
احتضنت قاعة المحاضرات بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة “جيلالي ليابس” سيدي بلعباس، فعاليات الملتقى الوطني حول “تحديات التعاقدي للمؤسسة في ظل متطلبات الثورة الصناعية الرابعة”، الذي نُظّم حضوريا وعن بُعد، بالتعاون مع مخبر قانون المؤسسة، وفي إطار مشروع بحث تكوين جامعي، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين من مختلف الجامعات الجزائرية.
الملتقى، جاء ليسلط الضوء على الإشكاليات القانونية والعملية، التي تفرزها التحولات العميقة التي فرضتها الثورة الصناعية الرابعة على علاقة المؤسسة التعاقدية، خاصة في ظل بروز أدوات ذكية وتكنولوجيات متقدمة تعيد تشكيل أنماط التعاقد وآلياته. وقد حظي الحدث برعاية علمية وتنظيمية رفيعة، حيث ترأسه شرفيا البروفيسور “بوزياني مراحي”، مدير الجامعة، بينما أسندت رئاسة اللجنة العلمية إلى الأستاذ الدكتور “طيب إبراهيم ويس”، عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية، أما رئاسة الملتقى فقد تولّتها الدكتورة “جندولي فاطمة الزهراء”، تحت إشراف عام من الأستاذة “كريم كريمة”.
بين التكيّف والابتكار القانوني
تمحورت أشغال الملتقى الوطني حول 3 محاور رئيسية، تعكس التحديات القانونية الراهنة في ظل الثورة الصناعية الرابعة، حيث تناول المحور الأول التحولات الجذرية التي فرضتها الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة على بنية المؤسسة الاقتصادية، مشيرًا إلى دورها الحاسم في إعادة تشكيل النشاط التعاقدي.
أما المحور الثاني فركّز على التوسع الملحوظ في المجال التعاقدي للمؤسسة، من خلال الانتقال من الصيغ التقليدية إلى نماذج جديدة تعتمد على الوسيط الرقمي والوكيل الإلكتروني، ما يستدعي مراجعة الأطر القانونية التقليدية. في حين خُصّص المحور الثالث للعقد الذكي، بوصفه أبرز تجليات الثورة التكنولوجية، حيث أثار نقاشا معمّقا حول فرص اعتماده في المعاملات القانونية، والتحديات المرتبطة بضبطه قانونيا بما يكفل الشفافية والمصداقية، ويُقلّص من مخاطر الاستخدام.
مشاركة نوعية وخريطة علمية واسعة
شهد الملتقى مشاركة أساتذة وباحثين من أكثر من 15 جامعة جزائريةحضوريا وعن بعد، من بينها جامعة البيض، بسكرة، تيسمسيلت، بجاية، عين تموشنت، المدية، البويرة، وهران 2، غرداية، تندوف، بشار، الجلفة، مستغانم وسكيكدة وأساتذة من جامعة “جيلالي ليابس”، ما يعكس البعد الوطني والاهتمام الأكاديمي المتزايد بموضوع التعاقد الإلكتروني والتحولات القانونية المرتبطة بالمؤسسة الحديثة.
كما ضمت اللجنة العلمية للملتقى نخبة من الأساتذة، منهم ( صابونجي، شايب صورية، بردان رشيد، إدريس خوجة، طلحة نورية، فرعون محمد، برقوق يوسف وغريب نوح)، الذين ساهموا في تأطير المداخلات وضمان جودة النقاشات العلمية.
وقد افتتحت أشغال الملتقى بكلمات رسمية أجمعت على أهمية مواكبة الجامعة الجزائرية للتحولات القانونية المتسارعة التي تفرضها الثورة الرقمية، والعمل على تعزيز البحث العلمي في مجال التعاقد الذكي وممارسات المؤسسة الحديثة.
نحو إرساء ثقافة قانونية رقمية
شكل هذا الملتقى محطة أكاديمية مهمة لتقاسم المعارف والخبرات، وإطلاق نقاش وطني معمق حول مستقبل التعاقد في الجزائر في ضوء المتغيرات التكنولوجية الراهنة. وقد أوصى المشاركون بضرورة تكييف المنظومة القانونية الوطنية مع مستجدات العقود الذكية، والعمل على إعداد أجيال من الكفاءات القادرة على فهم وتوجيه المؤسسة في خضم هذه الثورة الرقمية التي لم تعد خيارا، بل ضرورة وجودية.
فتحي مبسوط