تكنولوجيا

برشلونة عاصمة الفن الرقمي

ثورة فنية على الشاشة الكبيرة

لمن يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي يشير إلى نهاية الفن التقليدي، تقدم لهم برشلونة ردا حيويا وجريئا، الفن الرقمي مزدهر هنا وهو يغزو المدينة بشكل لافت. على مدى السنوات الماضية، أصبحت العاصمة الكاتالونية مختبرا حقيقيا للرقمنة الفنية، حيث تستضيف معارض غامرة مهرجانات مبتكرة ومراكز إبداعية تدمج الفن بالتكنولوجيا.

في عام 2023، استقطبت هذه العروض نحو 4 ملايين زائر بين من يرتدي خوذات الواقع الافتراضي أو من يشاهد تركيبات متعددة الوسائط، سواء عبر تحدي دالي في ريال سيركل ارتيستيك أو المعرض الرائع جول فيرن 200 في مركز إدي أصبح الفن الرقمي يستحوذ على اهتمام جماهيري متزايد، ولا تظهر هذه الظاهرة أي بوادر للتباطؤ.

من المعارض إلى المهرجانات، تتصدر برشلونة مشهد الفن الرقمي مهرجان ميرا  الذي أصبح وجهة محورية لعشاق الفيديو مابينغ يجذب آلاف الزوار كل عام، أما مهرجان صونار الذي يمزج بين الموسيقى والإبداعات الرقمية فقد جمع في عام 2023 أكثر من 120,000 شخص، ولا يجذب هذا النشاط الفريد السكان المحليين فقط بل يساهم أيضا في تعزيز السياحة بالمدينة.

هذا الإقبال على الفن الرقمي، تحقق بفضل البيئة الإبداعية الفريدة في برشلونة تعتبر المدينة مركزا تكنولوجيا مهما وتحتضن العديد من المختبرات والمساحات البحثية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك أصلا بمركز فني ورقمي تم إنشاؤه داخل حرم جامعة لاصال في برشلونة، مع 6 طوابق وميزانية قدرها 6 ملايين يورو ومساحة تبلغ 3000 متر مربع مخصصة للإبداع. يوفر هذا المختبر أحدث الأدوات للفنانين: استوديو تسجيل بصوت غامر مساحات للواقع المعزز والافتراضي ومناطق لتجريب الروبوتات حاليا يعمل 3 فنانين مشاركين في مهرجان ميرا على تجهيز عروضهم باستخدام هذه المرافق المتطورة.

في ظل هذا الانتشار المتزايد للفن الرقمي، يطرح السؤال هل تهدد هذه الموجة الجديدة وجود المتاحف التقليدية؟ في الوقت الحالي الجواب هو لا إذ ما زالت المتاحف الكلاسيكية مثل متحف بيكاسو في برشلونة تحتفظ بشعبيتها الكبيرة، حيث جذب المتحف مليون زائر العام الماضي.

لكن العالمين بدأ في التقارب بشكل ملحوظ دليل على ذلك هو استقبال كازا باتيوا المعلم الشهير للمعماري غاودي لتجربة فنية رقمية هذا الصيف بعنوان جواب الموسيقى وهي تجربة سمعية بصرية غامرة تحت المبنى.

إذن لا يمثل صعود الفن الرقمي نهاية المتاحف التقليدية، بل هو تطور طبيعي وتثبت برشلونة أنها مدينة يتعايش فيها الماضي والمستقبل، حيث يتواصل غاودي مع الذكاء الاصطناعي الفن الرقمي لا يلغي التراث التاريخي، بل يعززه ويثريه ويفتح آفاقا جديدة.

هذه المعارض الغامرة تقدم للزوار تجربة حسية وعاطفية فريدة مما يعيد تعريف مفهوم الفن برشلونة، بتأكيدها على ريادتها في هذا العصر الفني الجديد، تثبت أن الفن والتكنولوجيا ليسا متنافسين، بل يغذي كل منهما الآخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى