
جاء قرار حظر لعبة روبلوكس الشهيرة في الجزائر مؤخرا كخطوة أثارت الكثير من النقاش .حول مستقبل الألعاب الإلكترونية بين الأطفال والمراهقين. حيث اعتُبر هذا الإجراء مرتبطا بسلامة الفئات الصغيرة التي تشكل النسبة الأكبر من جمهور هذه اللعبة، إذ يشير متابعون إلى أن العالم الافتراضي داخل روبلوكس يتيح مساحات واسعة من التفاعل قد تتجاوز حدود اللعب البريء، لتصل إلى مخاطر تمس الجانب النفسي والتربوي، الأمر الذي جعل موضوع الألعاب الإلكترونية عموما مطروحا بقوة على الساحة كقضية تستحق المتابعة الدقيقة.
لقد تمكنت لعبة روبلوكس منذ سنوات من جذب ملايين الأطفال حول العالم، وذلك بفضل طبيعتها التفاعلية التي تسمح بإنشاء عوالم افتراضية جديدة وخوض تجارب مختلفة مع لاعبين من أماكن متعددة، غير أن هذا الانفتاح غير المحدود جعلها ساحة خصبة لظهور محتويات غير ملائمة، إلى جانب مخاطر الإدمان والعزلة التي يواجهها اللاعبون الصغار الذين يقضون ساعات طويلة أمام الشاشة، مما يطرح تساؤلات جدية حول حدود الحرية الترفيهية للأطفال عندما تتقاطع مع المخاطر الرقمية.
الألعاب الإلكترونية بين الترفيه والمخاطر
إن الألعاب الإلكترونية الحديثة لم تعد مجرد وسيلة للتسلية البسيطة، بل تحولت إلى منصات واسعة تدمج بين اللعب والتواصل والتجارة الإلكترونية في آن واحد، ولعل أبرز مثال على ذلك هو ما توفره لعبة روبلوكس التي تمنح اللاعبين فرصة تصميم ألعابهم الخاصة والتفاعل مع الآخرين عبر نظام رقمي متكامل، وهو ما يجعلها جذابة للفئات الصغيرة لأنها تشعرهم بالاستقلالية والقدرة على الإبداع، إلا أن هذه المزايا لا تخلو من سلبيات كبيرة عندما يغيب الإشراف الأسري أو التوجيه التربوي.
ففي حالات كثيرة، يسجل خبراء التربية ظهور أعراض الإدمان لدى المراهقين الذين يندمجون كليا مع العوالم الافتراضية، حيث تصبح أولوياتهم مرتبطة بما يجري داخل اللعبة أكثر مما يحدث في حياتهم الواقعية، وهو ما يؤدي إلى تراجع التحصيل الدراسي، وضعف الروابط الاجتماعية، وحتى اضطراب السلوك نتيجة العيش في بيئة غير منضبطة، وهذا ما يجعل النقاش حول الألعاب الإلكترونية يتجاوز مجرد كونها تسلية ليصل إلى كونها مؤثرا حقيقيا على تنشئة الأجيال.
لعبة روبلوكس في الجزائر .. نحو وعي أكبر بظاهرة الحظر الرقمي
تتعدد القرارات حول العالم بحظر أو تقييد ألعاب معينة عندما يثبت أنها تشكل خطرا على الفئات الصغيرة، فقد شهدت الساحة في السابق حالات مشابهة طالت ألعابا أخرى عرفت بانتشارها الواسع بين المراهقين، لكنها ارتبطت بسلوكيات سلبية أو تحديات خطيرة، الأمر الذي رسخ فكرة أن الألعاب الإلكترونية ليست دائما بريئة، بل قد تكون أداة غير مباشرة لتمرير رسائل أو دفع الشباب نحو أنماط سلوكية غير سليمة، وهو ما يفتح النقاش حول حدود الرقابة الرقمية في عصر تتسارع فيه الابتكارات التكنولوجية.
ويؤكد خبراء أن قرار حظر لعبة مثل روبلوكس يجب أن يكون مناسبة لتعزيز وعي الأسر بدورهم المحوري في مراقبة ما يستهلكه أبناؤهم من محتويات رقمية، فالحظر وحده لا يكفي إذا لم يترافق مع تربية رقمية متوازنة ترشد الأطفال إلى كيفية الاستفادة من التقنيات دون الانزلاق إلى مخاطرها، ومن هنا يظهر أن الحل الحقيقي لا يكمن في المنع وحده، وإنما في الموازنة بين حق المراهقين في الترفيه وواجب المجتمع في حمايتهم، وهو نقاش سيبقى مفتوحا كلما ظهرت لعبة جديدة تجذب الصغار وتعيد طرح الأسئلة نفسها من جديد.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله