
في تطور قانوني لافت يشهده المشهد التكنولوجي في الولايات المتحدة، تواجه كبرى الشركات التقنية مثل “أبل” و”غوغل” و”T-Mobile” تحقيقات وغرامات مدنية محتملة بسبب دعمها المستمر لتطبيق “تيك توك” رغم وجود قانون فيدرالي يلوّح بحظره بشكل كامل داخل البلاد.
تُقدر قيمة الغرامات المحتملة بمليارات الدولارات الأمر، الذي قد يشكل نقطة تحول في العلاقة بين الحكومة الأمريكية وشركات التكنولوجيا الكبرى، خاصة مع تصاعد الاتهامات بتجاهل التحذيرات الرسمية والتورط في دعم تطبيق تصفه السلطات بأنه خاضع لنفوذ “خصم أجنبي”.
بداية الأزمة ومسارها القانوني
تعود جذور الأزمة إلى شهر يناير من العام الحالي، حيث تولى الرئيس السابق دونالد ترامب منصبه لولاية ثانية، وفي تلك الفترة كان من المفترض أن تُنهي شركة “بايت دانس” المالكة لتطبيق “تيك توك” ملكيتها للتطبيق داخل الولايات المتحدة، وذلك امتثالًا لقانون وقّعه الرئيس الأسبق “جو بايدن” في أبريل من العام الماضي.
القانون منح الشركة الصينية فترة زمنية تصل إلى 270 يومًا للتخلص من ملكية التطبيق، أو مواجهة الحظر الكامل، غير أن ترامب قام بتعديل هذا المسار من خلال إصدار أوامر تنفيذية قامت بتجميد تنفيذ القانون ومنحت التطبيق فرصة جديدة للاستمرار داخل السوق الأمريكية.
في أبريل الماضي، أرسلت السلطات الأمريكية رسائل طمأنة إلى شركات التكنولوجيا الكبرى، مفادها أنها لن تتعرض لأي عقوبات في حال استمرت بتقديم خدماتها لتطبيق “تيك توك”، الأمر الذي أثار جدلا واسعا حول مدى قانونية تلك الطمأنة ومدى التزامها بروح القانون الأصلي.
دعوى قضائية وتحقيقات مطلوبة
أحد أبرز تطورات الملف تمثلت في قيام أحد المساهمين بشركة “ألفابت” المالكة لـ”غوغل” برفع دعوى قضائية ضد الشركة، اعتراضًا على قرار إعادة التطبيق الصيني إلى متجرها الرقمي، بعد أن كانت قد قامت بحذفه في يناير ويؤكد صاحب الدعوى أن القرار يعرض الشركة وأموال المساهمين فيها لمخاطر قانونية كبرى.
لم يكتف المساهم توني تان برفع الدعوى بل تقدم بطلبات رسمية للحصول على وثائق تثبت وجود مراسلات بين الحكومة الأمريكية وشركات تكنولوجية كبرى مثل “أمازون” و”مايكروسوفت” و”أوراكل” و”إل جي” و”أبل” من خلال قانون حرية المعلومات وذلك من أجل كشف حقيقة ما جرى خلف الكواليس.
ووفقا للمعلومات الأولية، فإن معظم هذه الشركات تلقت بالفعل رسائل رسمية تؤكد غياب العقوبات في المرحلة الحالية، رغم أن القانون كان يشير إلى إمكانية فرض غرامات قد تصل إلى 850 مليار دولار على أي جهة تساهم في استمرار التطبيق الصيني داخل الأراضي الأمريكية.
مواقف سياسية وتحذيرات قضائية
الملف لم يقتصر على النزاع القانوني، بل اتسع ليشمل مواقف سياسية حادة حيث وجه عدد من أعضاء الكونغرس رسائل شديدة اللهجة إلى الرئيس طترامب”، متهمين إياه بتجاوز صلاحياته من خلال تعديل مسار القانون عبر أوامر تنفيذية تتعارض مع ما أقره الكونغرس سابقًا.
من بين الوثائق التي أثارت الجدل أيضا، رسالة وجهتها المدعية العامة “بام بوندي” إلى المسؤولة القانونية الأولى بشركة “أبل” تحذر فيها من التبعات القانونية الخطيرة التي قد تواجهها الشركة نتيجة الاستمرار في دعم تطبيق تصفه القوانين الأمريكية بأنه أداة تابعة لدولة تعتبر خصمًا للولايات المتحدة.
رغم رسائل الطمأنة التي تلقتها هذه الشركات، لا يزال الغموض يحيط بالمصير النهائي للقضية، إذ يتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة موجة من التحقيقات وربما محاكمات قد تؤثر بشكل مباشر على مستقبل العلاقات بين الحكومة والشركات الرقمية الكبرى وسط تصاعد القلق من التأثيرات الأمنية والسياسية للتطبيقات الأجنبية في الداخل الأمريكي.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله