جرفاوي.ع
ظبطت السلطات المحلية بالتنسيق مع مختلف الجمعيات والمهتمين بتراث منطقة بني سنوس بولاية تلمسان كافة الترتيبات تحسبا لاحياء ذكرى الناير وهو الموسم الذي يشد إليه عشرات الباحثين والسكان من مختلف مناطق الوطن، باعتباره إرثا ثقافيا حضاريا لا تزال منطقة بني سنوس او ما يسمى محليا بالقبايل تحافظ عليه منذ عشرات السنيين.
ويعرف الناير بمنطقة بني سنوس هذه السنة مشاركة رسمية للسلطات الولائية فضلا عن مختصين وباحثين من مختلف الدول الاوربية الذي سيكتشفون ثقافة بعيدة ترمز الى سكان هذه المنطقة المحافظة على تراثها العريق الذي يرمز الى بداية السنة الجديدة وهم يتمنون الخير للبلاد.
ويصر سكان منطقة القبائل على الاحتفال بهذا اليوم الذي يعد بمثابة ميلاد جديد لهم واكد الباحث والمختص في تراث منطقة بني سنوس بولاية تلمسان الاستاذ محمد سريج ان موسم الناير او كرنفال ايراد بهذه المنطقة يعتبر واحد من المواسم التي تشد اليها الرحال ففي هذه الفرصة يتم الصلح بين المتخاصمين ويتم اكرام الضيوف بموائد مختلفة تضم في غالبيتها ابرز الاطباق التقليدية التي تشتهر بها المنطقة كما يحمل الناير، حسب ذات المتحدث العديد من الدلالات والابعاد الاخرى ففي الميدان الفلاحي ينبا ببداية الحرث والبذر وغرس الأشجار المختلفة.
أما في الميدان الثقافي فتعطى احتفالات الناير بمسرحيات مختلفة ابطالها اطفال صغار يلبسون مختلف الاقنعة ويجوبون المنطقة ليلا في جو احتفالي كبير يرمز الى التاريخ الأمازيغي الذي يعود إلى 950 قبل الميلاد، أين قاد الملك الأمازيغي شاشناق معركة ضد الفراعنة وانتصر فيها ليكون أول ملك في عصره يقهر الفراعنة ويترأس مملكة الأمازيغ في مصر ومنذ ذلك الحين بدأت الرزنامة الخاصة بالأمازيغ في عد أيامهاونظرا للقيمة العظيمة التي يوليها سكان منطقة القبائل لهذا اليوم تستعد النساء والرجال معا للمناسبة أياما قبل حلولها من خلال اقتناء وتوفير كل متطلبات إحياء العادات والطقوس والتي تطبعها الولائم والأطباق التقليدية الخاصة بالمنطقة.
وفي الجانب التجاري فقد عرفت مختلف المحلات والاسواق الشعبية بولاية تلمسان اياما قبيل التظاهرة الثقافية الفنية حركية كبيرة للمواطننين الذين سارعوا الى اقتناء مختلف مستلزمات الناير من المكسرات مثل اللوز والجوز والبندق والفستق والفول السوداني فضلا عن الحلويات والفاكهة، خصوصا منها الرمان والتين المجفف والتمر اليابس وتصبح هذه المواد التي كانت في باقي الأيام كمالية ضرورية بهذه المناسبة لا يمكن الاستغناء عنها و”طبيقة” أو “طبق القرقشة” يتطلب وجوبا حضور هذه الحلويات والفواكه بكميات كافية لتزيين مائدة “الناير وإضافة إلى ذلك تتفنـن الأمهات بالمناسبة في إعداد وجبات تقليدية خاصة “البركوكس” و”السفنج” بالإضافة إلى تحضير خبيزات صغيرة حسب عدد الأطفال وتوضع وسط كل واحدة حبة بيض وبعد العشاء يلتف أفراد العائلة حول الطبيقة الكبرى التي زينت بمختلف المواد لتبدأ السهرة ويحفظ نصيب كل الأطفال في سلة صغيرة فردية ومهيأة بها كل مكونات طبق “القرقشة”، بالإضافة إلى الخبيزة الصغيرة.
وقد ارتبطت عدة تقاليد وطقوس بطريقة إحياء هذه الذكرى بمنطقة بني سنوس، حيث يقوم الشبان بارتداء أزياء وأقنعة على شكل “كارنفال” ويخرجون حول الشخص المحوري الذي يرتدي زي أسد، يدعى “أرياد” إلى الشوارع على وقع الأهازيج والصرخات، ليعبروا عن فرحتهم بقدوم سنة جديدة وموسم فلاحي خصب ويشير المختص في الفن المسرحي واحد ابناء منطقة بني سنوس الباحث علي عبدون الى المناسبة بالقول ان غالبية الجزائريين بالغرب يتوجهون الى بني سنوس بتلمسان لحضور هذه الرمزية التاريخية التي تعبر عن تاريخ واصالة وثقافة بني سنوس مطالبا من السلطات الوصية وعلى راسها وزارة الثقافة بضرورة تثمين هذا الموروث الثقافي الذي يضرب في عمق التاريخ وتحويله الى قطب سياحي يزيد مداخيل البلاد من العملة الصعبة في ضل التقشف الذي تعرفه البلاد.