
مرت عقود طويلة والناس تنظر إلى الحورية أو عروسة البحر كما تُسمى على أنها كائن أسطوري، لا وجود له إلا في عالم الخيال وكمخلوق خرافي اجتهد الناس في رسم صورة جميلة لها وتجسدت صورة عروسة البحر، على أنها امرأة جميلة ذات شعر طويل يستر جسدها العاري من الأعلى والجزء الأسفل شكله كذيل السمكة.
وقصة حورية البحر الصغيرة التي أغرمت بأمير من بني البشر أنقذته من الغرق، وتمنت لو أنها تزوجت به، لولا أنها استطاعت أن تعرف أن ذيلها يفرق بينها وبين بني البشر ذوي السيقان، ثم أن حياتهم القصيرة تفرق بينهم وبين حياتها التي تبلغ مئات الأعوام.
ولما لم تجد الحورية إلى الأمير سبيلا، سوى أن يرى أعلى جسدها، و يواري الماء عنه أسفله، هداها إلى اللجوء للساحرة التي سلبتها لسانها، في مقابل ترياق تحتسيه حين الفجر ليجعل لها سيقان البشر على أن تعلم أنها إذا تزوج أميرها بغيرها ستزوي بين طيات موج البحر في أول فجر بعد تركه إياها.
ويرى الأمير الحورية ملقاة على الشاطئ فيجتلبها إليه، لكنها لا تستطيع أن تنطق بحبه ويؤلمها أنه لا يجد فيها إلا صورة للفتاة التي أنقذته ذات الصوت الجميل، ويتم تزويج الأمير من أخرى، والحورية لا تستطيع سوى الصمت، حتى تجد أن حياتها السابقة يمكن أن تسترد، بأن تسدد خنجرا في قلب أميرها قبل ذلك الفجر، الذي توشك فيه على الانزواء مع الموج. لكن الأميرة تفضل أن تكون نهايتها بين الأمواج على أن تكون نهاية حبيبها على يديها.
طبعا، هذا ملخص القصة الأسطورية ولكن يذكر أنه قد حدثت في بحيرة قارون بالفيوم على بعد أمتار قليلة من المياه فوجئ الجميع بما لم يكن في الحسبان، أضواء وأشعة غريبة تنبعث من المياه وأمواج سريعة متتالية كما لو أن البحيرة أعلنت عن غضبها.
لفت ذلك جميع أنظار الرواد والمصطافين الذين توقفوا في أماكنهم من فرط الدهشة والخوف، ولم يُبقوا على هذه المشاعر طويلاً حتى خرجوا من المياه وبسرعة فائقة اعتقاداً بأن هناك حوتاً أو وحشاً من وحوش البحر يبحث عن فريسة، وتجمع الكل على الشاطئ موجهين عيونهم إلى المياه ترقباً لما سيحدث فيما بعد وأضاف أصحاب هذا القول:- إن المصطافين لم ينتظروا طويلاً فبعد دقائق معدودة من تصاعد الأمواج فجأة وبدون سابق إنذار كما لو كانت البحيرة انشقت خرج من البحيرة مخلوق غريب أشبه بفتاة عارية فائقة الجمال والأنوثة طولها حوالي 180 سم، شعرها طويل ولونه أصفر ووجهها يشع منه عينان ذهبيتان، أخذت تخرج جسدها من المياه رويداً رويداً والناس يحدقون في هذه الفتاه التي لم تكن في حقيقة الأمر سوى حورية من حوريات البحر التي نسمع عنها في حكايات ألف ليلة وليلة-.
البعض تعالت صيحاتهم والبعض الآخر أخذ يهلل بينما آخرون لملموا أغراضهم وسحبوا أطفالهم بعيداً عن الشاطئ.. المشهد لم يستمر أكثر من ثوان قليلة، كما يزعم شاهد عيان آخر يُدعى علي حيث غطست مرة أخرى و كأنها فص ملح وذاب .. أسرع البعض ليتبعها دون جدوى.
هـشـام رمـزي