية إلى هذه المتوسطات إلى أكوام من الورق المتناثرة في كامل الأرجاء.
وحتى عمال النظافة، استاؤوا من الظاهرة، التي وصفوها بغير الأخلاقية، حيث أصبحوا محتارين من أين يبدؤون جمع هذه الأوراق المتراكمة، التي نقلتها الرياح في كل مكان، حيث اعتبروا:” الظاهرة التي نعيشها نحن عمال النظافة كل سنة مع نهاية الدراسة، وهي متعبة لنا حقا، إذ لا يمكننا كنس الأوراق بالمكنسة لصعوبتها، ما يضطرنا إلى التقاطها بأيدينا ورقة ورقة.. والأمر فيه مشقة”.
وناشدوا أولياء التلاميذ والمعلمين القيام بتوعية وتحسس التلاميذ قبل نهاية السنة الدراسية، حول الآثار السلبية لهذه الظاهرة، وبالخصوص على عمال النظافة وسكان الأحياء، وعلى المنظر العام للشوارع.
وإلى سنوات قريبة، كانت الأجيال السابقة، تحتفظ بجميع كراريسها، لتبقى ذكرى جميلة في خزانتهم، بعد تخرجهم من الدراسة، وحتى بعد تكوينهم عائلات. إلى درجة أن بعض الآباء لا يزالون إلى اليوم، يطلعون أبناءهم على كراريسهم وبكل فخر واعتزاز.
أما الكتب، فالأجيال السابقة كانت تهتم بها كثيرا، فتغلفها بإتقان، ومنهم من يعيد بيعها لكسب بعض المال، وآخرون يحتفظون بها لسنوات. وفي الموضوع، اعتبر الكثير من جمعيات اولياء التلاميذ، أن سلوك تمزيق الكراريس الذي تحول إلى ظاهرة عبر مدارسنا، في نهاية كل موسم دراسي “ظاهرة سلبية، تنم عن غياب الوعي في المجتمع”.
وقالوا:” بعد نهاية امتحانات الفصل الثالث في الأطوار الثلاثة، كثير من المؤسسات التربوية التي تمر بالقرب منها بتيارت وبلدياتها، تشاهد كراريس ممزقة أمامها، معتبرين أن بعض الكراريس مدون فيها آيات قرآنية، ولفظ الجلالة، ومع ذلك يرميها التلاميذ أرضا لتدوسها أقدام المارة.
ووصفوا الظاهرة بـ “المسيئة لقطاع التربية الذي تصرف عليه الدولة ملايير الدنانير سنويا، والمشوهة لقيمة المدارس التربوية، وللمنظر العام للمدن”، ليرجع سببها الرئيسي إلى غياب التوعية والتربية السليمة، من طرف الأولياء ثم التحسيس من الأساتذة.
واعتبر محدثينا أن أجيال الستينيات والسبعينيات، كانت تعتبر كراريسها كنزا وذكرى جميلة، تحتفظ بها لسنوات وسنوات، “كما أن الظاهرة ليست تقليدا للغرب، لأن الغربيين أكثر حبا لكراريسهم وكتبهم ومقتنياتهم.. والسلوك نجده في دول العالم الثالث فقط” على حدّ قوله، ليدعو الأساتذة إلى تكثيف عملية النصح والإرشاد والتوجيه، للتلاميذ مع اقتراب نهاية كل موسم دراسي.
جمال غزالي