تكنولوجيا

“سوفت بنك” تسعى إلى قيادة مستقبل الذكاء الاصطناعي خلال عقد من الزمن

في تحول استراتيجي يهدف إلى ترسيخ مكانتها العالمية، أعلنت مجموعة “سوفت بنك” الاستثمارية اليابانية، بقيادة رجل الأعمال “ماسايوشي سون”، عن نيتها تصدر مشهد تقنيات الذكاء الاصطناعي المتفوق خلال السنوات العشر المقبلة.

جاء ذلك خلال الاجتماع السنوي لمساهمي المجموعة، حيث كشف “سون” عن طموح ضخم يتمثل في جعل “سوفت بنك” مركزًا رئيسيًا في هذه الثورة التقنية العالمية.وصرّح “سون” في كلمته قائلاً: “نرغب في أن نكون الجهة المنظمة والمحركة لعصر الذكاء الاصطناعي المتفوق”، مشيرًا إلى أن الشركة تسعى للتمركز في قلب الصناعة الجديدة، تمامًا كما فعلت شركات تقنية كبرى في مراحل سابقة من التطور التكنولوجي.

 

رهانات ضخمة وآمال على التكنولوجيا الخارقة

 

أوضح “سون” خلال حديثه أن الذكاء الاصطناعي المتفوق يمثل نقلة نوعية في التاريخ البشري، واصفًا إياه بتقنية قادرة على تجاوز الإمكانات العقلية للبشر بعشرة آلاف مرة. وأضاف أن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي سيغير أساليب التفكير والعمل والإنتاجية بشكل جذري، مشيرًا إلى أنه سيُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي بالكامل.

واستشهد سون بالشركات العملاقة مثل “مايكروسوفت” و”أمازون” و”غوغل”، التي أصبحت قوى عالمية في عالم التكنولوجيا بفضل قدرتها على الهيمنة على مجالات محددة، اعتمادا على مبدأ “الفائز يحصد كل شيء”. وأعرب عن أمله في أن تسير “سوفت بنك” على نهج مماثل، لتصبح هي الأخرى مركزًا للثقل التكنولوجي العالمي في المستقبل القريب.

في هذا السياق، استأنفت “سوفت بنك” استثماراتها العملاقة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، حيث استحوذت هذا العام على شركة “أمبير” الأمريكية المتخصصة في تطوير وتصميم شرائح الحوسبة، مقابل مبلغ ضخم وصل إلى 6.5 مليار دولار.

 

الطريق نحو الريادة يمر عبر المخاطرة الذكية

 

رغم أن ؛سون” معروف برهاناته الجريئة التي أدت إلى نجاحات كبرى، مثل استثمار المجموعة المبكر في شركة “علي بابا” الصينية، إلا أن هذه الرهانات لم تخلُ من تعثرات كبيرة أيضًا، كما حدث مع استثمار “وي ورك”، الذي تعرض لخسائر جسيمة بعد فشل نموذج أعمال الشركة.

غير أن سون يبدو اليوم أكثر تصميمًا، حيث أشار إلى أن استثمارات “سوفت بنك” في شركة “أوبن إيه آي”، المطورة للروبوت الذكي الشهير “شات جي بي تي”، بلغت نحو 32 مليار دولار منذ الخريف الماضي، متوقعًا أن يتم إدراج الشركة في الأسواق المالية خلال السنوات المقبلة. وأكد “سون” التزامه الكامل بهذه الشراكة، قائلاً: “أنا مؤمن تمامًا بمستقبل أوبن إيه آي، وأتمنى لو كنا بدأنا الاستثمار معها في وقت أبكر.”

وكانت “سوفت بنك” تمتلك حصة تقارب 5 بالمائة في شركة “إنفيديا” قبل أن تبيعها عام 2019، وهي خطوة ندم عليها سون لاحقًا، خاصة بعد أن أصبحت “إنفيديا” في صدارة مصنّعي الرقائق الإلكترونية المخصصة للذكاء الاصطناعي، وقفزت قيمتها السوقية لتصنف بين أعلى الشركات قيمة في العالم .

لكن المجموعة استطاعت تعويض بعض هذه الخسائر من خلال إدراج شركة “آرم” البريطانية، المختصة في تصميم الرقائق، في الأسواق المالية خلال سبتمبر 2023، ما وفّر لها نحو 5 مليارات دولار عززت من مركزها المالي، ومكّنتها من تمويل موجة جديدة من الاستثمارات الذكية.

 

توازن بين الجرأة والانضباط المالي

 

في ختام الاجتماع، أكد “سون” أن “سوفت بنك” لا تنوي التخلي عن الحذر المالي رغم اندفاعها نحو استثمارات جديدة، مشيرًا إلى أن المجموعة تتمتع بمرونة مالية وقدرة على إدارة الموارد تتيح لها تحمل بعض المجازفة المدروسة. وأضاف: “نحن ملتزمون بالاستثمار الذكي، ونعلم جيدًا متى نحافظ على مواردنا، ومتى نخوض مغامرات مدروسة قد تعود بمكاسب كبيرة.”

وأشار أيضًا إلى أن المجموعة تسعى إلى بناء منظومة متكاملة للذكاء الاصطناعي، من البنية التحتية إلى البرمجيات، مرورًا بتصميم الشرائح والمعالجات، مؤكدًا أن “سوفت بنك” ليست مجرد مستثمر بل شريك فعلي في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي عالميًا .

مع هذا التوجه الطموح، يبدو أن مجموعة “سوفت بنك” تخطط لأن تلعب دورًا محوريًا في تحديد مسار التقنية خلال العقد القادم، وتطمح لتكون ضمن الكيانات القليلة التي ستحظى بفرصة رسم معالم المستقبل الرقمي، عبر تحولات تقنية قد تغيّر العالم بأسره.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى