
خلال هذه المظاهرات، أعلن الجزائريون عن رفضهم لسياسة “ديغول” الجديدة التي كانت تهدف إلى الإبقاء على الجزائر كجزء من فرنسا، لكن الشعب الجزائري أفشل مناورة القادة الفرنسيين آنذاك، وبرفعهم لشعارات تعكس تطلع الشعب إلى قيام جزائر مسلمة ومستقلة وتعبيرهم عن دعمهم لجبهة التحرير الوطني ولجيش التحرير الوطني وللحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وخلفت هذه المظاهرات التي واجهتها قوات الاحتلال الفرنسي بالعنف مئات الضحايا. وعلى الصعيد الدولي، كان لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 الفضل أيضا في إسماع صوت الجزائر للمنظمات الدولية حيث تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة لائحة تعترف بحق الشعب الجزائري في تقرير المصير وتوسيع دائرة دعم القضية الجزائرية وكفاح الشعب الجزائري من أجل حريته واستقلاله.
من جهته، كشف من ولاية تلمسان الباحث والأستاذ والمراسل الصحفي “علال بكاي” في تصريح خص به “البديل”، أن “شارل ديغول” حط الرحال يوم 10ديسمبر 1960 بتلمسان، بعدما قدم من فرنسا ونزل بطائرة بمطار طافراوي بوهران وبعدها بزناتة بتلمسان، ثم ذهب بطائرة مروحية نحو عين تموشنت ثم بعدها عاد إلى تلمسان وكان ذلك اليوم شديد البرودة عقب هطول الثلوج، إلا أن ذلك لم يمنع “ديغول” من الولوج إلى مقر قاعة الحفلات بمقر بلدية تلمسان قديما، الواقعة بساحة الأمير عبد القادر “البلاص”، أين ألقى داخل قاعة الحفلات بمقر البلدية التي هي حاليا مقر “للمتحف الوطني العمومي للفن والتاريخ” خطابا جماهيريا كبيرا وتم استعمال مكبرات الصوت.
وأكد للحاضرين أن مستقبلهم ومستقبل الجزائريين بين أيديهم، من أجل بعث جزائر جديدة وللجالية المسلمة، وذكر “ديغول” في معرض حديثه آنذاك أن فرنسا سترافق الجزائريين في كل المشاريع، واختتم حديثه بتحيا تلمسان تحيا الجزائر وتحيا فرنسا”، وهذا وسط الحضور الكثيف للمواطنين الذين كانوا وسط ساحة البلاص وعبر أرجاء شوارع مدينة تلمسان.
“عبد السلام ثابت”، أول مناضل ومعتقل سابق في مركز التعذيب المسمى “باستيون 18 بتلمسان”، وشقيق الشهيد “توهامي ثابت”، أول كشف من خلال ما سرده في كتابه الذي ألفه وقامت جريدتنا بتفريغ أهم المحاور، وخلال إلقاء “ديغول” لخطابه بمقر البلدية، حيث تم تداول الخبر ليصل إلى داخل أسوار ثانوية الدكتور “بن زرجب” التي كانت مسرحا لانطلاق مظاهرات التلاميذ الجزائريين ضد خطاب وحضور “ديغول” إلى ولاية تلمسان، رافضين جملة وتفصيلا سياسته التعسفية وبعدها اندلعت أعمال شغب، وتم تحطيم معظم أثاث الثانوية بهدف خروج التلاميذ إلى الشارع للتظاهر بسبب منعهم من الخروج من المؤسسة التربوية، وبعدها تنقلت قوات مكافحة القمع والشغب من الشرطة والمظلين الفرنسيين نحو ثانوية “بن زرجب”، حيث اعترض لهم مدير المؤسسة التربوية وهو الفرنسي المدعو “سوليتولي” ومنع الشرطة من ولوج المؤسسة وهذا حسب قانون وحرمة المؤسسة التربوية.
وبعدها أقدمت الشرطة الفرنسية على جملة من التوقيفات التي طالت التلاميذ الذين قاموا بالتحريض على المظاهرات، هذا وأشار “ثابت أول عبد السلام” أنه في اليوم الموالي اندلعت موجة غضب داخل مقبرة سيدي السنوسي بوسط مدينة تلمسان بعدما تم إلقاء خطاب سياسي من طرف أحد المناضلين الجزائريين من المنضوي تحت لواء حزب “مصالي الحاج”، أين تم توقيفه برفقة جماعته.
عمر بكاي