
يعد فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم من أبرز الرموز الرياضية في تاريخ الجزائر، إذ لم يكن مجرد فريق رياضي، بل كان تجسيدا للنضال والتضحية في سبيل استقلال الوطن. بالبرغم من الضغوطات التي تعرض لها الفريق، فقد تمكن من ترك بصمة خالدة في تاريخ الرياضة الجزائرية والعالمية.
وتأسس هذا الفريق في ظل ظروف تاريخية معقدة في عام 1958، ليحمل راية الجزائر في المحافل الدولية ويُعبر عن المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي. وضم الفريق مجموعة من اللاعبين الذين كانوا يعتبرون من أفضل نجوم كرة القدم في فرنسا آنذاك، لكنهم اختاروا التضحية بمسيرتهم الرياضية والانضمام إلى جبهة التحرير الوطني، ليس فقط للعب كرة القدم، بل لنقل رسالة وطنية صادقة للعالم حول قضية الجزائر العادلة.
وبالرغم من التحديات والضغوطات التي تعرض لها الفريق، فقد تمكن من ترك بصمة خالدة في تاريخ الرياضة الجزائرية والعالمية، خاصة وأن الجزائر وقتذاك قد باشرت حرب التحرير ضد المستعمر الفرنسي.
تم تكريم أحد أبرز رموز فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم، “محمد معوش”، من قِبَل وكالة الأنباء الجزائرية في حفل خاص أقيم الأحد بالمعهد العالي للفندقة والإطعام بعين البنيان (الجزائر)، في إطار تكريم أفضل الرياضيين الجزائريين لعام 2024، الذين تم اختيارهم في عملية سبر الآراء السنوية “براهيم دحماني” من قبل الصحافة الرياضية الوطنية.
ويعتبر “محمد معوش” جزء من تاريخ “فريق جبهة التحرير الوطني”، الذي يمثل نضالًا كرويًا بطابع سياسي ودبلوماسي لن يتكرر، وقال في تصريحات نقلتها الوكالة الرسمية، بأن الفريق تأسس في 13 أبريل 1958، وهو تاريخ تم اختياره بعناية ليتزامن مع مباريات البطولة الفرنسية، مما أعطى الفريق تأثيرًا أكبر. وضم الفريق في البداية 40 لاعبًا، توفي معظمهم، بينما تبقى على قيد الحياة كل من “محمد معوش” و”عبد الرحمن دفنون”.
وفي حديثه، استعرض “معوش” قرار 32 لاعبا بترك نجوميتهم في الأندية الفرنسية للانضمام إلى فريق جبهة التحرير الوطني والمساهمة في الدفاع عن القضية الجزائرية. وأكد “معوش”: “فريق جبهة التحرير الوطني رسّخ التاريخ، لم نلعب في أي مباراة دون أن نسمع النشيد الوطني ونرفع الراية الوطنية، إذ كانت الملاعب مليئة بالأنصار. كما تحدّث عن فكرة تأسيس الفريق لتعريف العالم بالقضية الجزائرية، واستذكر الضغوط التي مارستها فرنسا عليهم، حيث “تم منعهم من اللعب مع أي ناد أو منتخب، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الذي أرسل تهديدات لجميع الاتحاديات لمنع استضافة الفريق”.
وأشار معوش إلى تضحيات لاعبي الفريق الذين خسروا الشهرة والنجومية من أجل رفع راية الجزائر في مختلف أنحاء العالم، والتعريف بقضيتها على الساحة الدولية. كما كرّس الفريق قيم البطولة والتضحية من خلال انضمام لاعبين كانوا مرشحين للمشاركة في كأس العالم 1958 مع المنتخب الفرنسي، إلا أنهم فضلوا التضحية والانضمام إلى صفوف جبهة التحرير الوطني. وأسهم الفريق بعد الاستقلال في تطوير كرة القدم الجزائرية، مقدمًا العديد من الإنجازات والألقاب التي أثرت خزانة الرياضة في البلاد.
وتجدُر الإشارة أن المباريات التي خاضها فريق جبهة التحرير الوطني بمثابة منابر للتعريف بالقضية الجزائرية، كما حمل معه إرثاً لا يُنسى في ذاكرة الأجيال ويظلّ منارة للأجيال القادمة.
شريف. م