تكنولوجيا

تأثير أجهزة التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام في نشر وتنامي الكراهية

كتاب "مواطنة التعايش ومجابهة خطاب الكراهية" لِـ"بوزيد بومدين"

تناول الكاتب “بومدين بوزيد” في مسعاه التحليلي ومساره البحثي المبسط والعميق في نفس الوقت، إبراز العلاقة مع “الإعلام الجديد” كأداة من شأنها الإسهام في تصعيد الكراهية وتناميها، والإنفجار الإلكتروني في أجهزة التواصل الإجتماعي، وتأثير ذلك من خلال المنصات الرقمية واستخدامها كوسيلة من شأنها أن تزيد الطين بلة، وتفرط في ملامح الكراهية ونشر بذورها.

وأشار الكاتب أمس، خلال جلسة قراءة في كتابه الجديد، المعنون بـ”مواطنة التعايش ومجابهة خطاب الكراهية”، في طبعته الدولية الصادر عن دار “ابن النديم” بالجزائر، بالإشتراك مع الروافد الثقافية، ناشرون بلبنان والمنظمة بوحدة البحث لعلوم الإنسان للدراسات الفلسفية الإجتماعية والإنسانية بجامعة وهران “أحمد بن احمد” وهران2. حيث  شرح الأستاذ الدكتور “بوزيد بومدين” في كتابه الجديد، بالتفصل الدقيق الآثار السلبية لتنامي خطاب الكراهية، من خلال تفاقم منصات التواصل الاجتماعي، كملاذ للتعبير عن خطاب الكراهية، وكذا بعض وسائل الإعلام التي تحول لمنابر كفيلة بتدمير العلاقة، من خلال خطاب الكراهية، حيث تتبع بالتحليل والتفكيك لخطاب الكراهية، مع تقديم نقيضه الجوهري الطبيعي “العيش معا”، حيث تساءل الكاتب منهجيا ورؤية، عن أصول خطاب الكراهية كعاطفة فردية، وكيف يتشكل في الحضارات، وما هي أعراضه، وكيف يتصاعد إلى أن يصير مدمرا للسلم  والأمن العالميين. وعرض الدكتور “بوزيد بومدين”، خلال جلسة حضرها دكاترة وباحثين من الوحدة وطلبة ومثقفين، حول قراءة سردية للكتاب بتمعن، تناول الطبعة للإعلام والتواصل الحضاري ومناقشة المضامين الحضارية،  لوسائل الإعلام والخطاب الديني الإسلامي وزواج بين دراسة المفالهيم، وتتبع سياقاتها التاريخية وتطورها مع إبراز القرآن الكريم كتبليغ ودعوة إعلامية شاملة، لما يتميز به من قوة العبارة وهداية في مجال  التعايش والأخوة، وذم البغضاء والكراهية. كما تم عرض مداري فلسفية وإجتماعية لما لتأثيرهما اليوم في مثل هذه القضايا، مثل المدرسة التأويلية و”الهيرمينو طبقا” والمدرسة التواصلية. كما حاول المؤلف تشخيص أمراض الكراهية من خلال المخيال اللغوي والديني والثقافي، وانتقل في بابه الأخير إلى البحث عن آليات الحد من الكراهية وتحقيق العيش معا، من خلال القوانين وبرامج التربية والإعلام المخطط والبرامج التي تقوم  بها الحكومات أو الهيئات المدنية. حيث  يحاوِل هذا الكتاب تتبعاً بالتّحليل والتّفكيك قراءة خِطاب الكراهيّة، مقدماً نقيضه الجوهري الطبيعي “العيْش معاً”، متسائلاً منهجيّاً ورؤيةً عن أصُول “خِطاب الكراهيّة”، كعاطفة فرديّة وجماعيّة؟ كيف يتشكّل في الثقافات والحضارات وما هي أعراضه؟ وكيف يتصاعد إلى أن يصير مُدمّرا للسّلم والأمن العالميين؟ مبرزاً العلاقة مع الإعلام الجديد والانفجار التكنولوجي في أجهزة التّواصل الاجتماعي، ويرتبط بهذه الإشكالية: “كيف تكون المواجهة تأصيلاً بخطاب ديني سِلمي- تعايشي، يضمن حقوق الشعوب وحرياتهم، وإعلام قيْمي وبقوانين وإجراءات رسميّة من الحكومات؟”. ومن أهم الأفكار الوادرة في، هناك خطاب الكراهيّة يحضر في الخطاب لغة أو إشارة أو حركة، ولكن اللّغة هي التّعبير الأكثر فضاء له وينتشر عبر “الإعلام”، وبالخصوص يتزايد مع الصّراعات الدّوليّة وغياب الحريات في بعض البلدان فيكون الاحتقان، أو يحتمي بعضهم بالتّاريخ والعِرق والدّين كأسلوب معارضة أو محاولة للانتصار على الخصم، أو الوصول إلى الحكم (مثال الحرب الأوكرانية-الرّوسيّة التي حضرت فيها الذّاكرة والقِيم، والكيان الصهيوني الذي يوظف التّاريخ الأسطوري لليهودية). انتشار الإعلام الاجتماعي دون سُلطة ضَبط والتزام أخلاقي وقوانين تنظِّم ذلك، وقد كان فضاءً لانتشار الكراهيّة، وتلازم ذلك مع صِراع قوى من أجل تنويع جديد في أشكال الهيمنة والسيادة، ومع متحوّرات فكرة “صِدام الحضارة”، الذي ألمح إليها “برنارد لويس” وتخطّفها “صموئيل هانتينغتون”، خصوصاً بعد تفجير البرجين بما نهاتن 11 سبتمبر. وذلك من أجل الوصول إلى منهجية مقارنة أيضاً إلى تفضيل المقاربة الوقائيّة للكراهيّة بدل المقاربة الرّدعية العِقابيّة، وهو ما وضعته هدفاً بعض القوانين والخطط. حيث أن الكتاب مقسّم إلى ثلاثة أبواب، لكلّ باب ثلاثة فصُول، الباب الأول: الإعلام والتّواصُل الحضاري، وناقش فيه المضامين الحضارية لوسائل الإعلام والخطاب الدّيني الإسلامي، وزواج بين دراسة المفاهيم وتتبع سياقاتها التّاريخية وتطورها، مبرزاً القرآن الكريم كتبليغ، ودعوة إعلامية شاملة لما يتميّز به من قوّة العبارة وهداية في مجال. في الباب الثاني تناول خِطاب الكراهيّة وصورها المريضة في اللغة والثقافات، فكان الاستقصاء في المخيال اللغوي والدّيني والثّقافي، ثم تابع ذلك في الثقافة الإسلامية من خلال “النّص الفقهي الأخلاقي” بالخصوص، كما تناول المفهوم وآليات تفكيك “خطاب الكَراهيّة” في الفكر الغربي والمواثيق الدّوليّة، وكيف نستثمر الثّقافة والدّين في مواجَهته؟. في الباب الثالث والأخير، انتقل من تحليل الخطاب وتفكيكه إلى البحث عن آليّات الحدّ من الكراهيّة وتحقيق العيش معاً، فكان الوقاية منه بداية في مجالي التّربية والتّعليم ثم الإعلام، بالموازاة مع ذلك ضروري وضع آليّات الوِقايَة والقوانين من الانتصار على الكراهية وتحيقي “العَيش معاً”، وتوقف بومدين بوزيد عند نماذج من الخطط والبرامج التي تقوم بها الحكومات أو الهيئات المدنية كورشات تدريب وتعليم مهارات ولقاءات بين الذين يختلفون دينياً ولغة وعِرقاً. وفي الباب الأخير، حاول أن يُؤصّل الوقاية من “الكراهيّة” والبحث عن “المواطنة التّعايشية”، من خلال “القِيم الأخلاقيّة الإسلاميّة”، التي هي أيضاً كونيّة واختار قيمتين نموذجيين (الكرامَة والمجاورة)، وختم كل ذلك برؤية استشرافية لتعميق الآليات التي تحدث عنها في الفصول السابقة، وفكرة التّأصيل التي تعتمد ثقافتنا العربية- الإسلامية. حيث كانت جلسة أمس  فرصة لمشاركة الآراء والإرتقاء  لمستوى التفكير الاكاديمي، لاسيما للطلبة بكلية العلوم الإجتماعية ومع بيع بالتوقيع  للكتاب الجديد الذي لقي إستحسانا من النخبة، كما سيكون كتاب الدكتور “بومدين بوزيد” متوفراً في الصالون الدولي للكتاب، عنوانه: “مواطنة التعايش ومجابهة خطاب الكراهية”.

للإشارة، يعد  الدكتور “بوزيد بومدين”، من أبرز الكتاب في علم الإجتماع، فهو أستاذ التعليم العالي بجامعة وهران، شغل منصب مدير الثقافة الإسلامية بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وأمين عام للمجلس الإسلامي الأعلى، حيث نشر العديد من الدراسات والبحوث  في مجلات وطنية ودولية، وساهم في تحرير موسوعات علمية، وشارك في كتب جماعية من مؤلفاته، “الفهم والنص” قراءة في المنهج التأويلي عند “شلير ماخر ودلتاي” بيروت 2008، وكتاب “التصوف ومجتمعاته” تحقيق ودراسة عنوانها “دساتير إلهية” ببيروت 2007، و كذلك “التصوف والسلطة” الجزائر2012، فضلا عن كتاب “الهوية والتحرير الجديد” 2019، و”الحركات الدينية المعاصرة بين الواقع والتأويل”  الجزائر 2019.

منصور.ج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى