الثـقــافــة

بداية الطريق إلى النصر

المنظمة الوطنية الشهيد لم يمت

هذا الطريق الذي لم يتحقق عن طريق الصدفة أو الخيال، بل بمسيرة طويلة من الجهاد في سبيل الله وفي سبيل الوطن ورحلة محفوفة بالمخاطر والأهوال الناجمة عن الأحقاد الدفينة والتي تسببت في عملية الهجمة على أرض الجزائر بجيوش جرارة، وهذا بداعي إنقاذ الطائفة اليهودية من الهيمنة العثمانية على حساب الشعب الجزائري بناء على وصية تركها الحاخام ريباشمنذ القرن الرابع عشر ومفادها أن كلمة الرب ستحل عليهم من فرنسا وهذا ما حدث بالفعل فقد سارعوا لمد يد العون لهم كرواد لحملتها هذه وصهينتها بامتياز مما دفع بالشعب الجزائري للدفاع عن ارضه وعرضه ولمدة أطول كانت بمثابة عميلة رسم لمعالم الحدود الجزائرية بدماء ابناءها البررة رغم الغرور الذي أصاب المحتل وتمادى باستفزازه للجزائريين من خلال احياء الذكرى المئوية لعمله المقيت هذا واعلانه عن بسط نفوذه، وأضحت الجزائر فرنسية واعتنق شعبها الديانة المسيحية مما جعله يصطدم بتيارات اصلاحية وتحررية تخطط للمقاومة بنفس جديد مما أرغم الكاردينال لافيجريعلى الاعتراف بخسارته بالجزائر بالمقارنة بما كسبه في الشرق الأوسط.

هذه التيارات الموجعة بزعامة العالم الجليل، سي بوعزة ميمون هذا الاخير الذي مثل تلك الشمعة التي أنارت درب الامير خالد كشخصية سياسية وطنية شابة إصلاحية فاعلة حملت على عاتقها أمانة تربية النشء الثائر على القيم الوطنية بعد المعارضة التي تلقاها من الماريشال ليوتي بالمغرب و التي كانت سبب في نفيه الى مصر .

وبإرادة من الله كانت مجازر 08 ماي 1945 وشرارتها بتاريخ 2 ماي بمدينة سعيدة غربا عدا تنازليا بين فرنسا والجزائر، رغم إستراتيجية التضييق الاستعماري الذي أرغم الكثير من شباب الثورة الثائر في الشرق باتخاذ مدينة مغنية في الغرب الجزائري كنقطة انطلاق وتكوين، شباب وطني مؤمن بقيم الانعتاق من أغلال الاستعمار الفرنسي وفي غضون سنتين فقط توصلوا إلى تكوين أكثر من 1500 شاب مجاهد تحت إشراف منظر لثورة الواعدة ( سي بوعزة ميمون)….. وفي صيف 1947 كان تاريخ اداء يمين الولاء لتورثهم هذه وإعداد لها العدة، وفي بداية شهر أفريل 1949 تبنى جناحهم المسلح عملية بريد وهران حيث كان من بين منفذي العملية صهره أحمد بن بلة وبعدما تفطن العدو لهم قام بإنزال عسكري بالمنطقة لملاحقة هؤلاء الطلبة بمذكرات بحث ومن بينهم العربي بن مهيدي الذي التحق بالركب كمغامر لما سمعه من كرم وحسن الضيافة ودرجة التنظير لهذا العالم الذي كان يفضل الاستراحة على ركبتيه ويتنقل معه أينما حل وارتحل منبهرا بإنجازاته الروحية وحسن تدبيره للإفلات من قبضة العدو. نشاط أرعب فرنسا مما جعلها تعجل من تنصيب سفاح مجازر 08 ماي المدعو فيلفالكس حاكما على مغنية لتضييق الخناق على كل من يأوي هؤلاء الشباب المناضل بما فيهم الرعيل الأول من أبناء الجهة حسب الوثائق التاريخة .

ولهذا فكر الجميع بمساعدة ملك ليبيا ادريس السنوسي بإنزال أول حمولة للسلاح بمواني ليبيا هذه الاخيرة التي كانت قادمة من القاهرة على متن يخت (فخر البحار) وأسندت هذه المهمة إلى احمد بن بلة والكلونيل الليبي عبد الحميد درنة وهذا في شهر فيفري من سنة 1954 لتموين القاعدة الشرقية نظرا للحصار المضروب على الغرب عامة ومغنية خاصة اشتداد رحى الثورة في الشرق الجزائري جعل الكثيرين في حيرة من أمرهم نظرا للإنزال العسكري بالحدود الغربية والاتفاقيات العسكرية بين اسرائيل وفرنسا وتداعياتها وأهدافها ذات البعد الجيو استراتيجي المستلزم لليقظة وتسليح القطاع الوهراني للتصدي لهذا الإنزال العسكري الفرنسي الكبير مما عجل من استدعاء قائد الولاية الخامسة العربي بن مهيدي إلى القاهرة لتقديم تقرير مفصل عن الوضع الذي لم يكن يمس بالجزائر فحسب وإنما بالأمة العربية ولهذا تمت تلبية مطالب الوفد الجزائري الخارجي وكلف بن مهيدي بقيادة ثورة قومية نيابة عن الأمة العربية وبالعودة للداخل. عرفت الجهة الغربي للبلاد تدفقا للسلاح لا مثيل له، ومباشرة بعد عودة العربي بن مهيدي أسس تنظيما سريا تحت تسمية شبكة تزيرين بقيادة نخبة من رجال الوفاء لاستهداف المنشئات العسكرية المذكورة وعقد مؤتمر مصغر تحضيرا لمؤتمر وطني لهيكلة الثورة والتنسيق مع العائدين من ثورة الهند الصينية .

التنظيم قام بعمليات جريئة منها الهجوم على ثكنة اصبابنة والتي اودت بأفراد ميليشيا إسرائيليين وكان منفذ العملية الشهيد حمايدية الطاهر المدعو سي الزوبير أما القائد المغوار بوزيدي محمد فقد فرض بقوة السلاح جمع الأموال من المعمرين وسي سابق محمد ولد حامد والمتمكن في مجال الاتصال نجح بمعية عناصر الشبكة من تمرير في ليلة واحدة كل العناصر التي كانت تؤمن الإقامة الجبرية لملك المغرب محمد الخامس ومن بينهم الشهيد بالحاجي يوسف الذي تحمل حاليا اسمه القاعدة البحرية للمرسى الكبير.

بعد مؤتمر الصومام تمت عملية تفويت الفرصة على المندسين الذي كانوا ينوون تقديم خدمة للعدو والتخلص من كل المشاركين ضنا منهم أن المؤتمر سينعقد بالغرب الجزائري وخاصة نسور المنطقة المذكورة أسماؤهم. والنية المبيتة ضد الجزائر عامة ولهذا عرفت المنطقة كرنولوجيا من النكبات بدءا بقرصنة الطائرة المقلة للوفد الخارجي والتي تسببت في غياب عناصرها من النشاط في مجال ارسال الاسلحة حسب البرنامج المتفق عليه مع بن مهيدي، ولم يبقى من هؤلاء سوى المجاهد القدير قديري حسين هذا الاخير الذي كان عنصرا فاعلا ومن النواة الاولى التي تركت بصمتها وحققت مجد الجزائر. زيادة على تسريب معلومات عن القائد المغوار بوزيدي محمد –عقب الليل- بأنه سيتولى قيادة الجنوب الغربي الجزائري، ولشدة خطورته على العدو الفرنسي حسب مذكرة البحث الخاصة به والمبلغ المغري المقدر ب 35 مليون فرنك فرنسي المقدم لمن يدلي بمكان وجوده كونه مجاهد على طريقة الخليفة البوحميدي لذا تعرض لاختراق أمني ونال على أثره الشهادة بنفس الطريقة التي استهدفت بها قامات الرجال من ميدان المعركة وتسمح ببناء بيت العنكبوت الصهيونية والرسالة المشفرة التي وجهت إلى عائلته وما تحتويه لخير دليل على اليد الطويلة التي لازالت تتحرش بالجزائر ليومنا هذا وتحلم بثلث فطرها . هذا القائد كان بمثابة حجر الزاوية وبمجرد سقوطه بدأت تتهاوى الأسوار وألقي القبض على منظر الثورة العالم سي بوعزة ميمون لما كان عائدا من مهمة قادته إلى مركز القيادة بعين غرابة بلدية سبدو المختلطة ولم يبقى من رجال العربي بن مهيدي إلا القيل من بينهم رجل الاتصال الخاص به الشهيد بلا قبر سابق محمد ولد حامد. هذا الأخير الذي نصحه بطرق باب الائتمان الزمني لمواصلة الجهاد وتأسيس شبكة القنابل بالعاصمة الادارية والتي أعد لها العدة من تلمسان بعملية صنع مخزون هائل من المتفجرات وتخزينها بمرآب الشهيد منير الذيب بحي أقادير بتلمسان هذا الاخير الذي انتزعت قرنية عينه من جراء التعذيب لمعرفة وجهة هذه المتفجرات تزامنا مع عمليات إتزال لفرق التنين وعصابات الإرقون بالقردة والكلاب المروضة في مجال التعذيب النفسي.

وجمع الشعب بالمحتشدات وتطبيق سياسة الأرض المحروقة على طريقة القسطابو وبناء خط شال الصهيوني الجهنمي حتى كادت الحياة تنعدم واستئساد الخونة بتنمرهم على الضعفاء الذين فقدوا خيرة أبنائهم جراء تكالب الحلمين بثلث القطر الجزائري بعد اسقاط الشهيد العربي بن مهيدي وإلحاقه بركب الشهداء. توالت عمليات الانتقام لروحه الطاهرة والتي دفعت بالثورة قدما وأجبرت فرنسا على التفاوض مع الحكومة المؤقتة حتى سنة 1960 جاء موعد جولة المطابخ بتاريخ 09 ديسمبر 1960 والتي أراد الجنرال ديقول من خلالها تكوين قوة ثالثة من طلبة مغنية بالعمل على غسل أدمغتهم وإقناعهم بالاحتكاك بخبرائه العسكريين ولكنهم بفضل اعتمادهم على ذاتهم واستقلالية قرارهم إما أن يكرموا أو يهانوا فضلوا التعامل مع هؤلاء الخبراء بدهاء خارق للاطلاع على نوياهم وساروا معهم فيه هذه الجولة واجتمعوا بهم في مساء نفس اليوم وتمكنوا من الحصول على التقرير السري المتعلق بالجولة وسربوه في نفس اليوم إلى قيادة المنطقة الأولى هذه الاخيرة التي انبهرت حسب شهادة قائدها سي الجيلالي عفان  بمحتوى التقرير السري هذا والذي لم يكن في الحسبان وعلى أثره اندلعت المظاهرات بتاريخ 11 ديسمبر من عين تموشنت اختيار هذه المدينة لم يكن بالصدفة بل لاعتبارات من اهمها هو تواجد أكبر عدد للطائفة اليهودية بالجزائر بهذه المدينة ونظرا لعلاقة ديقول باليهود واستراتيجيته لكسب ودهم، وبأمر من الجبهة واعتراف ديقول بهذه القوة الضاربة المتكونة من ثلة العربي بن مهيدي حيث كانت بمثابة حسن الختام ونصرا مبينا مما عرى الحالمين بثلث القطر الجزائري ممن عاثوا فسادا في الأرض ويوم عيد الاستقلال نفذوا اعمالا ارهابية بوهران خلفت 95 قتيلا ضنا منهم أن يجعلوها صورة طبق الأصل لسبتة ومليلية. وما كان على هؤلاء سوى ملء الأكياس بالتراب والرحيل بها إلى فرنسا ليسجوا اثناء وفاتهم بها على غرار الجنرال الثاني بالمنظمة الإرهابية OAS ايدموند جوهو- ابن قرية بوسفر. ولهذا ترك المجاهدون الذين كتبت لهم الحياة وصية بالاستعداد للجهاد الاكبر ردا على وصية الحاخام ريباش. ولهذا لم تكن جولة المطابخ هذه من العدم بسياقها المكاني لأنه سبق للمنظمة العالمية الصهيونية ان تقدمت بطلب الى الحاخام اندري شوراقيزعيم اليهود بعين تموشنت لتسهيل مهمة مبعوث صهيوني قادما من فلسطين في مهمة سرية تتعلق بالمصالح الصهيونية بالقطاع الوهراني والتي ترتبت عنها هذه الجولة بدهاء وميلاد المنظمة الارهابية الصهيونية OAS المدعمة من قبل عصابات الارقون بقيادة السفاحين مناحين بيقنو  بن قريون المعارضين لاستقلال الجزائر ومن بين الحالمين بدويلة بالقطاع الوهراني لبناء مشروعهم الصهيوني بالمغرب الكبير .

وللتذكير ان زعيم اليهود بعين تموشنت هذا اسمه موجود بكثرة بعقود الملكية العقارية. ولهذا لا استبعد ان هذه الورقة الديقولية وما تحمله من تداعيات واحقاد دفينة هي التي استنفرت اشبال مغنية مبكرا وسحبوا البساط من تحت أرجل هؤلاء الحالمين بثلث القطر الجزائري بعملهم البطولي هذا الذي يعد حسن الختام لثورة اجدادهم المجيدة شرقا وغربا ويستحقون من اجله كل الثناء وهم اولى بتشييد نصب تذكاري ليخلد حسن خاتمتهم هذه التي تعد من بين الرسائل المشفرة لأعداء الجزائر ومن تسول يده المساس بحرمتها.

الباحث: اونان عبد القادر النهاري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى