خاص

ضرورة بنية تحتية رقمية للدفع الإلكتروني لتتحكم الدولة في حركية المال

التجارة الإلكترونية في الجزائر

تعمل الجزائر على مواكبة التطورات الحاصلة في مجال التجارة الإلكترونية والمالية الرقمية، عبر تبنيها مشروع الرقمنة، والاقتصاد الرقمي، الذي يسمح بدعم المداخيل من خلال الشركات الناشئة واقتصاد المعرفة، على غرار التجارة الإلكترونية، التي أصبحت بابا مفتوحا للجميع، ووسائل التواصل الاجتماعي تعج بالمبيعات في هذا الإطار.

وللتفصيل أكثر في مجال “التجارة الإلكترونية”، تقربت جريدة “البديــل” من الأستاذة “شامي فاطمة الزهراء”، وهي حاصلة على شهادة دكتوراة في التسويق من المدرسة العليا للتجارة، وأستاذة بالمدرسة العليا للتسيير والاقتصاد الرقمي بالقليعة (تيبازة)، حيث أوضحت أن التجارة الإلكترونية باختصار تشير إلى عمليات البيع والشراء التي تتم عبر الإنترنت. في هذا النوع من التجارة، يتم تبادل المنتجات والخدمات بين الأفراد أو الشركات باستخدام الوسائل الإلكترونية، مثل الإنترنت.و يتيح الإنترنت وتقنيات الدفع الآمنة والتقدم في تكنولوجيا المعلومات تيسير عمليات التجارة الإلكترونية، مما يوفر راحة للمستهلكين وفرصًا للشركات لتوسيع نطاق عملها والوصول إلى أسواق عالمية. مضيفة أنه يمكن لأي كيان أو فرد الاستفادة من التجارة الإلكترونية بمختلف أنواعها ونماذجها، سواء كان ذلك للتجارة بين الأفراد، الشركات، الحكومات أو المؤسسات الأخرى، مثل الشركات التجارية الكبيرة والصغيرة، أفراد وتجار صغا، الحكومات، الجمعيات الخيرية، الفنانين والمبدعين، الموظفين الأحرار والعمل الحر، الشركات الاجتماعية. وبخصوص التجارة الإلكترونية في الجزائر، فقد ذكرت الأستاذة “شامي”، أنها شهدت تطورًا بطيئًا في المقارنة مع بعض البلدان الأخرى، ولكنها بدأت في الظهور وتلقي اهتمامًا متزايدًا في السنوات الأخيرة خاصة منذ جائحة الكوفيد 19، والتي أدى الحجر الصحي إلى ازدهار عملية التوصيل ونمو شركات التوصيل الخاصة، والتي تعمتد بشكل أساس على التجارة الالكترونية .. كما أن الوعي وثقافة الشراء عبر الانترنت عرفت تزايدا ملموسا، حيث أصبح وعي المستهلكين يزداد حول ضرورة التسوق عبر الانترنت ومزاياه والثقة التي بنيت بين البائع والمشتري، والذي يعتبر عاملا مهما لنجاح التجارة الالكترونية، لكن تبقى التجارة الالكترونية في الجزائر محلية نظرا لانعدام بنية تحتية رقمية تخص وسائل الدفع الالكترونية، مثل بطاقات الدفع المسبق التي لا يتجاوز استعمالها 20% من المجتمع الجزائري، كما أن دور الثقة يلعب دورا أساسيا في هذا الجانب، بحيث يفضل أغلب المتعاملين أن يتم الدفع عند الاستلام لتفادي مشكلة الخداع والسرقة. مضيفة أن التجارة الإلكترونية قد تأثرت بشكل متزايد على التجارة الكلاسيكية في الجزائر، وذلك نتيجة للتحولات التكنولوجية وتغيرات سلوك المستهلكين. فقد أدى ظهور التجارة الالكترونية في الجزائر إلى تغيير في عادات التسوق بحيث أصبح بعض المستهلكين يقومون بمشترياتهم عبر الانترنت بدلا من الذهاب إلى المتاجر التقليدية. كما أدت هذه التجارة إلى خلق أسواق جديدة وزيادة تنافسية كبيرة وتغيير في النماذج التسويقية الخاصة بالشركات، وذلك باعتماد نماذج تسويقية الكترونية عبر مختلف المنصات الالكترونية. وعن نجاح الكثير من الأشخاص في مجال التجارة الإلكترونية، عبر هواتفهم الذكية فقط  دون الحاجة إلى مستوى دراسي عالي، فقد أرجعت المتحدثة ذلك إلى عدة أسباب، على غرار سهولة الوصول والاستخدام، حيث يُعد استخدام الهواتف الذكية وتطبيقات التجارة الإلكترونية أمرًا سهلاً ومباشرًا، فيمكن للأفراد تصفح المتاجر وإجراء عمليات الشراء بسهولة باستخدام واجهات بسيطة وسهلة الفهم. توفر التكنولوجيا بأسعار معقولة، فهناك انتشار واسع للهواتف الذكية بأسعار معقولة، مما يجعلها متاحة لفئات واسعة من الناس دون الحاجة إلى استثمار كبير في التكنولوجيا. فرص الأعمال الصغيرة والمتوسطة، لأن التجارة الإلكترونية توفر فرصًا للأفراد لإقامة أعمال صغيرة أو متوسطة دون الحاجة إلى رأس مال كبير. كما يمكن للأفراد بسهولة بيع منتجاتهم أو خدماتهم عبر منصات التجارة الإلكترونية. التعلم الذاتي، فهناك العديد من رواد الأعمال في مجال التجارة الإلكترونية يكونون قد اكتسبوا المهارات اللازمة بشكل ذاتي، من خلال الموارد المتاحة عبر الإنترنت، سواء كانت دروسًا على اليوتيوب، دورات عبر الإنترنت، أو تبادل الخبرات في المجتمعات الرقمية. إلى جانب والابتكار والإبداع، حيث يمكن للأفراد الذين لا يملكون مستوى دراسي عالي أن يكونوا مبدعين ومبتكرين في إيجاد أساليب فعالة للتسويق وإدارة أعمالهم الإلكترونية. القدرة على التفكير الابتكاري، والتكيف مع التحولات في السوق قد تكون مفيدة لتحقيق النجاح. مذكرة أنه بالمجمل، يظهر أن التجارة الإلكترونية توفر بيئة مفتوحة للجميع، ويمكن للأفراد ذوي المستوى التعليمي المختلف أن يجدوا فيها فرصًا للنجاح بناءً على الكفاءات والابتكار. وفيما يتعلق بضرورة وجود معاهد ومدارس عليا للتجارة الكلاسيكية في عهد ازدهار التجارة الإلكترونية، أكدت الأستاذة “شامي”، أن وجود تلك الفضاءات التعليمية ضروريا، لأن هذه المعاهد تقدم شهادات علمية وتوجه مهني، ومعترف بها، كما تسمح لحاملها ولوج سوق العمل بثقة في سوق العمل الالكتروني، مثلا نحن في معهدنا بالقليعة، هناك تخصص كامل حول التسويق الرقمي أو التجارة الرقمية. وكل عام جامعي، ينتهي بمجموعة مشاريع مبتكرة تدخل في حاضنة الأعمال، التي تخرج مقاولين عندهم كل المهارات للانطلاق في تجسيد مشاريعهم. كل المعاهد تقدم برامج تعليمية متكاملة تجمع بين المهارت الرقمية والتجارة الكلاسيمية والمهارات والترويج والاقتصاد، تساعد في منح الطالب معطيات ومهارات تساعده على فهم المجال وكيف يتعامل مع التكنولوجيا وكيف تكمل التكنولوجيا الوظائف والأعمال. كما توجد تخصصات في التجارة الالكترونية، مثلما هو الحال بالنسبة لمعهدنا ، هناك برامج تعلم التحليل البياني والبرمجة والمشاريع الرقمية. فالتخصصات والبرامج التعليمية والتكوينية توفر  فهما عميقا للمفاهيم والتقنيات المستعملة.

من جهته، ذكر الأستاذ “عصام برحاب”، أن التجارة الالكترونية بمفهومها الواسع هي تسهيل التحويلات المالية، وتضييق على الفوضى في مجال التجاري والقضاء على التهرب الضريبي. مردفا أن الاعتماد على التجارة الإلكترونية يسمح للتاجر أو المؤسسة المنتجة بتسيير مخزونها، عبر رقمنة كل المنتجات، وهو ما يسهل التعامل مع الزبون أو المستهلك، لمعرفة متى تكون السلعة أو المنتوج جاهزا، كما تسمح بتقييم العرض والطلب، من خلال دراسة السوق ومعرفة حاجة المستهلك.  وأردف “برحاب”، أن تسيير المخزون والتوزيع مهم جدا، في الحركة التجارية، فهو يهدف ربح الوقت وزبائن جدد، كما أنها تساهم في حركية المال، مما يجعل المستوى المعيشي يرتفع. نبه ذات المتحدث إلى أن التجارة الالكترونية تعتمد على التسويق، وهو ما يفرض رقمنة كل المنتجات. لكن لنجاح قطاع التجارة الإلكترونية، وجب وضع قانون خاص ينظم التجارة الالكترونية، ليضبط العلاقة بين المؤسسات المالية والبنوك والوزارات المعنية، تساهم في دراسته ووضعه وزارتا التجارة والمالية، يعرض على البرلمان للمناقشة والإثراء، يؤكد “برحاب”. كما أشار إلى أنه من الضروري إنشاء بطاقات إلكترونية تسمح بالتعامل عبر التحويل المالي. إلى جانب تزويد كل مؤسسة تجارية وإنتاجية بجهاز رقمي للتعامل ببطاقات الدفع الالكتروني، وهو ما يسهل التعامل إلكترونيا ويحد من التهرب الضريبي، ويسمح للدولة بالاطلاع حركية المال وبالتالي تحكمها في السوق التجارية. وأردف المتحدث أن التعامل المصرفي يجب أن يتوفر على المستوى المحلي، انطلاقا من المؤسسات العمومية. ناهيك عن ضرورة رقمنة كل القطاعات لتسهيل التعامل الالكتروني في مجال الدفع. مشيرا أن التعامل بين المؤسسات الرسمية سيفرض على المواطن البسيط التعامل المالي الرقمي. أما بخصوص البطاقة الالكترونية، فرد الأستاذ “برحاب” أنه يتم تحديد قيمة مالية للدفع، مقابل قيمة محددة رمزية لفائدة البنك، تدفع عبر اشتراك سنوي حتى يتم الانتفاع بخدماتها. وهي الطريقة التي يراها المتحدث، تسمح للدولة بالتحكم في حركية المال وتصبح على دراية بالقيمة المالية الخاصة بالدخل والصرف.

وعن مكانة التجارة الالكترونية في المناطق التجارية الحرة، ذكر الأستاذ “برحاب” أنها ستحقق نتائج جد إيجابية بالمناطق التجارية الحرة التي تعمل الجزائر على إنشائها، على غرار فتح فرع بنك جزائري في موريتانيا، سيؤدي إلى التعامل الثنائي ويسهل تحويل العملة، كما أنه يسمح بتجنب تعامل ثالث (لا حاجة للدولار). ناهيك عن قيمة العملة الوطني، التي ستحافظ على قيمتها وترتفع أيضا.

إعداد: عبير. ص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى