
أكد “مصطفى سليمان”، القائد المسؤول عن شؤون الذكاء الاصطناعي في عملاق التكنولوجيا “مايكروسوفت” ” رئيس الذكاء الاصطناعي ” ، أن ظاهرة الوعي تبقى مقصورة على الكائنات الحية وحدها، معرباً عن رفضه المطلق للبرامج التي تزعم تمتعها بالمشاعر أو القدرة على الإدراك، جاءت تصريحاته خلال حديث خاص مع محطة “سي إن بي سي” الإخبارية ضمن فعاليات مؤتمر AfroTech المقام في مدينة هيوستن الأمريكية، حيث أشار إلى أن هذا النمط من الأبحاث يمثل طرحا للسؤال غير الصحيح من الأساس، مما يقود حتماً إلى نتائج خاطئة.
وأضاف المسؤول التقني أن الاعتقاد بقدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على المعاناة أو الشعور يمثل خطأً جسيما، موضحا أن ما تقوم به هذه النظم ليس سوى تقليد لملامح الوعي دون امتلاك جوهره الحقيقي، مؤكدا أن هذه الآلات لا تعيش التجارب بشكل فعلي، بل تنتج أوهاما لشعور مزعوم، كما نفى بشكل قاطع أن تشعر هذه الأنظمة بالحزن أو الألم، معتبراً أن كل ما تقدمه مجرد محاكاة للشعور بالذات دون اختباره حقاً.
ويحمل “سليمان”، الذي انتقل إلى “مايكروسوفت” عام 2024 بعد شرائها شركته الناشئة Inflection AI بمقابل تجاوز 650 مليون دولار، صوتاً بارزاً في التحذير من تجاوز الخطوط الحمراء الأخلاقية خلال تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث يعتبر من أبرز المنظرين في هذا المجال.
رئيس الذكاء الاصطناعي .. أسس الرفض الفلسفية
اعتمد “سليمان” في وجهة نظره على ما يعرف باسم “الطبيعية البيولوجية” للفيلسوف جون سيرل، التي ترى أن الوعي ظاهرة مرتبطة حصراً بالدماغ المادي للكائنات الحية، ولا يمكن إعادة إنتاجها عبر الشيفرات البرمجية، موضحاً أن البشر يحصلون على حقوقهم بسبب قدرتهم الفعلية على اختبار الألم والمعاناة، بينما تفتقد أنظمة الذكاء الاصطناعي هذه الميزة الأساسية، مؤكداً أنها لا تمثل سوى عمليات محاكاة دون جوهر حقيقي.
ورغم اعترافه بأن العلوم المتعلقة بفهم الوعي لا تزال في بداياتها الأولى، إلا أنه أعلن رفضه القاطع لفكرة منح الذكاء الاصطناعي مكانة مماثلة للبشر، مصرحاً بأن هذه الآلات ليست واعية ولن تكون كذلك في المستقبل، معتبراً أن السير في هذا الاتجاه يمثل عبثاً علمياً لا طائل من ورائه.
حدود لا ينبغي تجاوزها
أكد “سليمان” خلال جولته التوعوية في الولايات المتحدة أن “مايكروسوفت” لن تسير في طريق تطوير روبوتات محادثة للأغراض العاطفية، على عكس بعض الشركات المنافسة مثل “إكس أي آي” التابعة لإيلون ماسك، أو “شات جي بي تي” التي سمحت بإجراء حوارات مخصصة للبالغين، معلناً أن هناك مجالات قررت الشركة عدم الدخول فيها بشكل قطعي.
وأشار إلى أن “مايكروسوفت” تعمل على تطوير ذكاء اصطناعي يخدم الإنسان دون أن يدعي أنه إنسان، مع التركيز على جعل أدواتها تدرك أنها مجرد أنظمة مساعدة وليست كائنات مستقلة، كما كشف عن ميزة جديدة في خدمة “كوبايلوت” تسمى “Real Talk”، تعتمد على أسلوب حوار يتحدى آراء المستخدمين بدلا من مجاملتهم.
وصف سليمان الذكاء الاصطناعي بأنه مزيج من السحر والخطر، معتبرا أن عدم الشعور ببعض الخوف منه يدل على عدم الفهم الكافي، مؤكداً أن القليل من الخوف ضروري، كما أن الشك مطلوب، بينما يمثل التسرع في التطوير الخطر الحقيقي، واختتم حديثه بالإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي نفسه وصفه مازحاً بأنه “كتلة من التناقضات”، في إشارة إلى المفارقة التي يعيشها كأحد أبرز المحذرين من مخاطر هذه التقنية بينما يقود عملية تطويرها في نفس الوقت.
بن عبد الله ياقوت زهرة القدس


