
أصبحت هجمات اصطياد المعلومات الشخصية جزءاً لا يتجزأ من الحياة الرقمية المعاصرة، حيث تنجح الرسائل الاحتيالية بشكل متكرر في الوصول إلى أهدافها والاستيلاء على بيانات المستخدمين الثمينة، وفقاً لتقرير صادر عن الوكالة الألمانية للأنباء استناداً إلى تحذيرات المكتب الاتحادي المختص بأمن تكنولوجيا المعلومات.
علامات تحذيرية لا يمكن تجاهلها
رغم التطور المستمر في أساليب صياغة الرسائل الإلكترونية الاحتيالية، إلا أن هناك العديد من الإشارات التحذيرية التي يمكن للمستخدمين الانتباه إليها، مثل الشعور بعدم الارتياح عند قراءة محتوى الرسالة، وعدم التوافق بين هوية المرسل وموضوع الرسالة والملفات المرفقة، حيث قد تظهر فجأة فاتورة دون القيام بأي عملية شراء، أو يطلب البنك كلمة السر بشكل مفاجئ، أو ترسل عناوين إلكترونية لأطفال تحتوي على مرفقات غير معروفة المصدر.
ينصح خبراء الأمن المعلوماتي بضرورة طرح أسئلة نقدية عند استلام أي رسالة مشبوهة، مثل التأكد من معرفة المرسل، ومدى منطقية عنوان الرسالة الإلكترونية، ومدى توقع استلام مثل هذا المرفق، وإذا انتاب المستخدم أدنى شك في مصداقية الرسالة، فيجب عليه عدم فتحها وحذفها فوراً، فقد كانت رسائل الاصطياد الإلكتروني في الماضي تتميز بعلامات تحذيرية تقليدية مثل ضعف مستوى الصياغة اللغوية، وجود أخطاء إملائية ونحوية، وجود رسومات غير احترافية، ورغم اختفاء العديد من هذه العيوب حالياً، إلا أن بعض العلامات التحذيرية التقليدية لا تزال موجودة.
من بين هذه العلامات التحذيرية البارزة وجود تحية افتتاحية غير واضحة أو عامة، وصياغة الرسالة بأسلوب يوحي بالتهديد أو الاستعجال، وخلق حالة من الضغط النفسي لاتخاذ إجراءات عاجلة مثل استلام طرود أو مستندات، وطلب تأكيد بيانات الدخول أو تنزيل ملفات معينة، وعروض منتجات مبالغ في جودتها أو أسعارها.
إجراءات عملية للوقاية والحماية
أكد المكتب الاتحادي الألماني أن الشركات والمؤسسات الحكومية لا تطلب من المستخدمين أبداً كلمات مرور أو بيانات مصرفية أو أي معلومات سرية عبر البريد الإلكتروني، حيث يتعرض جميع مستخدمي الإنترنت بشكل شبه يومي لمحاولات الاصطياد الإلكتروني، لكن الخبراء يوصون بتنفيذ خمس إجراءات وقائية أساسية.
يأتي في مقدمة هذه الإجراءات استخدام كلمات مرور قوية ومعقدة، حيث يجب أن تتكون من ثمانية إلى اثني عشر حرفاً على الأقل، وتشمل حروفاً كبيرة وصغيرة وأرقاماً ورموزاً خاصة، مع ضرورة استخدام كلمة مرور فريدة لكل حساب على حدة، ويمكن الاعتماد على برامج متخصصة لإدارة كلمات المرور لإنشاء كلمات آمنة وتخزينها بشكل مشفر.
توفر مفاتيح المرور الإلكترونية طبقة إضافية من الحماية على الإنترنت، حيث تمثل بيانات دخول مشفرة لا تفتح الحساب إلا بعد التحقق من هوية المستخدم، يتم تخزين هذه المفاتيح على أجهزة الحاسوب أو الهواتف الذكية، ولا يتم تسجيل الدخول إلى الحساب الإلكتروني إلا بعد التأكيد عبر الهاتف المحمول، ورغم ذلك لا تقدم بعض الخدمات الإلكترونية هذه الوظيفة حالياً.
تمثل المصادقة الثنائية خط دفاع إضافي، حيث تضيف طبقة حماية ثانية بجانب كلمة المرور الأساسية، يتم من خلالها إرسال رمز تحقق إلى المستخدم عبر رسائل نصية أو تطبيقات الهاتف الذكي، حتى في حال تم اختراق كلمة المرور الأساسية، يبقى الحساب محمياً بطبقة المصادقة الإضافية.
نصائح تقنية متقدمة للحد من المخاطر
يمكن تعطيل خاصية عرض المحتوى التفاعلي في برامج البريد الإلكتروني الشهيرة، حيث يمكن للمستخدمين في قائمة الإعدادات التحويل إلى وضعية عرض النص العادي للرسائل، يمنع هذا الإجراء تحميل المكونات البرمجية الضارة المحتملة، ورغم أن الرسائل قد تفقد بعض عناصرها الجمالية، إلا أن المستخدم يتجنب بذلك شفرات التتبع والروابط المخفية والأكواد الخبيثة.
ينصح الخبراء الألمان أيضاً بالاعتدال في استخدام البريد الإلكتروني، والاعتماد على عناوين بريدية بديلة عند التسجيل في النشرات الإخبارية والمنتديات الإلكترونية، مما يحد من كمية الرسائل غير المرغوب فيها ويقلل من فرص التعرض للهجمات الإلكترونية.
تظهر أهمية هذه الإجراءات في ظل التطور المستمر لأساليب الاحتيال الإلكتروني، حيث أصبحت هجمات الاصطياد أكثر تعقيداً واحترافية، مما يتطلب وعياً أكبر من قبل المستخدمين واتباع أفضل الممارسات الأمنية.
يمكن القول إن الحماية الفعالة من هجمات الاصطياد الإلكتروني تتطلب مزيجاً من الوعي الشخصي والأدوات التقنية المساندة، حيث لا يمكن الاعتماد على حل واحد لمجموعة التهديدات المتطورة، بل يجب تبني استراتيجية شاملة تجمع بين الحلول التقنية والسلوكيات الصحيحة في استخدام الإنترنت.
تشكل هذه الإجراءات مجتمعة درعاً واقياً ضد معظم محاولات الاختراق الإلكتروني، ورغم أنها لا توفر حماية مطلقة، إلا أنها ترفع بشكل كبير من مستوى الأمان وتقلل من فرص نجاح الهجمات الإلكترونية بشكل ملحوظ.
ياقوت زهرة القدس بن عبد الله