
تطبيق إنستغرام لآيباد .. في خطوة وصفت بالتحول اللافت أعلنت منصة إنستجرام عن إطلاق نسخة مخصصة من تطبيقها لجهاز آيباد للمرة الأولى. حيث أعادت تصميم الواجهة بما يتناسب مع طبيعة الشاشات الكبيرة وجعلت خدمة المقاطع القصيرة المعروفة بـ “ريلز” هي الواجهة الرئيسية عند فتح التطبيق. وهذا يعكس بوضوح توجه الشركة إلى جعل محتوى الفيديو هو قلب التجربة للمستخدمين.
تطبيق إنستغرام لآيباد .. نحو تجربة بصرية مختلفة
لطالما كان مستخدمو جهاز آيباد يشتكون من غياب تطبيق مخصص لهم إذ كانوا يعتمدون إما على نسخة الهواتف أو على التصفح عبر المتصفح. وهو ما جعل التجربة غير مثالية فالصورة التي تبدو واضحة على الهاتف كانت تفقد دقتها على شاشة أكبر. واليوم قررت المنصة تلبية هذا الطلب بعد سنوات من الانتظار. حيث يأتي التطبيق الجديد بواجهة معاد تصميمها ليمنح الأولوية للمقاطع القصيرة مع الإبقاء على تبويبات تتيح الوصول إلى التغذية التقليدية للصور والفيديو وكذلك إلى القصص والرسائل المباشرة.
هذا التغيير لم يكن مجرد تحسين تقني بل يعكس تحولا استراتيجيا، فالشركة أدركت أن أنماط استخدام الناس تغيرت وأن الشاشات الأكبر لم تعد مجرد وسيلة عرض، بل صارت فضاء تفاعليايفرض إعادة صياغة طريقة تقديم المحتوى، وهذا ما دفعها إلى إعادة النظر في فلسفة التصميم لتكون التجربة أكثر ملاءمة للجيل الجديد من الأجهزة والمستخدمين.
تطبيق إنستغرام لآيباد .. خلفيات القرار وتحوّل الأولويات
في بداياتها، ركزت إنستغرام على الهواتف فقط إذ كان هدفها الرئيسي آنذاك هو النمو السريع واستقطاب أكبر عدد من المستخدمين، ولهذا فضّلت أن يكون التطبيق خفيفاً وسريع التحميل حتى مع ضعف شبكات الإنترنت لكن هذه الأولوية التقنية جعلت أي نسخة لجهاز آيباد مؤجلة بشكل دائم، فلم يكن الجهاز في ذلك الوقت محوريا بالنسبة لخطط التوسع بل كان يُنظر إليه على أنه جهاز ثانوي لا يجلب أعدادا ضخمة من المستخدمين.
لكن المشهد تبدل في السنوات الأخيرة، فقد شهدت مبيعات جهاز آيباد عودة للنمو حتى تجاوزت عائداته عشرات المليارات سنويا، وهو ما جعل الشركة المالكة لإنستجرام تدرك أن تجاهل هذه الفئة لم يعد منطقياً خصوصاً مع استعداد شركة “أبل” لإطلاق نسخ مطورة من جهازها بما في ذلك النسخة المرتقبة من “آيباد برو” الأمر الذي يجعل توفير تطبيق مخصص ضرورة لتعزيز الحضور على هذه المنصة.
إلى جانب ذلك، فإن إنستغرام التي تضم اليوم أكثر من ملياري مستخدم نشط شهرياً تسعى إلى تعزيز موقعها كمحرك رئيسي للإعلانات الرقمية، فهي تمثل حالياً نحو نصف إيرادات الشركة الأم ولذلك فإن التركيز على المقاطع القصيرة ليس خيارا تجميليا، بل هو جزء من معركة الحفاظ على وقت المستخدمين في ظل المنافسة الشرسة مع المنصات الأخرى.
صعود المقاطع القصيرة كأداة لجذب الانتباه
التصميم الجديد للتطبيق يظهر بوضوح أن المقاطع القصيرة باتت حجر الأساس في الاستراتيجية،إذ أصبحت المحرك الأهم لجذب الانتباه وإطالة مدة الاستخدام فقد كشفت الشركة في بيانات سابقة أن نصف الوقت الذي يقضيه الناس على المنصة يذهب إلى هذه المقاطع، وهو ما يجعلها أداة لا يمكن الاستغناء عنها في أي توسع قادم.
التجربة على آيباد ستمنح المقاطع القصيرة بعداً مختلفاً فالمساحة البصرية الأكبر تتيح مشاهدة أوضح وتفاعلاً أوسع، ما قد يجعل المستخدم أكثر ارتباطاً بالمحتوى وأكثر ميلاً لقضاء وقت أطول في التصفح وهذا بدوره يعني زيادة في فرص عرض الإعلانات وزيادة في عوائد الشركة.
ومع أن البعض كان يتوقع أن يكون التطبيق الجديد مجرد إضافة ثانوية، إلا أن الواقع يُظهر أنه خطوة استراتيجية مدروسة فالمنصة تراهن على أن الدمج بين الشاشات الكبيرة والمحتوى القصير سيخلق تجربة جديدة تختلف عن الهواتف وتفتح مجالات أوسع لابتكار طرق تفاعل وإعلانات أكثر تنوعا.
في المحصلة، يمكن القول إن إنستغرام لم تطرح مجرد نسخة جديدة لجهاز آيباد بل أعادت صياغة أولوياتها بما يتناسب مع تحولات السوق ومع طبيعة المنافسة المحتدمة، حيث صار الفيديو القصير هو العملة الذهبية في عالم المنصات الرقمية، وها هي اليوم تستثمر في هذا الاتجاه من خلال جهاز كان مهمشاً في استراتيجيتها لكنه قد يصبح ورقة رابحة في السنوات المقبلة.