
احتضنت قاعة المحاضرات بمقر الديوان بولاية سيدي بلعباس فعاليات يوم دراسي وطني هام تحت عنوان: “التقاضي الإلكتروني كتوجه جديد نحو الارتقاء بالمنظومة القضائية”.
وقد نُظم هذا اللقاء بتعاون بين المجلس الأعلى للقضاء ومجلس قضاء سيدي بلعباس، تحت إشراف مباشر من السيد الرئيس الأول للمحكمة العليا، نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، الذي افتتح الحدث رسميا، مؤكدا على أهمية هذا التوجه في مسار تطوير العدالة.
حضور رسمي رفيع المستوى يعكس أهمية الحدث
شهدت التظاهرة القضائية حضورا رسميا مميزا، تقدّمه السيد والي ولاية سيدي بلعباس، الذي ألقى كلمة ترحيبية أشاد فيها بأهمية موضوع اللقاء، داعيا إلى ضرورة مواكبة التحولات الرقمية بما يعزز ثقة المواطن في المنظومة القضائية، ويكرس مبادئ الشفافية والنجاعة.
كما حضر اللقاء أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، رئيسة مجلس قضاء سيدي بلعباس، النائب العام، ونواب عامون لمجالس قضاء من مختلف الولايات الغربية.كما سُجل حضور كل من رئيس ومحافظ الدولة للمحكمتين الاستئنافيتين لوهران وسيدي بلعباس، إضافة إلى ممثلين عن السلطات الأمنية، التشريعية، التنفيذية والإعلامية.
مشاركة نوعية من مختلف الفاعلين في قطاع العدالة
تميزت فعاليات اليوم الدراسي بمشاركة نوعية من القضاة، المحامين وممثلي منظمات المحامين التابعة لناحية وهران، تلمسان، معسكر، غليزان، مستغانم، سعيدة وسيدي بلعباس، إلى جانب رؤساء الدوائر والمجالس الشعبية البلدية، وأعضاء من الهيئات الاستشارية الوطنية.
كما حضر اللقاء نواب البرلمان بغرفتيه، الأمين العام للولاية وأفراد من الأسرة الإعلامية، ما منح الحدث بعدا وطنيا وحيويا، عكس أهمية التحول الرقمي في منظومة العدالة.
مداخلات علمية تؤكد حتمية الرقمنة القضائية
تخلل هذا اليوم الدراسي سلسلة من المداخلات العلمية والعملية الثرية، قدّمها نخبة من القضاة والمحامين المختصين، ركّزت على شرح مفهوم التقاضي الإلكتروني كخيار استراتيجي لا غنى عنه في تحديث العدالة الجزائرية.
وأجمعت المداخلات على أن التقاضي الرقمي يساهم في تبسيط الإجراءات، تسريع الفصل في القضايا، تقليص الأعباء الإدارية وتقريب العدالة من المواطن خاصة في المناطق النائية.
تحديات تطبيق التقاضي الإلكتروني في الجزائر
سلطت المداخلات الضوء على التحديات التي تعترض طريق تطبيق فعلي وفعال للتقاضي الإلكتروني، منها ما هو قانوني مرتبط بالتشريعات التي يجب تكييفها مع البيئة الرقمية، ومنها ما هو تقني يرتبط بالبنية التحتية وضمان الأمن السيبراني. كما تم التشديد على أهمية تكوين الموارد البشرية من قضاة، محامين وكتاب ضبط في التعامل مع أدوات الرقمنة.
تجارب دولية واستراتيجية وطنية منتظرة
وفي هذا السياق، تم استعراض نماذج دولية وتجارب مقارنة من بلدان سبقت في تطبيق العدالة الرقمية، وذلك بهدف الاستفادة من خبراتها وتفادي ما واجهته من صعوبات. وأكد المتدخلون على ضرورة وضع استراتيجية وطنية شاملة ترتكز على تحديث الإطار القانوني، التكوين المستمر، وتبني أحدث التقنيات، لضمان انتقال سلس وآمن نحو تقاضي إلكتروني فعّال ومتكامل.
في سياق التحول الوطني نحو الرقمنة
يأتي هذا اليوم الدراسي انسجاما مع التوجه الوطني الذي تبنّته الدولة الجزائرية ضمن رؤيتها لرقمنة القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها قطاع العدالة، كجزء من التزاماتها بتعزيز الشفافية والحكامة الرشيدة وترسيخ أسس دولة القانون.
وقد شكل اللقاء فرصة ثمينة لتبادل الخبرات بين مختلف الفاعلين، واقتراح آليات عملية لدعم هذا التحول الجوهري، الذي يُرتقب أن يُحدث قفزة نوعية في خدمة المواطن وضمان حقوقه في إطار عدالة سريعة، نزيهة وعصرية.
فتحي مبسوط