تكنولوجيا

شركات التكنولوجيا العملاقة تستثمر في تأهيل المعلمين لمواكبة الذكاء الاصطناعي

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن وتيرة اعتماد الذكاء الاصطناعي في المؤسسات التعليمية تتسارع بشكل ملحوظ، إلا أن هذا التقدم التقني السريع لا يقابله مستوى كافٍ من التأهيل والإرشاد التربوي للمعلمين، في إطار سعيها لدمج الروبوتات التفاعلية والأنظمة الذكية في الصفوف الدراسية، قامت عمالقة التكنولوجيا بدفع مبالغ طائلة لتدريب المعلمين في الولايات المتحدة،وقد شهدت مدينة سان أنطونيو مؤخراً ورشة عمل تطوع خلالها عشرات المعلمين بقضاء يوم عطلتهم للاطلاع على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، خلال هذه الورشة شاهد المعلمون عن كثب كيف تقوم الأدوات الذكية بتصحيح الواجبات المدرسية فوراً، وتحويل خطط الدروس إلى مقاطع صوتية أو قصص رقمية على الإنترنت، ورغم إعجاب الحضور بالإمكانيات الجديدة، إلا أن البعض عبر عن مخاوفه من احتمال أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المعلمين البشر في المستقبل القريب.

 

 

شراكات استراتيجية لسد الفجوة التقنية

لضمان بقاء أربعة ملايين معلم أمريكي في صدارة التطور التقني، وتعليم الطلاب كيفية استخدام هذه التقنيات بشكل مسؤول، أقامت النقابات التعليمية شراكات استراتيجية مع أكبر شركات التكنولوجيا في العالم. جاءت هذه الخطوة على الرغم من الاختلافات الجوهرية في الرؤى بين الطرفين حول علاقة التكنولوجيا بالتعليم. وقد قدمت شركات مثل مايكروسوفت وأوبن إيه آيوأنثروبيك تمويلاً بملايين الدولارات لتدريب أعضاء الاتحاد الأمريكي للمعلمين، الذي يعد ثاني أكبر نقابة تعليمية في البلاد. وأوضحت رئيسة الاتحاد أن عدم وجود جهات داعمة في هذا المجال دفعهم للتعاون مع أكبر الشركات التقنية. وبموجب الاتفاقية التي أعلن عنها في الصيف الماضي، خصصت مايكروسوفت مبلغ 12.5 مليون دولار على مدى خمس سنوات، بينما قدمت أوبن إيه آي 8 ملايين دولار بالإضافة إلى مليوني دولار كموارد تقنية، في حين خصصت أنثروبيك نصف مليون دولار لدعم المبادرة.

 

مراكز متخصصة وضوابط صارمة للتأهيل

يعتزم الاتحاد الأمريكي للمعلمين إنشاء مركز متخصص للتدريب على الذكاء الاصطناعي في نيويورك، سيوفر ورش عمل افتراضية وحضورية للمعلمين، مع خطة لافتتاح مركزين إضافيين على الأقل وتدريب 400 ألف معلم خلال خمس سنوات. في الوقت نفسه، أعلنت رابطة التعليم الوطنية، أكبر نقابة للمعلمين في الولايات المتحدة، عن شراكتها مع مايكروسوفت لتطوير برامج تأهيل مصغرة لأعضائها الذين يبلغ عددهم ثلاثة ملايين معلم، بهدف تدريب عشرة آلاف عضو خلال العام الدراسي الحالي. وقد وضعت النقابات شروطاً واضحة لضمان نجاح هذه الشراكات، حيث اشترطت أن يتم تصميم وقيادة البرامج التدريبية من قبل المعلمين أنفسهم، وأن تغطي جميع أدوات الذكاء الاصطناعي من مختلف الشركات، مع الاحتفاظ بالحقوق الفكرية لهذه البرامج بما فيها جوانب السلامة وحماية البيانات الشخصية.

 

إمكانيات واعدة وتحديات محتملة

أظهرت الدراسات الحديثة أن استخدام الذكاء الاصطناعي في المدارس يشهد توسعاً مطرداً، إلا أن برامج التدريب والإرشاد لا تزال غير كافية لمواكبة هذا التطور. بينما توفر شركات التكنولوجيا الموارد اللازمة لتعزيز المهارات الرقمية بسرعة، فإنها تؤكد على أهمية التحرّي والحذر في التطبيق. وقد صرح رئيس مايكروسوفت أنه على الرغم من سهولة رؤية المكاسب حالياً، إلا أنه يجب أن نكون دائماً على دراية بالنتائج غير المقصودة، خاصة تلك المتعلقة بتأثير التكنولوجيا على مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب. خلال ورشة العمل التي نظمها الاتحاد في سان أنطونيو، حضر حوالي خمسين معلماً حيث جربوا توليد خطط دروس باستخدام أدوات متعددة، بالإضافة إلى منصات تعليمية متخصصة. أعربت إحدى المعلمات عن حماسها للإمكانيات الهائلة التي توفرها هذه التقنيات، مشيرة إلى أنها بمجرد أن تختبر فوائد الذكاء الاصطناعي في ترجمة المحتوى وإنشاء القصص المصورة المخصصة التي تربط أسماء الطلاب بالأنشطة في ثوانٍ، فإنه يصبح من المستحيل العودة إلى طرق التدريس التقليدية.

 ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى