الجهوي‎

تيارت.. بذور بطاطا محلية لتعزيز الاكتفاء الذاتي

يبرز مخبر تطوير وتحسين بذور البطاطس كأحد المبادرات الوطنية الرائدة، إذ نجح هذا المخبر في إنتاج مليون شجيرة بطاطس باستخدام تقنيات زراعية متطورة، مما يمثل خطوة كبيرة نحو تقليص الاعتماد على البذور المستوردة ودعم المنتج الوطني. ويأتي هذا الإنجاز كثمرة لجهود محلية خالصة تهدف إلى توفير بذور محلية عالية الجودة تتكيف مع الظروف المناخية الجزائرية.

 

يستند المشروع إلى تقنية الزراعة النسيجية، وهي عملية معقدة تعتمد على استنساخ شجيرات البطاطس انطلاقا من خلية نباتية واحدة.

من خلال عمليات مخبرية دقيقة، يتم إنتاج شجيرات صغيرة تتكاثر بشكل متسلسل لتصبح شتلات جاهزة للزراعة.

ويؤكد القائمون على المخبر أن هذه التقنية، رغم تعقيدها، تضمن نتائج موثوقة إذا توفرت الإمكانيات التقنية اللازمة. وقد تمكن الفريق العلمي من إنتاج 12 صنفا محليا من بذور البطاطس، وهي أصناف لم تدخل الأسواق بعد، لكنها ستكون متاحة قريبا للفلاحين كبديل نوعي للبذور المستوردة.

بدأت هذه التجربة في عام 2009، عندما أُسس المخبر كثاني منشأة من نوعها في الجزائر بعد ولاية سطيف. ورغم التحديات الأولية، بما في ذلك محدودية الموارد، استغرق الفريق عامين لإتمام الدراسات والبحوث اللازمة قبل بدء الإنتاج الفعلي في 2011.

ويرى مدير المخبر، “أحمد زبار”، أن هذا الإنجاز يعكس قدرة الجزائر على تطوير بذورها محليا، مشيرا إلى أن البلاد كانت تستورد كميات كبيرة من البذور رغم إمكانياتها العلمية والزراعية. ويقول “زبار”: “إنتاج مليون شجيرة بطاطس بجهود وطنية يمثل خطوة غير مسبوقة، وهي بداية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال”.

تكتسب هذه التجربة أهميتها من كونها جزء من استراتيجية وطنية أوسع، تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل التبعية للأسواق الخارجية. ويؤكد المسؤولون أن التحكم في سلسلة إنتاج البذور يشكل ركيزة أساسية لتحقيق السيادة الغذائية، خاصة في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية.

ومن المتوقع أن تسهم الأصناف الجديدة، التي تتميز بمقاومتها للأمراض وقدرتها على التكيف مع البيئة المحلية، في تموين السوق الوطنية بنسبة 100 بالمائة بعد استكمال الإجراءات الإدارية والتقنية.

مع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في مدى جاهزية القطاع الفلاحي لتبني هذه الأصناف الجديدة، فالفلاحون بحاجة إلى برامج توعية وتدريب ميداني لضمان نجاح هذا التحول.

وفي هذا السياق، يبرز دور المؤسسات البحثية في مواكبة هذه المبادرة وتعميمها على مستوى ولايات أخرى، خاصة مع وجود إرادة سياسية تدعم مثل هذه المشاريع.

بهذا الإنجاز، يثبت مخبر السبعين أن البحث العلمي يمكن أن يكون رافعة لتطوير القطاع الفلاحي. ومع استمرار هذه الجهود، يتطلع الجزائريون إلى مستقبل يعتمد فيه الإنتاج الزراعي على بذور محلية، مما يعزز الثقة في المنتج الوطني ويقلل من فاتورة الاستيراد.

ج.غزالي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى