
استأنفت بأبوجا أشغال الورشة الـ 14 لرابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل حول “دور العلماء في معالجة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة”.
ففي يومها الثاني والأخير، ستنصب أشغال هذه الورشة على استعراض تجارب الدول الأعضاء بوحدة التنسيق والاتصال لدول الساحل الإفريقي في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف بالمنطقة للخروج بعدها بتوصيات حول أنجع الطرق الكفيلة بتمكين العلماء من المساهمة بفعالية أكبر في هذا المجال، لتختتم الورشة بتبني بيانها الختامي.
وكان اليوم الأول من هذه الورشة قد تميز بمداخلات لممثلي هذه الدول، أجمعوا من خلالها على أن استئصال ثلاثية الإرهاب و التطرف و الجريمة المنظمة يعتمد على قدرة دول الساحل على توجيه جهودها في هذا المجال نحو اتجاه واحد.
فمع استفحال الإرهاب و توسع رقعة نشاطاته الإجرامية، أصبح من الضروري العمل على تكاثف الجهود بين هذه الدول، حسب ما شدد عليه المشاركون في هذه الورشة الذين حملوا العلماء والأئمة دورا لا يستهان به في معالجة هذا الوضع من خلال تصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة التي تنشرها المنظمات الإرهابية خدمة لمصالحها، بالتأثير على أهالي المنطقة واستعمال وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
للتذكير، تعرف هذه الورشة مشاركة علماء وأئمة ودعاة يمثلون 11 بلدا من منطقة الساحل ثمانية منهم دائمو العضوية بوحدة التنسيق والاتصال لدول الساحل الإفريقي الكائن مقرها بالجزائر، ويتعلق الأمر بكل من الجزائر وبوركينا فاسو وليبيا وموريتانيا ومالي والنيجر ونيجيريا والتشاد، علاوة على ثلاثة بلدان أخرى تحمل صفة أعضاء ملاحظين وهم غينيا و السينغال وكوت ديفوار.
شدد رئيس رابطة علماء ودعاة و أئمة الساحل أبو بكر والار، على أنه يتعين على الدول الإفريقية الاستفادة من التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب والتطرف التي تعد من أكثر التجارب نجاحا في هذا المجال.
وفي تصريح له، ثمن والار الطرح الجزائري في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، بقوله كنا نقول دائما أنه يتعين على إفريقيا أن تستفيد من التجارب الناجحة وعلى رأسها التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب وإسقاطاته، وذكر والار بأن الجزائر لطالما وقفت إلى جانب إفريقيا بمساهمتها وبشكل كبير في استباب الأمن في المنطقة، ليؤكد على أنه يتعين على سلطات الدول الإفريقية الاقتداء بالتجربة التي حازتها الجزائر في دحر الإرهاب وقطع الطريق أمام النشاطات التي تقودها الجماعات الإجرامية التي تستهدف الأرواح و تضرب استقرار الدول.
كما أشاد رئيس الرابطة، بتمسك الجزائر بموقفها الثابت الرافض للتدخلات الأجنبية التي خلقت وضعا معقدا بمنطقة الساحل الإفريقي كان له الأثر في تفشي الإرهاب واتساع رقعته، لافتا إلى أن الإرهاب و التطرف العنيف والجريمة المنظمة ظواهر لا يمكنها الانتشار إلا في ظل الفوضى.
وأثرت هذه التدخلات الأجنبية التي تعمل وفق أجندات محددة بشكل سيئ جدا على الأمن بمنطقة الساحل، بتوفيرها البيئة المناسبة لتنامي الإرهاب وتوسع الحيز الجغرافي للنشاطات الإجرامية وهو الأمر الذي أصبح أهالي منطقة الساحل واعون له، ومما يؤكد ذلك تعالي الاحتجاجات الشعبية مؤخرا في مالي و بوركينا فاسو والنيجر ضد هذه التدخلات الأجنبية التي تعمل لمصالحها الخاصة على حساب شعوب المنطقة.
كما توقف والار، عند بروز الفتاوى المستوردة التي يرمي أصحابها إلى تضليل شباب الساحل وغسل أدمغتهم، مشددا على أن إفريقيا تمتلك خصائصها فيما يتصل بالجوانب الفكرية والروحية والعقائدية والفقهية ولا مكان بها لهذه الفتاوى المغرضة، ليضيف أيضا القول بأن الشعوب لا تنسجم إلا مع ثقافاتها ينطبق أيضا على مرجعياتها الدينية فالفتاوى المستوردة لا تناسب دول إفريقيا.
ولمجابهة هذا الخطر القادم من الخارج، تم تأسيس رابطة علماء و دعاة و أئمة الساحل التي تعمل وفق منهج مقارعة الفكر بالفكر، من خلال طرح الفكر الصحيح اعتمادا على تراثنا الأصيل ومرجعيتنا الدينية المعتدلة، وقد عرج في هذا الصدد على بلاده التشاد التي تتعامل بحزم مع هذا النوع من الفتاوي.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان دعاة و أئمة الساحل مؤهلون للعب الدور المنوط بهم في مجابهة الإرهاب، أقر رئيس الرابطة بأن الكثير منهم يفتقرون إلى التكوين غير أن جزء كبيرا منهم استفادوا من برامج التكوين التي وفرتها الورشات الإقليمية الـ 14 المنظمة إلى غاية الآن من قبل الرابطة، وبالنظر إلى أهمية تمكين الإمام من أن يكون مواكبا لعصره، يتعين تشجيعه على التعامل مع وسائل الإعلام وشبكات الاتصال الاجتماعي حتى يكون على نفس السرعة مع الإرهابيين والمتطرفين الذين تجاوزت نشاطاتهم جدران المساجد.
وكشف في هذا الإطار، عن سعي بعض دول الساحل إلى إنشاء مؤسسة لتدريب الأئمة والدعاة بالاستفادة من تجارب أخرى، على غرار إدراج المرأة في مجال التوعية الدينية حيث يعود الفضل في هذا المجال إلى الجزائر التي كانت السباقة إلى إشراك المرشدات الدينيات في نشر الوعي ومكافحة التطرف.
وبالمناسبة، أشار رئيس الرابطة إلى مباشرة اتصالات مع المنظمات الدولية غير المشبوهة للعمل سويا من أجل التصدي للإرهاب الذي لا ينحصر في بلد دون آخر، كمنظمة التعاون الإسلامي و الاتحاد الإفريقي والهيئات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.
لعمامرة: ضرورة تبني مبدأ الحلول الداخلية لمشاكل إفريقيا
وقد شارك وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، شارك يوم أمس عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد، في جلسة وزارية لمجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي خصصت لبحث موضوع “الترابط بين السلم والأمن والتنمية”.
شدّد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، على ضرورة تبني مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية كهدف استراتيجي من شأنه تعزيز قدرة إفريقيا على الدفع بقدرتها الجماعية للاعتماد على الذات، مع تمكين إرساء شراكات متوازنة ومسؤولة تحترم حق أفريقيا في التنمية وتضع حدا لتهميشها الذي طال أمده في جميع مجالات الحياة الدولية.
وأكد لعمامرة، في مداخلته بهذه المناسبة، أن التنمية ترتبط ارتباطا وثيقا بتوفر بيئة يسودها السلم والأمن، مما يستدعي عملية تكييف مستمرة لأساليب العمل حتى يتسنى معالجة الأسباب الجذرية التي تؤدي إلى ظهور النزاعات، وذلك من خلال اعتماد نهج متكامل وشامل ومتعدد الأبعاد.
وفي هذا الصدد، سلط الوزير الضوء على التحديات الناجمة عن التدفقات المالية غير المشروعة من إفريقيا، من جهة، والتدفق غير المشروع للأسلحة إلى إفريقيا، من جهة أخرى، حيث أوضح أنه على الرغم من الاختلاف في طبيعتهما، فإن كلا التدفقين يساهمان في تغذية حالة اللااستقرار في القارة، وبالتالي يجب التعامل معها من خلال مقاربة شاملة.
كما شدد رئيس الدبلوماسية الجزائرية، على ضرورة تبني مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية كهدف استراتيجي من شأنه أن يعزز قدرة إفريقيا على الدفع بقدرتها الجماعية للاعتماد على الذات، مع تمكين إرساء شراكات متوازنة ومسؤولة تحترم حق أفريقيا في التنمية وتضع حدا لتهميشها الذي طال أمده في جميع مجالات الحياة الدولية.
ق.ح