تكنولوجيا

دراسة حديثة: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل ملامح سوق العمل خلال العقد المقبل

كشفت دراسة أسترالية حديثة، النقاب عن أن اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل موسع قد يضخ ما يقارب 130 مليار دولار أسترالي في الاقتصاد الوطني خلال السنوات العشر القادمة. وأشارت الدراسة التي أعدتها مؤسسة متخصصة في مجال القوى العاملة، إلى أن هذا التحول التكنولوجي سيرافق تأثيراً بالغاً على سوق العمل، حيث من المتوقع أن يشهد تغييرات جذرية في طبيعة عدد كبير من الوظائف الحالية.

 

وتوقعت الدراسة أن حوالي 670 ألف وظيفة في أستراليا معرضة لخلال الاستبدال بالتقنيات الذكية مع حلول عام 2030. وأضافت أن ما يقارب ثلث إجمالي القوى العاملة الأسترالية سيشغلون وظائف متوقع أن تتأثر بدرجات متفاوتة بتقنيات الذكاء الاصطناعي سواء عبر حدوث تغييرات جزئية في طبيعة المهام المسندة إليهم أو من خلال اعتماد أنظمة ذكية تقوم بأداء بعض الأعمال التي كانت حكراً على العنصر البشري.

 

تأثيرات متباينة على مختلف القطاعات

أكدت الدراسة أن تأثير الذكاء الاصطناعي سيمتد عبر مختلف القطاعات الاقتصادية دون استثناء، حيث سيغير بشكل جذري طبيعة المهام والمسؤوليات في العديد من الوظائف الحالية. وسيؤدي هذا التحول إلى إعادة تعريف المهارات المطلوبة في سوق العمل مما يستدعي تكيفاً سريعاً من قبل العاملين وأصحاب العمل على حد سواء. وستشهد بعض المهام الروتينية والمتكررة انخفاضاً في الطلب عليها بينما ستظهر متطلبات جديدة لمهارات مرتبطة بإدارة وتشغيل هذه التقنيات الحديثة.

وأشارت التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيساهم في تعزيز الإنتاجية وتحسين الكفاءة التشغيلية في العديد من القطاعات، مما سينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي بشكل عام. وسيخلق هذا التحول فرصاً جديدة للعمل في مجالات مرتبطة بتطوير وتشغيل وصيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى جانب ظهور وظائف لم تكن موجودة سابقاً. وسيتطلب هذا الأمر إعادة تأهيل مهني للعديد من العاملين لتمكينهم من الانتقال إلى هذه الوظائف الجديدة.

 

استجابة حكومية واستعدادات للمستقبل

علق وزير الصناعة والعلوم الأسترالي على هذه الدراسة، مؤكدا أن التدريب على مهارات الذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة استراتيجية للمؤسسات العاملة في جميع القطاعات. وأوضح أن هذا الاستثمار في رأس المال البشري سيساهم في ضمان تحقيق الفائدة الاقتصادية المرجوة من هذه التقنيات مع حماية فرص العمل وتحقيق نمو مستدام في سوق العمل. وتأتي هذه التصريحات في إطار استعدادات الحكومة لمواكبة متطلبات المرحلة المقبلة.

وتعمل العديد من المؤسسات الحكومية والأكاديمية على تطوير برامج تدريبية متخصصة تستهدف تمكين القوى العاملة من اكتساب المهارات اللازمة للتعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتهدف هذه البرامج إلى سد الفجوة بين المهارات الحالية والمتطلبات المستقبلية لسوق العمل الذي يشهد تحولابشكل متسارع. كما تسعى هذه المبادرات إلى تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على المنافسة في ظل المشهد العالمي المتغير.

 

تحديات وفرص في أفق التحول الرقمي

يواجه سوق العمل تحديات كبيرة في ظل هذا التحول التقني الذي يفرض إعادة هيكلة للعديد من المهن والوظائف التقليدية. وتكمن أهم هذه التحديات في ضرورة إعداد جيل جديد من العاملين المؤهلين للتعامل مع متطلبات العصر الرقمي والاستفادة من الإمكانات الهائلة التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي. كما تبرز أهمية تطوير أنظمة تعليمية وتدريبية قادرة على مواكبة هذه المتغيرات السريعة.

وتظهر في المقابل فرص كبيرة للاستفادة من هذه التقنيات في تعزيز القدرات الإنتاجية وخلق نماذج عمل جديدة أكثر كفاءة ومرونة. ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تحسين جودة الحياة المهنية من خلال تخفيف الأعباء عن العاملين في المهام الروتينية مما يتيح لهم التركيز على الجوانب الإبداعية والاستراتيجية في عملهم. وسيؤدي هذا التحول إلى إحداث نقلة نوعية في بيئات العمل ومتطلباتها خلال السنوات القادمة.

ياقوت زهرة القدس بن عبد الله 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى