
في عالم يتسارع فيه التطور التكنولوجي، يبدو أن الذكاء الاصطناعي قد حقق المستحيل تقريباً، من كتابة النصوص إلى تحليل المشاعر، وحتى توليد الصور والفيديوهات الواقعية.
لكن المفارقة تكمن في عجزه عن إنجاز مهمة بسيطة يعلمها طفل في المرحلة الابتدائية: قراءة الساعة أو فهم التقويم.
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة إدنبرة ونُشرت على منصة “أركايف” أن نماذج الذكاء الاصطناعي الشهيرة – مثل “ChatGPT-4o” من OpenAI و”جيميني” من جوجل و”كلود” من أنثروبيك – تعاني صعوبة بالغة في تحديد الوقت من صور الساعات أو استخلاص المعلومات من التقويمات.
فشل ذريع في قراءة الساعة
وخضعت النماذج لاختبارات متنوعة، مثل قراءة وقت من ساعات بأرقام رومانية أو بتصاميم غير تقليدية، والإجابة على أسئلة مثل: “ما اليوم الذي يوافق رأس السنة؟” أو “ما اليوم رقم 153 في العام؟”.
أظهرت النتائج فشلاً ذريعاً في قراءة الساعة، حيث نجحت النماذج في تقديم الإجابة الصحيحة في أقل من 25 بالمائة من الحالات فقط. كما واجهت صعوبة في تفسير العقارب، خاصة مع الساعات التي تخلو من عقرب الثواني أو تلك ذات التصميم المعقد.
وبينما تفوّق “جيميني” في قراءة الساعات، أظهر “ChatGPT-4o” أداءً أفضل في فهم التقويمات بنسبة نجاح بلغت 80 بالمائة، لكن الأخطاء بقيت كبيرة في النماذج الأخرى.
إدراك الوقت يتطلب مهارات معقدة
أوضح الباحثون أن إدراك الوقت يتطلب مهارات معقدة، منها التمييز البصري الدقيق لتحديد موضع العقارب أو أيام التقويم، والتحليل العددي لحساب الأيام أو تحويل الأرقام الرومانية، والاستنتاج المنطقي مثل معرفة أن اليوم 153 من العام هو 2 يونيو في السنة العادية.
ورغم أن البشر يتعلمون هذه المهارات في سن مبكرة، يبدو أن الذكاء الاصطناعي – رغم ذكائه في مجالات أخرى – يفتقد إلى الفطرة الإنسانية التي تربط بين الرؤية والمنطق والذاكرة.
علق روهيت ساكسينا، أحد مؤلفي الدراسة، قائلاً: “إذا كنت تريد من الذكاء الاصطناعي مساعدتك في واجبك الرياضي، فلا مشكلة. لكن لا تثق به في ترتيب جدولك أو تذكيرك بموعد مهم!”
تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي في فهم الوقت
تشير الدراسة إلى أن تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي في فهم الوقت يتطلب تحسين التدريب البصري على أنواع مختلفة من الساعات والتقويمات، وتعزيز الربط بين المعالجة البصرية والمنطق الزمني، وإجراء مزيد من الأبحاث حول “الذكاء الزمني”، الذي طالما تم إهماله في تطوير النماذج.
في النهاية، يبقى السؤال: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتعلم إدراك الوقت كما نفعل نحن؟ الإجابة ربما تكون في الأبحاث القادمة، لكن الواضح الآن أن هذه التقنية – رغم براعتها – ما زالت تتعثر في أبسط المهام الإنسانية.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله