تكنولوجيا

“ثورة” الرقمنة..عصرنة الإدارة وتحرير الجزائريين من البيروقراطية

"البديل" تفتح الملف وتضيئ نقاط الظل

الجزء الثاني

تفاعل المواطن  مع الرقمنة

يؤكد جل المواطنين من استجوبتهم “البديل”، بأن استخراج وثائق الحالة المدنية من أية بلدية، أزاح عنهم عناء التنقل إلى بلدية المولد، وحسب السيد “ز. أ”، وهو مقيم بالعاصمة ومولود ببلدية بوسعادة، فإن استعمال البلديات للإعلام الآلي في استصدار وثائق الحالة المدنية، جعله يستخرج وثائق الحالة المدنية التي تخصه من أي مرفق بلدي في العاصمة، بعد أن كان يتنقل إلى مسقط رأسه لاستخراجها أو يكلف أحد أقاربه لذلك.

يضيف آخر، بأن الاستمارات الموضوعة على مستوى الموقع الالكتروني لوزارة الداخلية، الخاصة باستخراج جواز السفر، أمر بات يسهل على المواطن استخراج هذه الوثيقة، والأكثر من ذلك، باتت بطاقة التعريف الوطنية تستخرج بشكل أوتوماتيكي بعد التسجيل في موقع الوزارة والتواصل مع البلدية عبر الرسائل النصية،من جانها، تؤكد السيدة “ب. و” وهي مجاهدة مقيمة بولاية الجزائر، بأنها اعتادت التنقل إلى ولاية سطيف لاستخراج نسخة من سجل أعضاء جيش التحرير الوطني، والمنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني من مديرية المجاهدين للولاية المذكورة، لكنها في الوقت الحالي، ومنذ ما يقارب عشر سنوات، باتت تستخرجها من مديرية الجزائر العاصمة، وهو أمر تستحسنه كثيرا على، حد قولها،وزارة التعليم العالي هي الأخرى سلكت شوطا معينا من استعمال الرقمنة لصالح الطلبة، وحسب “محمد. ع”، وهو طالب سنة أولى علوم تطبيقية بالمعهد الكائن في بلدية القصبة، قدم من ولاية المدية، وهو مقيم بالإقامة الجامعية في القبة، يؤكد بأن المعهد سطر للطلبة في بداية السنة برنامجا خاصا، ويتمثل في متابعة الدروس على مستوى المعهد خلال الأيام الخمسة عشرة الأولى من الشهر، واستكمالها عن بعد خلال الخمسة عشر الباقية عن طريق الأنترنت، كما تم حسبه، برمجة دروس اللغات عن بعد  نهاية الاسبوع،حسب رأي آخر، فإن معظم المصالح القطاعية ترصد على مستوى مواقعها، آراء مستخدمي هذه الأخيرة من طالبي الخدمات، من خلال اقتراح استبيان على المواطنين ومختلف المتعاملين حول نجاعة وجودة الخدمات الإلكترونية المقدمة، وبطبيعة الحال فإن جميع مستخدمي هذه المنصات، سواء على مستوى الموقع الالكتروني أو على مستوى تطبيقات الهواتف المحمولة، يؤكدون وجود بعض النقائص، وهو أمر طبيعي بالنسبة للأغلبية، على اعتبار أن مختلف هذه التطبيقات حديثة وتستدعي المراجعة والتحديث، ولا يعني، حسبهم، أن إطلاق الخدمات إلكترونيا يكون ناجعا في حينه.

وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي

وضعت وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي في مارس 2021، في إطار رقمنة القطاع، مجموعة من الخدمات الالكترونية، تعني باستخراج الوثائق الخاصة بالضمان الاجتماعي، ومنصات إلكترونية للشباب وحاملي المشاريع. وتسمح التطبيقات، حسب ما تم الإعلان عنه للمؤمن اجتماعيا، باستخراج عن بعد، شهادة الانتساب، وشهادة الأحقية في الأداءات، والاطلاع على بيان التعويضات اليومية الخاصة بالتأمين على المرض والأمومة، كما تسمح التطبيقات التي أعلنت عنها مصالح الوزارة من خلال فضاء المتقاعد للأجراء، من استخراج شهادة المعاش ومتابعة طلب الإحالة على التقاعد المودع إلكترونيا من طرف أرباب العمل،كما تسمج الخدمات الإلكترونية في إطار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لغير الأجراء، بتسجيل الانتساب عن بعد وإمكانية الاطلاع على الوضعية تجاه الصندوق والتصريح بالنشاط، والاطلاع على كشف المسار المهني والدفع الالكتروني والتصريح بوعاء الاشتراكات، وطلب بعض الوثائق عن بعد. كما يمكن لأرباب العمل الاستفادة من خدمات التصريح عن بعد ودفع اشتراكات الضمان الاجتماعي.  وتم في نفس إطار الخدمات، وضع منصة رقمية لمنحة البطالة تسمح بالتسجيل الأولي وحجز موعد لدراسة الملفات على مستوى الملحقات المحلية للتشغيل.

وزارة العدل ..النيابة الإلكترونية

تم في إطار رقمنة مصالح وزارة العدل، تمكين طالبي وثيقة السوابق العدلية رقم 3 من استخراجها عن طريق البوابة الالكترونية، كما تم استحداث خدمة النيابة الإلكترونية، وتخص تسجيل شكوى أو عريضة وتتبع مآلها، وتشمل خدمات القطاع كذلك، استخراج شهادة الجنسية الجزائرية والتحقق من مصادر الوثائق الالكترونية، وتصحيح أخطاء الحالة المدنية واستخراج نسخة من مرسوم التجنس، والاطلاع على مال القضايا وسحب الأحكام من طرف المحامين واستخراج البطاقة المنهية البيومترية لقطاع العدالة، وإرساء أرضية التكوين عن بعد.

قطاع النقل… 60 خدمة في النقل البري الجوي والبحري والأشغال العمومية

وضع قطاع النقل والأشغال العمومية منذ سنة 2018، تحت تصرف المواطنين والمتعاملين، بوابة إلكترونية تمكن من الاستفادة من 60 خدمة مباشرة عبر الأنترنت، منها 16 خدمة في مجال النقل البري، و22  في مجال النقل البحري، و19 خدمة في مجال النقل الجوي، وأربع خدمات رقمية في مجال الأشغال العمومية،بالتفصيل وحسب مصالح الوزارة، يتم في مجال النقل البري، توجيه الخدمة لأكثر من 117 ألف متعامل في مجال نقل المسافرين وسيارات الأجرة ونقل البضائع، وخدمات لصالح 458 ألف متعامل من مسيري مدارس تعليم السياقة، وأخرى لأكثر من 7 آلاف مسير في مجال خدمات النقل البري. كما يستفيد من هذه الخدمات، أكثر من 20 ألفا من رجال البحر، وأكثر من 20 ألفا من الربان الحائزين على رخصة قيادة مركبات النزهة ذات المحركات، وأكثر من 400 مساعد في مجال النقل البحري، و10 متعاملين مستفيدين من امتيازات النقل البحري للبضائع، ومائة مرشد بحر وخدمات لصالح خمس شركات للنقل البحري، وأربعة مراكز في التكوين البحري، بالإضافة إلى كل شركات النقل البحري عبر العالم المستخدمة لرجال بحر جزائريين،أما في مجال النقل الجوي، فإن الخدمات التي توفرها هذه الأرضية الرقمية، موجهة إلى شركات النقل الجوي ومراكز التكوين في مجال الطيران المدني، ومراكز الصيانة في هذا المجال، بالإضافة إلى مستخدمي الطيران المدني وكل شركات النقل الجوي عبر العالم، المستخدمة لمهنيين جزائريين، وتتيح هذه البوابة الخدمات لأكثر من 7 آلاف شركة معنية بالإنجاز ومكاتب الدراسات،كما تسمح لمستخدميها من الاطلاع على النصوص القانونية المنظمة لها، ومعرفة شروط وإجراءات الاستفادة منها بالتفصيل،  والجهة المختصة بتقديم الخدمة، مضمون الملف وشروط الحصول على الوثيقة، وكيفية تسليمها ومدة صلاحيتها، كما يمكن لطالب الخدمة الاطلاع على نموذج الوثيقة المراد استخراجها، وإيداع الملف مباشرة ومتابعة مراحل دراسته وتحيينه، أو استكمال المعلومات الناقصة وتقديم الطعون.

“فيرما زاد” نقاط بيع من المنتج الفلاحي إلى المستهلك

في إاطار رقمنة قطاع الفلاحة والتنمية الريفية، أطلقت الوزارة في أفريل 2021، موقعا إلكترونيا خاصا بنقاط بيع المنتجات الفلاحية مباشرة من المنتج إلى المستهلك، عبر المنصة الالكترونية للوزارة، تخص نقاط بيع المنتجات الفلاحية عبر العديد من الولايات، وحسب وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، يمكن لأي مواطن تحديد مواقع نقاط البيع التابعة لمؤسسات ومتعاملين تحت وصاية القطاع الموجودة في المدينة، أو الولاية التي يسكن فيها، بالإضافة إلى المستثمرات الفلاحية.

التقدم متواصل نحو الافضل

يشهد مشروع الحكومة الإلكترونية في الجزائر، نوعا من التقدم في تجسيد برنامج الإدارة الإلكترونية، والتي منها البلدية الإلكترونية، وهو ما أدى إلى تذليل الصعوبات وحصول المواطن على وثائق الحالة المدنية، في المكان الذي هو فيه، دون أن يتكبد عناء التنقل إلى بلدية المولد، في المقابل، تعرف بعض القطاعات تثاقلا ملحوظا في عدد من الجوانب، خصوصا في إصدار النصوص القانونية المؤطرة لهذا المجال، وتلك المرتبطة بكل ما له علاقة بمقتضيات تكنولوجيات الإعلام والاتصال. “المساء” حاولت الغوص في هذا الملف، حيث رصدت ما أنجز وما ينتظره المواطن الذي بدأ يألف التعامل مع التكنولوجيا ومخراجاتها التي سهلت عليه الوقت والمال والجهد،تحولت تكنولوجيات الإعلام والاتصال، ومنها الرقمنة، إلى المحرك الرئيسي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في العالم، والحديث عن الرقمنة هو الحديث عن الآليات العملية والبرامج المجسدة لها، والتي لا يمكن بدونها الإقرار بوجود تحول رقمي يواكب مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، كما أن الحديث عن الرقمنة هو الحديث عن الآليات القانونية المؤطرة لها، والقوانين التي تضمن حماية الأشخاص والشركات، وحتى الدول، من الاختراقات التي قد تطال البيانات الشخصية للافراد، ومضامين الصفقات بين الشركات والصفقات العمومية، فضلا عن المراسلات بين مختلف القطاعات داخل الدولة الواحدة أو ما بين الدول، في ظل تنامي الجرائم الإلكترونية السبيرالية، والاختراقات التي تطال المؤسسات التي يفترض أن تكون قادرة على حماية بياناتها.

عقدين من الزمن فالرقمنة

رسمت الجزائر منذ ما يقارب العقدين من الزمن سياسة الحكومة الإلكترونية، وحددت حينها برنامجا خاصا لتجسيدها بين سنوات 2009 و2013، يهدف إلى توفير خدمات إلكترونية تعمل على تسهيل تعامل المواطن والشركات مع الإدارة العمومية، في مختلف المجالات، وحسب مضمون الوثيقة التي نشرتها “المساء”، في حينها، فإن الآليات العملية التي تتضمنها إستراتيجية “الجزائر الإلكترونية 2013″، تتلخص في تعزيز استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال في الإدارة العمومية وتطوير الخدمات الإلكترونية لفائدة المواطنين والشركات والعمال ومختلف الإدارات، وتحسين التسيير الداخلي والعلاقات مع المواطن، وتمكينه من خلال البوابات الإلكترونية، من تحميل الاستمارات وغيرها من الوثائق الإدارية، بالإضافة إلى وضع آليات عملية أخرى، منها استحداث السجل التجاري الالكتروني والتجارة الإلكترونية والدفع الإلكتروني والتصديق الإلكتروني.

بقلم:جلال يياوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى