
أراد سكان منطقة المعذر التاريخية ببلدية سيدي الجيلالي جنوب تلمسان الخروج عن الاحتفالات البرتوكولية لذكرى عيدي الاستقلال والشباب، حين نظم سكان المنطقة بمبادرة من نائب المجلس الشعبي البلدي بوبكر بن شاذلي بوبكر والناشط الجمعوي عبد الرزاق بن شاذلي وقفة ترحمية تاريخية عند النصب التذكاري بمنطقة المعذر، جمعت مجاهدين وأبناء مجاهدين وسكان المنطقة استذكروا نضال وتاريخ الشهداء الأبرار الذين شاركوا في معركة القضاء على الضابط شارل روبار الذي تفنن في تعذيب الجزائريين إلى غاية القضاء عليه في عملية تاريخية لا تزال المنطقة شاهدة عليها.
وعرفت الوقفة التاريخية سرد أجزاء من المعركة، حيث يروي أحد سكان المنطقة “بن شاذلي يحي” أبطال عملية القضاء على الضابط الفرنسي “شارل روبار” سنة 1957، بمنطقة المعذر بسيدي الجيلالي التابعة للولاية الخامسة التاريخية بتأثر كبير.
حيث يقول كنت حينها في الـ 12 من العمر، حين سمعت الخبر الذي أثلج صدور المجاهدين آنذاك بعد أن تخلصت المنطقة من أخطر ضابط في الجيش الفرنسي، الذي قام بإعدام وتعذيب العشرات من الجزائريين من أعضاء جيش التحرير الوطني والفدائيين وحتى الأطفال الصغار .
حيث كان مشرفا على مركز التعذيب والإعدام بمنطقة سيدي المخفي، التي تعتبر محرقة فرنسية للجزائريين بشهادة المجاهدين وقادة الناحية آنذاك، ويؤكد المجاهدين ممن عاشوا تلك الفترة أن الاستعدادات لعملية التخلص من ضباط مركز التعذيب شارل روبار في صائفة 1957 ، وبحلول شهر سبتمبر كان الوقت ملائما للمجموعة المكلفة بتخريب الجسور وخطوط الهاتف والمعابر والقناطر التي تتألف من 47 جنديا من أعضاء جيش التحرير الوطني.
ويروي المجاهد “مهداوي الجيلالي”، وهو من أبرز المعطوبين في المنطقة كيف حمل اللغم من التراب المغربي بالقرب من الحدود الجزائرية المغربية، حيث تم إعداده بما يتوافق والعملية التي تهدف إلى قتل أخطر أعداء الثورة وأكثرهم دموية.
كان الهدف هو تخليص منطقة أولاد نهار من مجرم نكل بأبنائهم وقتل خيرتهم ووقع الاختيار على مجموعة تتألف من 8 عناصر من أجل الإعداد لتلك العملية من بين 47 عنصرا وهم مهداوي الجيلالي، بشلاغم محمد المدعو محمد الصغير وهو الذي كان يقوم بتفكيك الألغام أو نصبها ما يسمى حربيا ”المينور”، إضافة إلى “فحيمة يحي ولد محمد”، “بشيري الجيلالي”، “حجاوي محمد” المدعو الغول، “محمدي محمد” المدعو المسوق، “السي أحمد الدرقاوي البطيوي” الذي توفي مؤخرا.
هؤلاء قاموا فجر يوم العاشر من شهر سبتمبر 1957 بتنفيذ عملية القضاء على الضابط “شارل روبار”، الذي كان مرفوقا بالمدعو جوزيف غارسيا، حيث كانوا ينقلون سجينا جزائريا يدعى “بن عبورة أحمد”، وفي ذلك اليوم انفجر اللغم ونجح كمين المجموعة التي كلفت بتنفيذه وقتل الضابط الفرنسي لتحاصر بعدها القوات الفرنسية مناطق المعذر، سانف سيدي المخفي، بلحاجي بوسيف، تراب العريشة وسيدي الجيلالي وأسفرت العملية الفرنسية عن اعتقال 11 شخصا من سكان المنطقة للثأر من مقتل ضابطها.
انتقلنا إلى المكان الذي انفجر فيه اللغم وهو نفس المكان الذي عرف إعدام 11 شهيدا رميا بالرصاص بعد تجريدهم من ملابسهم وأمام الجميع، وقد استشهد في منطقة المعذر العديد من الشهداء الذين لا تزال ذاكراهم محفورة في عقول السكان.
وأكد عضو المجلس الشعبي البلدي “بوبكر بن شاذلي”، أن هذه الوقفة التاريخية رد مباشر على كل الذين شككوا في تاريخنا وفي شهدائنا وأن هذه الوقفة هي تعبير على أصالة تاريخنا الذي صنعته كواكب الشهداء مطالبا بضرورة تسجيل تاريخ منطقة المعذر التاريخية في السجل الذهبي لوزارة المجاهدين، باعتبار أن منطقة سيدي الجيلالي هي الجناح الأساسي للولاية الخامسة التاريخية.
وأكد أبناء الشهداء والمجاهدين أنه يتطلب اليوم تسجيل شهادات المجاهدين، ورغم هذا التاريخ الحافل إلا أن منطقة المعذر لا تزال بعيدة عن التنمية، حيث يطالب السكان من السلطات المحلية بضرورة تزويد القرية بالمياه الصالحة للشرب وفك عزلتها من ناحية الطرقات وغيرها من مشاريع التنمية.
ع.جرفاوي