الثـقــافــة

حرب الوكالة بالجزائر بتداعياتها وأبعادها

 الحرب الممنهجة والسابقة لأوانها

بقلم: الباحث أونان عبد القادر النهاري

 (الـــجــزء الــثــانـــي)

بعد الوصية التي تركها الحاخام ريباش أثناء القرن الرابع عشر ميلادي ليطمئن بني جلدته على أن العناية الربانية ستحل عليهم بفضل فرنسا من الجزائر ولا خوف عليهم وكانت بمثابة اللبنة والترصد لاجتياح الجزائر وسيطرتهم على دواليب المال والأعمال والتخطيط  للاحتيال على الشعب الجزائري واسندت هذه المهام القذرة إلى المرابيان اليهوديان بكري وبوشناق ولحفظ ماء الوجه ينسبون هذه المؤامرة إلى حادثة المروحة ومن خلالها بدأت معانات الجزائريين بعدما أخذ كل المنافقين نصيبهم من الجزائر بداعي اللجوء السياسي إلى مصر.

وبعد هذه المراحل العصيبة من تاريخ الثورة التي غيبت من خلالها قامات من الرجال بعدما أسندت سدة الحكم إلى الداهية الجنرال (ديغول) لإنقاذ الطائفة اليهودية المتسلطة على البشرية وللمرة الثانية بعد الحرب العالمية الثانية، في مهمة لتصفية ما تبقى من رموز الثورة الجزائرية الذين كانوا يشكلون خطورة على مستقبل لاعقي دماء البشر بالحدود الغربية، لما لهم من حقد دفين على كل من يعارضهم والذين وصل بهم الحد إلى ترويض حيوانات لشعوذة ومساس مرده لحقد دفين لا يصدق استهزاء ببنو ادم وترهيبه من قبل أفعى مروضة تبتلعه حيا.

تكوين قوات ثالثة موالية إلى الصهيوني (شال)

وتعد من بين فصول التعذيب النفسي والميز العنصري المقيت الذي عاشته تلمسان، وتعد كذلك بداية لمهمة الجنرال (ديغول) تلتها مهمة إسناد غلق الحدود بالأسلاك الشائكة وبناء المحتشدات وتكوين قوات ثالثة موالية إلى الصهيوني (شال) من اجل تطبيق سياسة الأرض المحروقة وتصفية ما تبقى من قادة الثورة بالحدود الغربية، ومن بينهم الشهيد (شيب الطيب سي لمجذوب زكريا والشهيد سي بالحاجي بوسيف النهاري والعقيد لطفي)، هذا الأخير الذي وضع خبرة عدة جنرالات صهاينة ومن بينهم (شال) في سلة المهملات في تصد أقل منه كان من المفروض أن يدرج من خلال فلمه الذي كلف الدولة مبلغا باهضا، وهذا من أجل تحفيز الأجيال على الاقتياد به دفاعا على هذه الأرض الطاهرة. ضف إلى ذلك ما ترتب عن هذا التصدي، وضع حد لخرافة سلم الشجعان، هذه الضربة الموجعة التي تلقت ترحيبا من قبل قادة الولاية الثالثة وكانت محفزا لأيقونة الثورة الجزائرية الشهيد (كريم بالقاسم)، وكان أول من طلب برحيل خبراء بني صهيون من الجنوب الغربي الجزائري قبل تمكنهم من تحقيق أهدافهم وتمكين فرنسا من دخولها حلف النادي النووي، وهذا من بين مطالب الحكومة المؤقتة والتزاماتها القومية. وبعد تصفية القائد (العقيد لطفي) الذي سبق له وأن تصدى لأول تمشيط بالحدود الغربية قوامه أربعين ألف عسكري وصفهم الشاهد رأي العين بالجراد اللآدمي، خرج علينا الجنرال (ديغول) بعد استدراج كبار القوم كعادة مألوفة من تاريخ فرنسا لتكوين قوة ثالثة من أشبال مغنية لحفظ ماء الوجه أمام الصهاينة، من خلال جولة أطلق عليها اسم جولة المطابخ.

نوايا توسعية تصب في تحقيق حلم رواد حرب الوكالة

وبتاريخ 9 ديسمبر 1960 نزل بمطار زناتة بتلمسان وكان في استقباله ارمدة من المخابرات وقادة العمليات جاؤوا على متن 9 مروحيات ولكثرة عددهم وعدتهم شرعوا في مهمة على الحدود الغربية لتفقد عصابات الارغون الصهيونية المرابطة هناك، بدا من ميناء صاي إلى جبل عصفور. وفي الأمسية بعد الفطور عقد اجتماع مغلق بعين الحجل حظرته جماعة مغنية المذكورة أعلاه. ولما له هذا الاجتماع من نوايا توسعية تصب في تحقيق حلم رواد حرب الوكالة هنا (وعلى خط الأجداد لما يحمله التقرير الذي خرج به الاجتماع المذكور وما يحمله من خطورة وإجهاض لتضحيات أبناء الجزائر تم تسريبه إلى قادة جبهة التحرير وعلى أثره تم القيام بمظاهرات 11 ديسمبر، وتحسب هذه العملية الجريئة كاختراق امني بامتياز يعود الفضل فيه لأشبال (سي بوعزة ميمون) وانتقاما لشهداء شبكة تازارين الذين يستحقون تكريما يليق بمقامهم من قبل دول المحور ويشيد لهم نصبا تذكاريا يخلدهم لوحدهم مدى الحياة من قبل هذه الدول وهنا تكمن عظمة الثورة الجزائرية وميراثها الحافل بالأمجاد.

الجزائر كقبلة أحرار ودعاة سلام

لهذا من الواجب الاحتفال بدور هؤلاء الشباب  والتعريف بهم للأجيال ليكونوا قدوة لأنهم حقا ليومنا هذا مصدر رعب لأعداء الجزائر لان دراستهم لم تتوصل ليومنا هذا إلى معرفة الشخصية الجزائرية والتاريخ كما سلف الذكر لأنهم يمثلون مرحلة إنذار وإطلالة تعود على الجزائر كل عشرة عقود لتاريخ يعيد نفسه كإكرام من الله تعالى خص به الجزائر كقبلة أحرار ودعاة سلام. للتذكير بالنوايا التوسعية أن الجنرال ديغول خص عين تموشنت بهذه الزيارة المذكورة وأعطاها اسم جولة المطابخ كحلم كان يراوده ليجعل منها رمزا لبني صهيون والثناء على ما اقترفوه من إجرام في حق الجزائريين وتمكين الاستدمار الفرنسي من دخوله إلى حلف النادي النووي. ومنظمتهم الصهيونية كان لها أول قدم بعين تموشنت بتسهيل من ممثل هذه المنظمة الصهيوني (اندري)، الذي عاث فسادا بالقطاع الوهراني، والدليل على هذا أن قائد العمليات (اندري) من عائلته هو من روض الافاعي والكلاب والقردة لقهر الفرق الفدائية والساكنة، وكان يمثل اليمين الفرنسي المتطرف بامتياز ومركز التعذيب بسد بني بحثل وببغاون بالغزوات كدليل قاطع على إجرامه، لأنه جعل منهما نسخة طبق الأصل لسجن الجزيرة الكاتراس. وما يثبت هذا يجب أن تخصص زيارات ميدانية وتحرير محاضر إثباث حالة وخاصة ما تعلق بطريقة الإعدام بمركز التعذيب ببغاون والتي اطلع عليها وفد المنظمة الوطنية الشهيد لم يمت التاريخية أثناء زيارته لهذا المركز الشؤم.

أخيرا اكتفي بهذا القدر لأنني أعاني من برمجة عصبية جراء ما اطلعت عليه من خلال ما اقترفته حرب الوكالة في حق أجدادي ونفتخر من جهة أخرى أني احمل اسم شهيد من شبكة (تازارين) وأول من اكتشف المندسين من بني جلدتنا الذين يحملون على أكتافهم طابعا مواليا للعدو الفرنسي ونفذ في أحدهم حكم الإعدام بعدما نجح في اختراق امني داخل زنزانته وكان ينعت من قبل السفاح (دابا الكولونال كزافي) كبير الارهابين، هذا النعت المشين في حق المطالبين بتحرير الجزائر من لاعقي دماء البشر ويبقى بحثنا هذا مفتوح لما هو جديد عن عظمة ثورتنا ورجالها الصادقين في وعدهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى