
ثـمّـن المتدخلون في اليوم الدراسي حول “الذكاء الاصطناعي في الجزائر: نحو مستقبل ذكي وإستراتيجي” من تنظيم التحالف من أجل التجديد الطلابي الوطني بمغنية بالمركز الجامعي مغنية، بالتعاون والتنسيق مع حاضنة أعمال المركز الجامعي مغنية ووحـدة دعم وتنمية التنشيط الجامعي، مواكبة الجزائر للتطورات الحاصلة في مجال الذكاء الاصطناعي للحفاظ على سيادتها الرقمية.
واعـتبر مشاركون في هذا اليوم الدراسي الذي استقطب نخبة من الأكاديميين والخبراء والمهتمين من داخل وخارج المركز الجامعي، لمناقشة أبعاد هذا الموضوع الحيوي، بأن الجزائر لم تكتف بتشييد كليات ومعاهد حول الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، بل تجاوزت ذلك للعمل على التحكم في التكنولوجيات المتطورة، كيف لا وهي التي ينتمي إليها عـديد العلماء والباحثين المسيرين لأكبر الشركات العالمية.
وحـسـب الدكـتور “حمرة حسني” المنسق العام لليوم الدراسي، أن انعـقاد فــعـالــيات هذا الـيـوم الدراسي عـلى مستوى المركز الجامعي مغنية، ليناقش من خلاله المتدخلون كيف نُحوِّل هذا التحدي التقني إلى فرصةٍ وطنية، وكيف نصنع من الذكاء الاصطناعي جسرا نحو تنمية مستدامة تُواكب العصر، دون أن تفقد هويتنا، كما أنـه يُجسّد إرادتنا الجماعـية لمواكبة التحديات التكنولوجية وبناء منظومة رقـمية متكاملة، في عصرٍ تُعِـدُّ فيه الثورة الرقمية العالم لمستقبلٍ تتشابك فيه الحدودُ بين الواقع والافتراضي، وتُسيطر فيه البياناتُ على قراراتنا، وتتحول فيه الآلاتُ إلى شركاء في الإبداع.
يَبرُزُ الذكاء الاصطناعي كأهم محركٍ للتغيير في القرن الحادي والعشرين، مؤكدا في ذات السياق أن الجزائر، بمواردها البشرية الواعـدة، وطاقاتها الشبابية المتحمسة، وقدراتها الأكاديمية والعلمية، لديها كل المقومات لِتكون لاعباً فاعلاً في خريطة الذكاء الاصطناعي الإقليمية والعالمية، فمنذ إطلاق ـ حسبـه ـ الإستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتكنولوجي، بدأنا نرى بوادر مشاريع مبتكرة في مجالات مثل الزراعة الذكية، والطب التشخيصي الدقيق، وإدارة الموارد الطبيعية عبر تحليل البيانات الضخمة، بل وحتى في الحفاظ على التراث الثقافي باستخدام تقنيات التعلُّم الآلي في عالمٍ تُحدِّدُه السرعة التكنولوجية وتَفرضُه ثورةُ البيانات، نجد أنفسنا اليوم على أعتاب تحوُّلٍ تاريخي، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداةٍ تقنية، بل لغةً عالميةً جديدةً تُعيدُ تشكيل الاقـتصادات، وتُعزِّزُ القدرات التنافسية، وتُحدِّدُ مَن يملك زمام المستقـبل، وفي هذا السياق، تَبرُزُ الجزائرُ بخطواتٍ واثقةٍ نحو تبني هذه الثورة، لا كمتفرجين، بل كفاعلين رئيسيين، عبر مشاريع طموحة مثل المدرسة الوطنية للذكاء الاصطناعي في سيدي عبد الله، التي أصبحت رمزًا لإرادة وطنية تُحوِّل التحدي إلى فرصة.
اليوم، نحتفي هنا ليس فقط بالذكاء الاصطناعي كتقنية، بل كإستراتيجية وطنية تُجسِّدُ رؤيةَ الجزائرَ لِتكون في مصاف الدول الرائدة إقليميًّا وعالميًّا، فمدرسة سيدي عـبد الله، التي أُطلقت كصرحٍ علميٍ متخصص، ليست مجرد مبنى أكاديمي، بل هي حاضنة للأجيال القادمة من المهندسين والعلماء الجزائريين، وقاعـدةٌ لصناعة حلولٍ ذكيةٍ تُلامس احتياجات مجتمعنا، من الصحة إلى التعليم، ومن الزراعة إلى الصناعة.
الدكـتور “حمرة حسني” (المنسق العام لليوم الدراسي): “دمج الذكاء الاصطناعي في الخطط التنموية للدولة”
الدكـتور “حمرة حسني” المنسق العام لليوم الدراسي أشـار بالمناسبة على هامش هذا اليوم الدراسي أن الجزائر نجحت عـبر هذه المدرسة، في وضع لبنةٍ أساسيةٍ نحو السيادة التكنولوجية، من خلال تأهيل كوادر وطنية متخصصة في مجالات التعلُّم الآلي، وتحليل البيانات، والروبوتات، وكذا تعزيز البحث العلمي التطبيقي عـبر شراكات مع القطاع الصناعي والخدمي، فضلا عن بناء جسور بين الأكاديميا وسوق العمل، لضمان أن تُترجم الأبحاث إلى مشاريعَ تنمويةٍ ملموسة، معتبرا في السياق ذاته أن هذا الإنجاز ليس نهاية المطاف، بل هو بداية طريقٍ نتطلع فيه إلى مزيدٍ من التعاون بين القطاعين العام والخاص، والمؤسسات الأكاديمية ومراكز الابتكار، فالعالم ـ حـســبـه ـ يتسارع، والتكنولوجيا لا تنتظر، ولدينا فرصةٌ ذهبيةٌ اليوم لأن نُكرس مكانتنا كمركزٍ إقليميٍ للذكاء الاصطناعي، خاصةً مع امتلاكنا لِموارد بشرية شابة وطموحة، وقدرات بحثية واعـدة، غـير أن النجاح كما أضاف يتطلب مواجهة التحديات بجرأة، مثل تطوير البنية التحتية الرقمية في جميع مناطق الوطن، إلى جانب سن تشريعاتٍ داعمةٍ لاقتصاد المعرفة وحماية الملكية الفكرية، وتشجيع الاستثمار في المشاريع الريادية التي تعـتمد على الذكاء الاصطناعي.
الدكـتور “حمرة حسني” دعا ضمن هـذا اللـقاء الجميع إلى تحويل الحوار إلى أفعال، فهي مثالٌ يحـتـذى لكنها ليست الوحيدة، ملحا على العـمل معًا عـلى توسيع نطاق الشراكات بين الجامعات ومراكز البحث والصناعات الناشئة، دمج الذكاء الاصطناعي في الخطط التنموية للدولة، كالصحة الذكية والزراعة الدقيقة وإدارة الطاقة، مع تمكين الشباب عبر منصات تدريبية مكثفة تواكب أحدث التوجهات العالمية، مؤكدا بأن الذكاء الاصطناعي ليس تقنيةً نستوردها، بل هو فلسفةُ عملٍ تبدأ من التعليم، وتمرُّ بالبحث، وتُتوَّجُ بالابتكار، وهي شعلةُ هذا الأمل، ودورنا اليوم أن نُضيء بها طريقًا لكل الجزائريين لنصنع معًا مستقبلًا حيث تكون التقنية خادمةً للإنسان، وتعكس هويتنا، وتُعـزّز مكانتنا، معتبرا هذا اليوم الدراسي الوطني انطلاقةً لِتحالفاتٍ إستراتيجية تضع الجزائرَ على خريطة الذكاء الاصطناعي العالمية.
أمـيـر.ع