
في إطار التظاهرة الفكرية والأدبية “منتدى الكتاب” في عددها الأربعين، نظمت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية يحي بوعزيز بمعسكر، ندوة تاريخية بعنوان الأمير “عبد القادر سيرة ومسيرة”، نشطها أساتذة ودكاترة جامعيين بحضور طلبة الجامعة ومفكرين وشعراء وأدباء من عاصمة الأمير معسكر.
الندوة كانت من تنشيط الأستاذ الدكتور “بونقاب مختار” جامعة معسكر، تخللتها مداخلات من الدكاترة والأساتذة الجامعيين تطرقوا فيها إلى خصائص مقاومة الأمير عبد القادر الأمير والطريقة القادرية.
المداخلة الأولى كانت حول (خصائص مقاومة الأمير عبد القادر) من تقديم الدكتور “رقيق قادة” من جامعة تلمسان
تميزت مقاومة “الأمير عبد القادر” بكونها مقاومة شاملة، حيث اشتملت على عدة جوانب، ولقد كان “الأمير عبد القادر” قادرا على توحيد القبائل تحت قيادته، مما مكنه من مواجهة الاحتلال الفرنسي بكفاءة عالية.
كما استطاع أن يجمع بين المقاومة العسكرية والمقاومة الثقافية، مما أثر بشكل كبير على الرأي العام في الجزائر والعديد من البلدان الأخرى، فمن خصائص مقاومة “الأمير عبد القادر”، المقاومة العسكرية، حيث أدرك “الأمير عبد القادر” أهمية تنظيم جيش نظامي، وساهم في إنشاء معسكرات ودور تدريبية للجنود، مما مكنه من مواجهة الجيش الفرنسي بفعالية وإدارة المعارك بذكاء، إذ استخدم “الأمير عبد القادر” استراتيجيات حربية ذكية، مثل استخدام حرب العصابات، مما أربك القوات الفرنسية وأبطأ من تقدمها وتوفير العدة والعتاد، حيث بذل الأمير عبد القادر جهوداً كبيرة في توفير الأسلحة والعتاد للجنود، مما ساعد في تقوية المقاومة.
المداخلة الثانية (الأمير والطريقة القادرية تأسيس الدولة الحديثة) من تقديم الدكتور “عبو إبراهيم” جامعة معسكر
“الأمير عبد القادر” الذي ولد في أسرة تصوفية من الطريقة القادرية، كان له دورا بارزا في تأسيس الدولة الجزائرية الحديثة، لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان أيضا رجل دولة ورجل دين، استخدم الطريقة القادرية كأداة للتوحيد الوطني وجمع القوى في مواجهة الاحتلال الفرنسي، الطريقة القادرية هي إحدى الطرائق الصوفية الإسلامية، ويعرفها العامة بأسماء أخرى مثل الطريقة الزيدية أو الطريقة الشاذلية في الفترة بين 1832 و 1847، تحالف الأمير عبد القادر مع الطريقة الرحمانية، وهي طريقة صوفية أخرى، لتعزيز دعوته للوحدة الوطنية وجمع القوى لمقاومة الاحتلال الفرنسي بعد مبايعة القبائل له، أسس “الأمير عبد القادر” إمارة مستقلة، كان لها جيش نظامي وحكومة ومجلس شورى، وهي تعتبر أولى خطوات بناء الدولة الجزائرية الحديثة، استخدم “الأمير عبد القادر” الطريقة القادرية كأداة لجمع القوى وتهيئة الأجواء للوحدة الوطنية بين مختلف القبائل والعشائر الجزائرية، التي كانت متفرقة في ذلك الوقت.
كان “الأمير عبد القادر” يهتم بالجهاد العلمي والدعوي، أي الجهاد في مجال العلم والدعوة إلى الإسلام، مما ساهم في تعزيز الروح الوطنية لدى الشعب الجزائري وقاد مقاومة عنيفة ضد الاحتلال الفرنسي، وكان يمتلك جيشاً منظماً وقوة عسكرية كبيرة، مما جعل الاستعمار يتأخر في تحقيق أهدافه، أسس “الأمير عبد القادر” نظاماً سياسياً ودستورياً، كما بنى مؤسسات الدولة المختلفة، مثل الجيش والمدارس والمستشفيات، مما يدل على أن إمارته كانت دولة حديثة وليست مجرد مقاومة عسكرية، فيعتبر رمزاً للمقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، وتُذكر به كرمز للوحدة الوطنية ورمز لمقاومة الاستعمار.
المداخلة الثالثة (الأمير عبد القادر رجل القرن الـ 19م) من تقديم الدكتور “بخدة طاهر” من جامعة معسكر
” الأمير عبد القادر” الجزائري هو رمز المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي في القرن التاسع عشر، قاد مقاومة شعبية لمدة 15 عامًا، وأسس دولة جزائرية حديثة يعتبر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة ورمز المقاومة الجزائرية نُفي إلى دمشق، ثم فرّغ للعلم والتصوف والفلسفة والكتابة والشعر، كان له تأثير عميق في تكوين شخصيته، وساهم في تحديد ملامحه قائدا روحيا وعسكريا.
المداخلة الرابعة (الوجه الآخر لمقاومة الأمير عبد القادر) من تقديم البروفيسور “بونقاب مختار” من جامعة معسكر
” الأمير عبد القادر” لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان أيضا باني دولة، ورمزا للثقافة والروحانية في مقاومته للاستعمار الفرنسي. بالإضافة إلى ذلك، كان له دور بارز في توحيد القبائل الجزائرية تحت راية واحدة، وهو ما ساهم في تعزيز المقاومة الوطنية أظهر الأمير عبد القادر مهارات قيادية في تنظيم جيش وطني، وإدارة شؤون الدولة، وتوفير الاحتياجات الأساسية للشعب، مما يدل على أنه كان أكثر من مجرد قائد عسكري تميز الأمير عبد القادر بذكائه الفكري، وتقديره للتعليم.
وبناء على ذلك، سعى إلى تعزيز الوعي الثقافي، الديني والوطني لدى الشعب الجزائري أدرك “الأمير عبد القادر” أهمية توحيد القبائل الجزائرية لمحاربة الاستعمار الفرنسي، لذلك، سعى إلى بناء فكرة الأمة، وتجاوز الانتماءات القبلية، وهو ما عزز من قوة المقاومة الوطنية إضافة إلى مقاومته للاستعمار، كان الأمير عبد القادر حريصاً على الدفاع عن الدين الإسلامي، والتعبير عن ذلك في تصرفاته ومواقفه، مما يعكس طبيعته كرمز ديني أيضاً ظهرت النزعة الإنسانية لدى “الأمير عبد القادر” في جهوده لإنقاذ الأسرى، وتوفير الغذاء والملجأ للمحتاجين، وهو ما يعكس نظرة إنسانية شاملة تجاه المجتمع على الرغم من جهوده في مقاومة الاستعمار، وتشكيل الدولة، إلا أن بعض المؤرخين يرون في الأمير عبد القادر “خائناً” أو “مستسلماً” بسبب بعض القرارات التي اتخذها في فترة ما يظل الأمير عبد القادر شخصية تاريخية بارزة، ورمزاً للمقاومة الوطنية في الجزائر، ويعتبر إرثه الحضاري، والقانوني، والعسكري، والإنساني جزء أساسيا من تاريخ الجزائر الحديث.
المداخلة الخامسة (جوانب من مقاومة وجهاد الأمير عبد القادر) من تقديم الدكتور “عمار قفاز” جامعة معسكر
الأمير “عبد القادر الجزائري”، قاد مقاومة طويلة وصعبة ضد الاحتلال الفرنسي في الجزائر، حيث نجح في بناء دولة مستقلة وقيادة مقاومة عسكرية وسياسية وثقافية تمكن “الأمير عبد القادر” من تأسيس جيش نظامي، وارتدى جنوده الزي الرسمي، مما أثبت قدرته على إدارة شؤون الدولة وحقق عدة انتصارات عسكرية، مثل معركة المقطع ومعركة مستغانم، مما أظهر قدرته على مواجهة القوات الفرنسية، وعقد معاهدات سلام مع الفرنسيين، ولكنها كانت مؤقتة وغالبًا ما تم نقضها، أسس “الأمير عبد القادر” دولة جزائرية مستقلة، وكان لها حدودها وعاصمتها ومؤسساتها.
مارس “الأمير عبد القادر: الدبلوماسية مع القوى الأوروبية، وحاول الحصول على دعم دولي لمقاومته، كما اهتم بالتعليم وأنشأ مدارس وقدم التسهيلات، وألف العديد من الكتب في الدين والتصوف والفلسفة، مما يدل على ثقافته الواسعة، كما اهتم “الأمير عبد القادر” بالمخطوطات، وأصدر أوامر بحفظها كان “الأمير عبد القادر” من أتباع التصوف، وكان له أفكار عميقة في هذا المجال، وفي الأخير تم تكريم المشاركين في الندوة من طرف المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية.
مختار سلطاني