
أكد وزير التكوين والتعليم المهنيين، “مرابي ياسين”، أن التكنولوجيات الجديدة ساهمت بشكل كبير في التعريف بتخصصات القطاع من خلال التركيز على الإعلام والمحتوى الرقمي، لتكون واجهة المؤسسات التكوينية في علاقتهم بطالبي التكوين، خاصة فئة الشباب لارتباطهم القوي والطبيعي بالفضاءات الرقمية.
وأكد مرابي خلال إشرافه على فعاليات اليوم الدراسي حول تخصص الأمن السيبراني بالمعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني بالرحمانية، أن اليوم الدراسي خصص جزء كبير من مجال الأمن السيبراني لدى قطاع التكوين والتعليم المهنيين، والذي يأتي في سياق اللقاء الذي انعقد بتاريخ 06 جوان 2024 حول موضوع الأمن السيبراني، والذي تمت المناقشة فيه لأهم محاور الإطار البيداغوجي والتقني والتنظيمي لهذا التخصص، من طرف أساتذة وخبراء متخصصون في هذا المجال.
وجاءت الندوة الهامة ضمن مساعي قطاع التكوين والتعليم المهنيين، للانخراط في الاستراتيجية الوطنية المتكاملة في مجال الرقمنة، وما يترتب عنها من حماية لنظام وأمن المعلومات لمجابهة كل أشكال التهديدات السيبرانية، من خلال وضع آليات الرقابة والرصد وإبداء الجاهزية في حالات الخطر، من خلال توفير يد عاملة متحكمة في هذا المجال وفق رؤية استباقية لتوفير الحماية اللازمة لأنظمة المعلومات الخاصة بالهيئات والمؤسسات والشركات الوطنية.
وأشاد الوزير بالمجهودات المبذولة من طرف مختلف الفاعلين في هذا الميدان من ممثلي مختلف الأسلاك الأمنية وخبراء وممثلي الشركات العمومية والخاصة العاملة في ميدان أمن المعلومات والأنظمة الرقمية، والتي تعمل بشكل مُستمر ودائم لتطوير وتحيين برامج هذا التخصص في جميع المستويات التأهيلية. كما يبرهن فتح هذا التخصص الدقيق في مؤسسات التكوين المهني على النظرة الاستباقية التي اعتمدها قطاع التكوين والتعليم المهنيين في مرافقة المجالات ذات الأولوية المدرجة في مختلف البرامج التنموية التي أطلقتها السلطات العمومية ببلادنا، بحيث أخذ قطاع التكوين والتعليم المهنيين على عاتقه مهمة توفير اليد العاملة المؤهلة الناجمة عن هذه المجالات ذات الأولوية، سيما ما تعلق بالمشاريع الكبرى التي أطلقها رئيس الجمهورية للدفع بوتيرة التنمية الاقتصادية نحو تحقيق أهداف التنمية المُستدامة، والتي سعى القطاع للاستجابة لها ومرافقتها من خلال فتح فروع في تخصصات ذات العلاقة بهذا التوجه، مثل اختصاصات السكك الحديدية والفلاحة والصناعات الغذائية وتحلية مياه البحر ومهن المناجم.
إلى جانب إنشاء فضاءات للاستماع لحاجيات الشركاء الاقتصاديين المحليين والدوليين المستثمرين في بلادنا، وعلى سبيل المثال الملتقيات المنعقدة في كل من ولايتي تيبازة وبومرداس، على شكل لقاءات وطنية جمعت مختلف شركاء القطاع وممثلي قطاع التكوين والتعليم المهنيين لتدارس سبل التكفل بالتكوين في تخصصات ذات العلاقة بالمشاريع الكبرى التي أطلقتها الدولة، سيما فيما يتعلق بميادين استغلال منجم غار الجبيلات” للحديد بولاية تندوف، ومشروع السكك الحديدية التي تربط ولايتي تندوف وبشار، بالإضافة إلى المشروع المدمج والمتكامل المقرر إنجازه بالشراكة مع شركة بلدنا القطرية لإنتاج الحليب المُجّفف على مستوى ولاية أدرار، وكذا مشروع استخراج الفوسفات بولاية تبسة والزنك بولاية بجاية، بالإضافة إلى العديد من المشاريع الأخرى في شتى المجالات.
كانت الفرصة مناسبة لمناقشة آليات التكفل بالتخصصات المتعلقة بكل مشروع على حدا بإشراك كافة المُتدخلين في الشأن البيداغوجي التابعين للقطاع، مع البحث على كيفية متابعة تحسين نوعية التكوينات المقدمة وضمان جودتها لتتواءم مع المتطلبات الحقيقية لهؤلاء الشركاء،.
ومن أجل تحقيق ذلك، سعى اليوم الدراسي الهام إلى فتح ورشات لإعادة النظر في شروط الالتحاق ببعض التخصصات ومراجعة المحتويات البيداغوجية ومدة التكوين، لجعلها أكثر استقطاباً وإقبالاً من طرف الشباب الراغب في اكتساب المؤهلات والتكوينات اللازمة، وهو ما تم لمسه لدى طالبي التكوين خلال الدخول التكويني لشهر أكتوبر المنصرم، أين سجل إقبالا غير مسبوق على المؤسسات التكوينية عبر كل الولايات، إذ بلغت نسبة التسجيلات 120,30 بالماشة بالمائة مقارنة بالمناصب المعروضة أي ما يفوق 475.500 متربص ومتربصة التحقوا بمؤسساتنا، وهذا ما يفسر تماشي هذه التخصصات مع سوق الشغل ويُلبي احتياجات المتعاملين الاقتصاديين، وهو ما يضع مؤسسات قطاع التكوين المهني أمام تحديات جديدة في مجال التكفل البيداغوجي بالمتكونين من خلال ضرورة تحيين البرامج وتعزيز القدرات التقنية للمكونين، وهو جانب أخذه القطاع بكل جدية بواسطة إنشاء فرق عمل على مستوى شبكة الهندسة البيداغوجية تخص مراجعة البرامج البيداغوجية لبعض التخصصات، بالإضافة إلى ذلك يسعى قطاع التكوين إلى ضمان استفادة المُتكّونين والمكونين من حلول تعليمية رقمية مُبْتَكَرة، تُعَزز من جودة التكوين وتواكب التطورات التكنولوجية في عملية رقمنة الجانب البيداغوجي من خلال الفضاءات الرقمية التي سيستفيد منها المكونون، بتخصيص حسابات تسمح لهم من الولوج لهذه الفضاءات الرقمية، تمكنهم من الاطلاع على برامج ومصادر بيداغوجية ذات العلاقة باختصاصاتهم.
إن وصولنا لهذه المرحلة من رقمنة فضاءات المتكونين والمكونين، جاء عبر مراحل مدروسة بشكل دقيق بدأت برقمنة الحَوْكَمة، وتجميع كافة معطيات القطاع ورقمنة مختلف أنشطة التسيير للقطاع على مستوى مختلف مؤسسات القطاع من خلال رقمنة كل المسار التكويني للمُتكونين، ابتداء من مرحلة التسجيل إلى مرحلة التقييمات وصولاً إلى استخراج شهادات النجاح على منصة (تسيير)، ونفس الشيء بالنسبة للتسيير الإداري والمالي والاستثمارات، مع تسجيل نقلة نوعية في مجال استغلال الرقمنة كأداة فعالة وناجعة للوصول إلى مرحلة التحول الرقمي الذي دعا إليه السيد رئيس الجمهورية في العديد من المناسبات، ثم من خلال الانتقال إلى الرقمنة الخدماتية، بإطلاق تطبيقات ومنصات تُعنى بمختلف جوانب العملية التكوينية، ومنها المنصة الرقمية متكون المُوجّهة للمتكونين للاطلاع على مسارهم التكويني واستخراج الوثائق الخاصة بهم، كالشهادات المدرسية وغيرها.
وسمح اللقاء من تقييم تجربة فروع الأمن السيبراني إلى حد اليوم، إضافة إلى تبادل الرؤى والتجارب التقنية والاطلاع أكثر على مختلف الجوانب المتعلقة بالتكوين المهني وربطه بمتطلبات مهن الأمن السيبراني، والذي يهدف إلى إيجاد أفضل السبل لتوحيد البرامج البيداغوجية ومسارات التكوين ومطابقتها مع معايير الجودة وتوفير بيئة تكوين مُحفزة لترقية عملية اكتساب المهارات في هذا المجال الحساس كون الأمن السيبراني متعدد الأبعاد، لأنه يمس المنظومات كلها مثل البنوك والمياه والطاقة والصحة والتعليم والنقل والاتصالات ولذلك فالتكوين معني به جدا.
جرفاوي. ع