المجتمع

تعدّدت الآراء وتباينت الإنطباعات

الزوجات ونظرتهن لخادمات البيوت

غالبا ما تضطر المرأة العاملة إلى جلب خادمة إلى بيتها قصد الإعتناء بأطفالها والاهتمام بشؤونهم الخاصة في غيابها حتى تضمن لهم الأمن وتحميهم من مخاطر الشارع، وبالتالي تستطيع العمل وهي مرتاحة البال، لا يشغل بالها أي أمر ما دامت مطمئنة على فلذات أكبادها وتعامل أبنائها المعاملة التي ترضاها، فنجدها مع نفسها في مد وجزر، إما أن تبقيها وتتحمل سلوكها أو تطردها وتبحث مجددا عن خادمة أخرى، إذا ما إكتشفت أن الأولى عكس الصورة التي رسمتها من قبل.

قد يأخذ الأمر وقتا طويلا لتبقى المرأة العاملة في صراع مرير بدورها وهي تعاني الأمرين نتيجة الشكوك والظنون نحو الخادمة التي لم تعد تطمئن إليها، فها تستقيل من عملها لإدارة شؤون البيت ورعاية أطفالها في ظل غلاء المعيشة؟، لأن راتب الزوج وحده لم يعد كافيا لسد حاجيات البيت مهما وصل بها الأمر إلى درجة التقشف وعليه تضطر للتمسك بعملها والصمود أمام المشاكل التي تواجهها ويزداد خوفها بأن يصبح الأطفال الضحية في المقام الأول أمام تهاون الخادمة وعدم شعورها بالمسؤولية. وقد يتعدى الأمر من التسيب والإهمال إلى أشياء أخرى نكتشفها معا من خلال هذه الشهادات الحية التي استقيناها من زوجات وأمهات عاملات عانين الكثير من الخادمات اللواتي إئتمنتهن على أسرار بيوتهن وأبنائهن.

 أصبحت الخادمة سيدة البيت

أكدت السيدة (حليمة) أنها لا تريد الكلام كثيرا في هذا الموضوع بل اختصرت حديثها بالقول أنها إذا أرادت جلب خادمة فأحسن لها تزويج زوجها بامرأة ثانية، واستطردت قائلة:” لا زلت أذكر اليوم الذي أتت فيه تلك الخادمة والهيئة التي كانت عليها، فقد أرشدتني إليها الجارة و اتفقت معها على استقداهما من البادية، لكن مع مرور الوقت بدأت ملامح تلك الفتاة تتغير خاصة هندامها وطريقة لباسها وتصرفاتها التي لم تعد تبشر بخير، تصور أنها بدأت تلقي شراكها على زوج جارتي التي أحسنت إليها، و فعلا تمكنت من ذلك ونجحت في خطتها حتى تزوجته وصارت جارتي المسكينة مجرد ضرة بل خادمة لها، وهكذا بين عشية وضحاها تحولت هذه الخادمة إلى السيدة الأولى في البيت”.

 الخادمة والعاشقة في سرير واحد

من جهتها الأستاذة (سمية) عادت بذكرياتها إلى سنوات خلت وقالت لنا بمرارة لا توصف:” لقد جعلتني أتذكر صورة بالكاد قد نسيتها أو بالكاد عملت المستحيل لنسيانها أو محوها من ذاكرتي، نعم كانت لدي خادمة من أقارب زوجي لم أتركها تقوم بشؤون البيت فقط كي تتفرغ لرعاية إبني الذي لم يكن يتجاوز سنة واحدة وضعت فيها كل ثقتي و أعطيتها كل الحرية للتصرف في البيت وكأنها واحدة من الأسرة بل لم أعتبرها قط خادمة وإنما مثل أختي الصغرى لكنها خدعتني وطعنتني في ظهري من حيث لا أحتسب، ذات يوم أحسست بوعكة صحية مفاجئة ولم أتمكن من مواصلة التدريس فعدت إلى البيت بعد الظهر، لكن المفاجأة أنني بمجرد دخولي المنزل سمعت صراخ إبني الشديد فأسرعت إليه ولما فتحت باب الغرفة وجدت نفسي أمام مشهد مخجل لا يصدق، كانت الخادمة وعشيقها على سريري وفي غرفة نومي، لقد تمكن من الفرار بمجرد رؤيتي أما هي لم تجد ما تقوله إلا أن هربت بدورها  من يومها قطعت على نفسي عهدا بأن لا أجلب خادمة إلى البيت مهما حدث”.

 كانت تقضي وقتها أمام البارابول

أستاذة جامعية، السيدة (حكيمة) صرحت لنا بأنه كان لها خادمة ظلت تعاملها معاملة الأم لابنتها لكن كما يقال إتقي شر من أحسنت إليه، وقالت في السياق ذاته:”عوض أن تهتم بطفلي الصغير وشؤون البيت كانت تمضي معظم الوقت في مشاهدة التلفاز وتغير المحطات الفضائية ولا تفوت حلقة واحدة من المسلسلات المدبلجة، وذات يوم سقط إبني في حوض الماء وكاد أن يغرق ولحسن الحظ أصيب بذعر شديد فقط ولم يتوقف عن البكاء، وحين عاتبتها قالت لي كلاما قاسيا فقمت بطردها واكتفيت بترك إبني في الروضة “.

 أهملت إبني الصغير فصدمته سيارة

من جهتها السيدة (فاطمة الزهراء)، التي تعمل مهندسة صرحت لنا قائلة:” لقد طردت خادمتي بسبب ما ألحقته بابني الصغير من ضرر لا يغتفر، فكنت كلما أذهب إلى عملي كانت تغلق الشقة وتأخذ أبني معها في مواعيدها الغرامية دون أن أعلم، و قد سبق وأن أخبرني الجيران بذلك لكنني لم أهتم بالأمر إلى أن حدث ما لم يكن في الحسبان، ذات يوم وهي منشغلة بحبيبها تاركة ابني وحده يلهو بجوارهما وفي غفلة عنهما ابتعد وحاول قطع الطريق فصدمته سيارة، ولكن الحمد لله لم يصب إلا بكسر طفيف، وقد حماني زوجي كل المسؤولية لما حدث، وكاد أن يرفع ضدها دعوى لو لم أتوسل إليه”.

ليس كل خادمات البيوت من طينة واحدة

هذه نماذج من الخادمات اللواتي لم يكن عند حسن ثقة أصحاب البيوت وخن الأمانة وخيبن ظن ربات البيوت فيهن وما خفي كان أعظم ولكن كلمة حق يجب أن تقال ليس كل الخادمات من طينة واحدة بل هناك الكثيرات منهن من حفظن الأمانة وفرحت بهن الأسر وقمن بعملهن على أحسن وجه باعتراف ربات البيوت وحتى الأزواج والأبناء، فكن بحق مثالا للوفاء والإخلاص. كما لا يجب إغفال حقيقة مهمة وهي أن الكثير من خادمات البيوت اللواتي كن يبحثن عن لقمة العيش بالحلال قد واجهن المضايقات والتحرشات والمساومات من بعض الأزواج في غياب زوجاتهم ودون علمهن ففضلن رمي المنشفة والخروج من تلك البيوت كما دخانها أول مرة بالمعروف ودون الكشف ذلك للزوجات كي لا يكن سببا في خراب الأسر، وغادرن تلك المنازل في صمت وقلوبهن تتقطع حسرة حفاظا على شرفهن وعرضهن وكرامتهن وهن يحتسبن أمرهن لله.

بقلم: زهـرة. ر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى