تكنولوجيا

رقمنة المؤسسات تكون عبر الاستراتيجية وليس التكنولوجيا‎‎

حسب التقرير الذي نشرته مؤخّراً شركة "ديلويت" العالميّة للخدمات التمويليّة

ليس بالأمر المفاجئ أن تقوم الشركات ذات الاستراتيجيات الرقميّة المتماسكة بعملٍ أفضل من تلك التي تركّز على التقنيّات الفرديّة، بحسب التقرير الذي نشرته مؤخّراً شركةديلويت” Deloitte العالميّة للخدمات التمويليّة. وأفاد التقرير أنّ المؤسَّسات الناضجة تميل إلى تبنّي استراتيجيات رقميّةٍ لتحويل عملها، في حين تركّز الشركات الأصغر على التكنولوجيّات الفرديّة والاستراتيجيات التشغيليّة.

قامت شركة “ديولويت” وبالتعاون مع “أم آي تي سلون مانجمنت ريفيو” MIT Sloan Management Review باستطلاعٍ لأكثر من 4800 مديرٍ تنفيذيٍّ في 27 قطاعاً و129 دولة. وأكّد التقرير أنّ 15 بالمائة فقط من المستطلَعين في الشركات التي لا تزال في المراحل الأولى من سلّم النضج الرقمي يملكون استراتيجية رقميّة واضحة، مقارنةً مع أكثر من 80 بالمائة من المستطلَعين في الشركات الناضجة رقميّاً. هذه النتائج لم تفاجئ ويل هاتسون، المؤسّس الرئيس التنفيذيّ لوكالة “لمتد” LMTD للوسائط الرقميّة المتواجدة في دبي، ويعزو هذا التبنّي البطيء للابتكارات الرقميّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى الخوف من الفشل. وباستناده على عقليّة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يشير هاتسون قائلاً إنّ “الفشل هي كلمة من ثلاثة أحرف، فأنت بحاجة إلى قيادة يمكنها المجازفة ومواجهة الخطر”. أمّا بالنسبة لإمكانيّة التوسّع التي توفّرها قنوات التواصل الرقمي، فتجعل الاعتماد على قنوات التسويق الأقدم أمراً يمكن أن يضرّ الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما في الأسواق الناشئة الأخرى. وأضاف هاتسون قائلاً إنّ “الخطر ليس ضمن الأفعال التي تحدث عندما يتكوّن العمل الرقميّ والاجتماعيّ، إنّما الخطر يظهر في ظلّ غياب الرقميّ”. هذا

 

ليس جيل هذه الألفيّة فقط هو الذي يهتمّ بالقطاع التقني

من جهةٍ ثانية، يبدو أنّ أغلبيّة الموظّفين يرغبون بالتحوّل إلى الرقمنة. فبحسب الاستطلاع، يعتقد 91 بالمائة منهم أنّ التقنيّات الرقميّة تملك الإمكانيّة لتحويل طريقة عمل الأشخاص في مؤسّساتهم. غير أنّ 43 بالمائة منهم راضون عن تفاعل مؤسّساتهم الحالي مع التوجّهات الرقميّة. ولكن، ليس جيل هذه الألفيّة فقط هو الذي يهتمّ بالقطاع التقني، بل هذا الاهتمام يطال مختلف الفئات العمريّة. فمن قالوا “إنّه أمر مهم بالنسبة لي أن أعمل لصالح شركة تعمل معتمدةً على التقنيات الرقميّة أو تُعتبر شركة رقميّة رائدة”، لم يكونوا من الشباب وحسب. وبالرغم من أنّ شباب العشرينات كانوا أكثر موافقةً على هذا الأمر مع 83 بالمائة و85 بالمائة لم تقلّ نسبة المتقدّمين في العمر كثيراً، فتراوحت بين 79 بالمائة إلى 72 بالمائة. كما أنّ الرغبة في رقمنة الأعمال طالت كافّة الصناعات، بحيث أنّ المستطلعين الذين أجابوا بـ “أوافق تماماً” أو “أوافق” على فرضية أنّ “التقنيّات الرقميّة تملك الإمكانيّة لتحويل طريقة عمل الأشخاص في المؤسّسة بشكلٍ أساسيّ”، لم تكن نسبهم قليلة بالرغم من تفاوتها. ففي الاتّصالات مثلاً، وصلت نسبة الموافقين على هذا الأمر إلى 95 بالمائة وفي الخدمات صحيّة إلى 96 بالمائة، وفي السلع الاستهلاكيّة إلى 95 بالمائة فيما النسب الأدنى لم تقلّ عن 86 بالمائة في الطاقة والخدمات، بالإضافة إلى 88 بالمائة في التصنيع. وقد طال قطاعاتٍ أخرى بنسبٍ متقاربة مع السابقة، وهي الخدمات المهنيّة، وهندسة الاتّصالات والتكنولوجيا، والحكومة – القطاع العام، والخدمات الماليّة، والترفيه والإعلام والنشر. بالإضافة إلى ذلك، تمّ سؤال الموظّفين عن النضج الرقميّ لمؤسساتهم. ولذلك قاموا بتقييم المؤسّسات على مقياسٍ من 1 إلى 10، استناداً إلى درجة التحوّل الرقمي المتمثّل في: 1) عمليّة التحسين، و2) جذب المهارات، و3) ابتكار العمل. وفي المحصّلة، كان أن صنّف 26 بالمائة منهم لمؤسّساتهم في المرحلة المبكرة من النضج الرقميّ (1-3)؛ و45 بالمائة وضعوها في طور النمو (4-6)؛ و29 بالمائة قالوا إنّ مؤسّساتهم ناضجة (7-10).

 

التحدّيات تظهر في الكثير من الأولويّات، والمخاوف الأمنيّة

وعن التحدّيات، أشار الرسم البيانيّ إلى أنّها تختلف بالاعتماد على مرحلة تبنّي الرقمنة. ففي المرحلة المبكرة، تتمثّل التحدّيات في النقص في الاستراتيجية، والكثير من الأولويّات، والنقص في الفهم الإداري. وفي مرحلة النموّ، تكمن التحدّيات في الكثير من الأولويّات، والنقص في الاستراتيجية، وعدم توافر مهارات تقنيّة بشكلٍ كافٍ. أمّا في مرحلة النضج، فالتحدّيات تظهر في الكثير من الأولويّات، والمخاوف الأمنيّة، وعدم توافر مهاراتٍ تقنيّة بشكلٍ كافٍ. وكذلك بالنسبة إلى درجة رضى الموظّف عن الاستراتيجيّة الرقميّة. النسبة المئويّة للمستطلعين الراضين عن تفاعل شركاتهم مع التوجّه الرقميّ، بلغت 10 بالمائة ضمن المؤسسات في المرحلة المبكرة، و38 بالمائة في تلك التي تكون في طور النموّ، و80 بالمائة في تلك الناضجة. حسناً لكن ماذا عن الموظّفين في المرحلة المبكرة؟ يشير هذا الرسم البيانيّ إلى أنّ 71 بالمائة منهم ليسوا مجرّد غير مبالين، بل غير راضين.

إذاً، ما هي أساسيات التحوّل الرقميّ؟

إنّها الاستراتيجية، والثقافة، والقيادة. فمن ناحية الاستراتيجية، ينبغي التفكير على المدى البعيد، ثمّ العمل بشكلٍ معاكسٍ لإنشاء استراتيجية واضحة مرتكزة على التحويل. ومن جهة الثقافة، يجب التغيير في العقليّات الثقافيّة بهدف زيادة التعاون والحثّ على المجازفة. أمّا في إطار القيادة، فإنّ جدول الأعمال يبدأ من القمّة، مرتكزاً على الإمكانيّات في نقطة التقاطع بين العمل والتكنولوجيا.

ق.ح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى