
أصبحت “روميساء شيخي” رقما مهما في قائمة الفنانين الذين يتميزون بالغناء في المناسبات العائلية والخاصة، بعدما أتقنت اللعبة الفنية التي غذتها بانتمائها للمسرح وهذبتها بقوة أحبالها الصوتية التي تتمايل مع كل الطبوع الغنائية دون استثناء.
تعتبر “روميساء شيخي” من الفنانين الشباب القلائل الذين تمكنوا من اقتناص فرصة وجودهم على الركح، فقد دخلت عالم الفن انطلاقا من الصغر، حيث برزت كصوت متميز منذ سن الخامسة (5)، عبر أثير الإذاعة الجهوية الباهية آنذاك، لتلتحق فيما بعد بقصر الثقافة، هناك انضمت إلى المجموعة الصوتية بقيادة الموسيقي “محمد بن كاملة”، خلال فترتي المديرين “كواكي ميمون” و”جمال عبد الوهاب”، وهي الفترة التي مكنتها من الانتقال إلى عالم تنشيط الحفلات وهي في سن صغير.
“روميساء شيخي” .. من الموسيقى إلى المسرح
التحقت “روميساء شيخي” بالمعهد الموسيقي “أحمد وهبي”، لتدرس أبجديات الموسيقى تحت إشراف الأستاذين “نوال” و”احميدة”، وتواصل رحلتها التعليمية بقصر الثقافة، بإشراف “الباي باي” الذي يقدم الجانب النظري، بينما الجانب التطبيقي فقد كان تحت إشراف “بن كاملة”، فيما درست الصولفاج والقيثارة عند الفنان “معطي الحاج”.
ولع “روميساء” بالغناء وعشقها للتراث الفني الجزائري جعلها تقتنص كل الفرص للاستماع والاحتكاك بالفنانين والموسيقيين من أجل اكتساب المعلومة والتجربة، لتكون مغنية حيث جاءتها الفرصة لتشارك في مسابقة مهرجان الأغنية الوهرانية التي احتضنها قصر المعارض سنة 2008، وهناك كانت من بين الفائزين الأوائل.
لم يتوقف عشق “روميساء” للفن عند حمل الميكروفون وترديد الأغاني، بل فجرت طاقتها الفنية على خشبة المسرح، محاولة اكتساب أبجديات خبايا الركح من خلال التحاقها بورشة تكوينية كانت أشرف عليها الفنانة الجزائرية “الطاووس” زوجة الفنان “محمد ايبدري”، وهناك التقط حسها الفني المخرج “خالد غربي”، ليقحمها مباشرة ضمن فريقه المسرحي الذي كان يحضر لمسرحية “الكرسي والحكم”، مع السينوغرافي “عبد الرحمن زعبوبي” مدير المسرح الجهوي ببجاية وإنتاج المسرح الجهوي “عبد القادر علولة”. كما حالفها الحظ وشاركت في ملحمة “سيفاقص” للمخرج الكبير “عيسى مولفرعة”، وإنتاج المسرح الجهوي عبد القادر علولة، ثم مسرحية “نوار الصبار”، لمراد ملياني وإنتاج المسرح الجهوي عبد القادر علولة أيضا.
كانت مساحة فنية مهمة في بداية مسيرة “روميساء” التي تشبعت بقواعد اعتلاء الركح مواجهة الجمهور والتفاعل معه.
برنامج “آراب أيدول” بلبنان… نقطة التحول
ورغم نجاح “روميساء شيخي” في القدرة على اقتناص الأدوار على خشبة المسرح، إلا أن عشقها للغناء جعلها تبحث عن الفرصة المواتية لحمل الميكروفون والصدح من جديد، فكانت مسابقة برنامج المسابقة الغنائي الشهير في الشرق الأوسط “آراب أيدول”، لتجرب حظها في طبعته لسنة 2014/2013، تنقلت وقتها إلى لبنان من أجل المشاركة، وقد وصلت إلى المرحلة النهائية من عملية انتقاء المتنافسين، غير أنها تعثرت. لم تيأس “روميساء” وعادت إلى وهران، لتواصل نشاطها المسرحي، لاسيما وأنه كان عقد عمل يجمعها بالمسرح الجهوي عبد القادر علولة، بل كانت تلك المشاركة العربية مرحلة تشجيع لها، فالتحقت بمسابقة ألحان وشباب موسم 2015/2014، وهي المشاركة التي مكنتها من كسب مرتبة متقدمة بين المشاركين، وفتحت أمامها آفاقا إضافية لمسيرتها الغنائية.
وفي ذات الفترة، واصلت حضورها على الركح ضمن ملحمة “المنبع”، للمخرج “أحمد رزاق”، وزوجته الفنانة الراقية “سميرة صحراوي”، والممثل القدير “مصطفى لعريبي”، التي أنتجها المسرح الجهوي لمستغانم.
يذكر أن الأعمال المسرحية سمحت لها بالعمل في أعمال شارك فيها فنانون عرب على غرار الفنان الليبي الذي مثل دور “بلال الحبشي” في فيلم الرسالة، عبير عيسى من الأردن، خدوج من ليبيا إضافة إلى فنانية تونسيين.
“روميساء شيخي” .. موعد مع الحفلات وولوج سوق الغناء
ولأن “روميساء شيخي” تملك صوتا يتماشى مع كل الطبوع الغنائية، فقد أصبحت تشارك في الحفلات الرسمية والمهرجانات لاسيما مهرجاني الأغنية الوهرانية والراي، بحكم أنها ابنة الباهية وهران.
وكانت فرصتها لتقتحم سوق الغناء، وتبدأ في تسجيل الأغاني، التي وصلت إلى اليوم 20 أغنية موجودة على قناة اليوتيوب، في الوقت الذي بدأت فيه الانتشار والتوسع لتحيي الحفلات الخاصة (أعياد الميلاد، الأعراس…)، إلى جانب تلك المنظمة من طرف الجهات الرسمية على غرار مهرجان الأغنية الوهرانية الذي احتضنه المسرح الجهوي عبد القادر علولة، رددت خلاله أغان أبدع في وصلاتها أصحابها الذين رحلوا وتركوها بصمة في مسيرتهم الفنية، وقد عرف مرورها تجاوبا كبيرا من طرف الجمهور، الذي كان متعطشا لهذا الطابع الفني الذي يؤسس لهوية ثقافية راسخة ويثري ريبرتوار التراث الفني الجزائري.
السوشل ميديا… فرصة لإيصال رسائل إيجابية للشباب
وفيما يخص الظاهرة الفنية الجديدة التي جعلت معظم الفنانين والمغنيين يفضلون التواصل مع جمهورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تبقى الفنانة “روميساء شيخي” متكاسلة في هذا الجانب.
وفي هذا الشأن، أوضحت ليومية “البديل” أن الوقت غير متاح لها للتواجد المستمر عبر وسائط ومنصات التواصل الاجتماعي، رغم أنها تملك حسابات شخصية، غير أن نشاطها يبقى قليلا جدا، ماعدا بعض الأغاني التي تنشرها عبر قناتها الخاصة باليوتيوب، وبعض الطلات التي تقوم بها عبر موقع “تيك توك”. مضيفة أن الفنان بحاجة إلى من يعينه على إدارة شؤونه الفنية لاسيما الشباب منهم، والتواجد المستمر على وسائل التواصل الاجتماعي يتطلب جهدا ووقتا حتى يتم التفاعل مع الجمهور، الذي لا يقل أهمية عن جمهور الواقع الذي يتم لقاءه مباشرة، معتبرة أن هذا النوع الجديد من التواصل مع الجمهور و تسويق الإنتاج الفني، يستحق اهتمام خاصا، لمعرفة رغبة وحاجة المتابعين، لأن الفنان حامل لرسالة نبيلة، تفرض عليه انتقاء تعابيره واختيار الموضوع الذي يحمل هدفا ساميا يخدم مصلحة الشباب والجيل الصاعد الذي يتأثر بما يتلقاه في يومياته، وهو ما يفرض علينا كفنانين المساهمة في تأطيره من خلال ما نردده من أغاني حتى يتفاعل بسلاسة وسهولة بما يمكنه من تخطي المراحل الصعبة في حياته.
نبش التراث يحيي الذاكرة الفنية وينعش الساحة الغنائية
تركز الفنانة “روميساء شيخي” في أغانيها على النبش في التراث الفني، لأنها ترى بأن التراث الفني الجزائري يكتنز أغان وأشعار وقصص فنية تحتاج إلى إعادة البعث من جديد بغية إحيائها لدى الجيل الجديد وإعادة الروح لها.
وفي هذا الإطار، فإن “روميساء” تشتغل على إعادة الغناء القديم لاسيما الوهراني منه، بتوزيع موسيقي جديد، يسمح له بمواكبة المرحلة، من خلال تعاملها مع موسيقيين يبدعون في الأندلسي، العاصمي، الشاوي، الشعبي، الأمازيغي، الصحراوي،المداحات،الراي، الوهراني…، محاولة تكريم الأسماء الفنية التي تركت رصيدا فنيا يذكرها رغم رحيلها عن الحياة منذ زمن، لأنها تركت أغان تحمل دروسا وليس فرجة غنائية فقط، مشيرة إلى أن البعض من الفنانين كانوا يمررون رسائلهم عبر أغان فكاهية، لكنها مليئة بالمواعظ والدروس الحياتية، وهو ما يجعل منهم قدوة لتحقيق النجاح وكسب قلوب الجمهور، لأن الصوت وحده غير كاف.
أمل وهبي، فلة عبابسة، صابر الرباعي… آمل التعاون معهم مستقبلا
ورغم النجاح الذي حققته وتحققه الفنانة “روميساء” على الركح، والإقبال على حفلاتها والطلب عليها إلا أنها ترى أن التعاون والتعامل مع فنانين مشهورين ومعروفين على الساحة العربية والعالمية يزيد من فرصة تكوين نفسها في المجال، وكسب إمكانيات جديدة تساعدها على التألق وكسب جمهور جديد يضاف إلى رصيدها.
وفي هذا الإطار، فقد تأسفت “روميساء” لرحيل فنانين كانت تود لو جمعتها بهم أعمال مشتركة، على غرار وردة الجزائرية، ذكرى التونسية، الشاب حسني، محمد لمين لولا اعتزاله. بينما تأمل في المستقبل أن يجمعها اللقاء بالتونسي “صابر الرباعي”، جيلاني الليبي، نانسي عجرم اللبنانية، سميرة الوهرانية، الفنانة “أمل وهبي”، فلة الجزائرية…، كما تتمنى العمل مع موسيقيين جدد للتفتح أكثر على هذا العالم المليء بالإبداع، وقد عاشت تجارب رائعة مع المايسترو “أمين دهان”، وكذا المايسترو “قويدر بركان”، إضافة إلى المايسترو “خليل بابا احمد”….
روميساء شيخي .. السهرات متعة والأولوية للضيوف
تحرص “روميساء”على علاقتها المتينة معالضيوف، لتكون لهم الأولوية في المتعة والفرجة من خلال تأدية الأغاني التي يرغبون في سماعها ثم تعرج على رغبات المستضيفين، ونفي التعامل في الحفلات العامة، فهي تعتبر أن الجزائر متكونة من 59 ولاية، معتبرة أنه إضافة إلى سكان 58 ولاية، هناك المغتربين الذين يمثلون الولاية ال59، فهم يختلفون في رغباتهم الفنية، لهذا لهم الأسبقية في تأدية الأغاني التي يطلبونها، ثم تتوالى الاستجابة لباقي الجمهور، لأن الضيف هو ملك الحفل وتكريمه والترحيب به يكون من خلال التفاعل معه والعمل على تلبية طلباته، فالمهرجانات والحفلات تساهم في الترويج للفن والتراث الجزائري، كما أنها تساهم في خلق السياحة الفنية التي تجلب الجمهور من مختلف المناطق حتى من خارج الحدود.
يشار إلى أن الفنانة “روميساء شيخي”، تحضر لإطلاق أغنية “مداحات” في قادم الأيام بتوزيع موسيقي جديد، إضافة إلى مفاجأة هامة تراهن أنها ستحدث فارقا في مسيرتها الفنية وتعزز من تفاعل جمهورها.